“هل أصيبت الحكومة بالجنون؟ هؤلاء مسلمون سيغتصبون بناتنا”، تعليق حظي بآلاف الإشادات على “نيفر”، كبرى بوابات الإنترنت في كوريا الجنوبية، ويعكس الموقف العام من اللاجئين اليمنيين -وعددهم 550 شخصا- الذين وصلوا إلى جزيرة جيجو بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار الماضيين.
وبهدف تعزيز السياحة، استفاد هؤلاء اليمنيون من إمكانية الوصول إلى جزيرة جيجو السياحية دون تأشيرة دخول، إلا أن هذا الباب أغلق سريعا احتواءً لموجهة الغضب في الشارع المحلي.
ورغم أن اليمن تمزقه الحرب، وتفتك به الأمراض، ويعاني حصارا قاسيا تفرضه عليه السعودية والإمارات، فإن ردود الفعل على وصول هؤلاء اللاجئين كانت في معظمها على غير المعتاد.
فقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن نحو نصف الكوريين الجنوبيين يعارضون قبول طالبي لجوء يمنيين، مقابل 39% من المؤيدين و12% لم يحسموا رأيهم.
ومن النماذج الرافضة لوجود اليمنيين بكوريا الجنوبية، الطالبة بارك سيو يونغ البالغة من العمر عشرين عاما والتي بررت موقفها في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية بالقول “سمعت أن لدى اليمن سجلا سيئا جدا في حقوق النساء.. وأخشى أن تصبح الجزيرة أكثر خطرا وأن ترتفع نسبة الجرائم”.
أما زميلتها هي هان أوي-مي فقد تساءلت “لماذا يعبرون كل هذه المسافة وصولا إلى كوريا فيما هناك دول مجاورة عدة؟”.
عدم الترحيب بهؤلاء اللاجئين اليمنيين لا يرجع إلى جنسيتهم، وإنما إلى الثقافة العامة في كوريا الجنوبية التي لم يعتد مواطنوها على وجود مهاجرين في مجتمعهم، إذ إن 4% فقط من السكان أجانب، غالبيتهم من الصين وجنوبي شرقي آسيا.
السخرية علنا
ويعيش مجتمع كوريا الجنوبية غير المعتاد على الاختلاط موجة غير مسبوقة من العداء للأجانب منذ وصول اللاجئين اليمنيين، مما يذكر بالمشاعر المعادية للمهاجرين التي تجتاح بعض بلدان أوروبا وأوصلت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ومن مظاهر هذا الرفض التمييزُ ضد الأجانب، فكثير منهم يتعرضون للسخرية علنا في وسائل النقل وينعتون بـ”الوسخين” و”كريهي الرائحة”، بل يصل الأمر حد منعهم من الدخول إلى مطاعم أنيقة أو مراحيض عامة.
وأظهر استطلاع حكومي عام 2015 أن 32% من الكوريين الجنوبيين لا يريدون أجنبيا جارا لهم، مما يتجاوز بكثير نسبة 14% في الولايات المتحدة و12.2% في الصين.
هذا المناخ العام دفع بمئات الكوريين الجنوبيين في سول للتظاهر الشهر الماضي، داعين السلطات إلى “طرد المهاجرين المزيفين”، في وقت وقع فيه قرابة 700 ألف شخص عريضة على الموقع الإلكتروني للرئاسة تدعو لتشديد قوانين هي في الأساس من أشد قوانين اللجوء في العالم.
“
صحيفة كيونغهينغ:
جميع الأحداث الأليمة في تاريخنا الحديث أجبرت عددا هائلا من الأشخاص على مغادرة البلاد رغما عن إرادتهم وتم الاعتماد على النوايا الحسنة لآخرين في دول أخرى
“
الواجب الأخلاقي
وجاء في العريضة “قد تكون أوروبا ارتكبت خطأ تاريخيا مع دول هي مستعمرات سابقة.. غير أنه ليس لدى كوريا الجنوبية مثل ذلك الواجب الأخلاقي”.
في المقابل، تدعو بعض الأصوات داخل المجتمع الكوري الجنوبي إلى تغيير الأسلوب المتبع في التعامل مع المهاجرين. وضمن هذا السياق، كتبت صحيفة كيونغهينغ اليسارية أن طريقة معاملتهم ستكون اختبارا رئيسيا لحقوق الإنسان في كوريا الجنوبية.
وقالت الصحيفة “جميع الأحداث الأليمة في تاريخنا الحديث أجبرت عددا هائلا من الأشخاص على مغادرة البلاد رغما عن إرادتهم وتم الاعتماد على النوايا الحسنة لآخرين في دول أخرى”.
وتشير الصحيفة بذلك إلى ملايين الأشخاص الذين فروا من شبه الجزيرة الكورية خلال الحكم الاستعماري الياباني لها بين 1910 و1945وأثناء الحرب الكورية في المدة بين 1950 و1953.
وفي سعيها لتغيير الاتجاه العام السائد في المجتمع، كتبت الصحيفة أن “احتضان هؤلاء اللاجئين فرصة لنا لتسديد ديننا للأسرة الدولية”.
المصدر : الفرنسية