الحديدة نيوز_علاء الدين الشلالي
ارتفعت في الآونة الاخيرة معدلات الطلاق في مختلف المناطق اليمنية إلى مستويات لافتة، حيث شهدت مختلف المحاكم المئات من قضايا الفسخ والخلع والتفريق لأسباب تتعلق في معظمها بالآثار الناتجة عن الحرب الجارية في البلاد.
ولذات الأسباب أيضًا وقعت الكثير من حالات الطلاق خارج أسوار تلك المحاكم، بحسب متضررين وقانونيين تحدثوا لـ”الترا صوت”، محذرين من تفاقم الظاهرة وتبعاتها المستقبلية على المجتمع اليمني
قصص طلاق
قبل نحو عامين تزوج الشاب سمير العمراني. ولأشهر عاش مع زوجته في منزل مستأجر في العاصمة صنعاء. غير أنه لم يقدر على مواصلة دفع الإيجارات المتراكمة عليه لثلاثة أشهر،الأمر الذي دفع بزوجته العودة إلى منزل والدها.
يقول سمير لـ”التراصوت”: “كنت أعمل حارس أمن لدى إحدى الشركات التجارية. وفي الأيام الأولى من زواجي تم إبلاغي بأن الشركة قد توقف نشاطها وأنها لن تتمكن من دفع رواتبنا، وأننا في إجازة مفتوحة”.
عاد سمير إلى منزل والده وطلب من زوجته أن تصبر عليه لحين الحصول على فرصة عمل جديد، فاستئجار شقة، لكن “أهل زوجتي رفضوا ذلك، وطلبوا مني تطليق ابنتهم، وهو ما حصل في الأخير للأسف بعد عدة جلسات في إحدى المحاكم بصنعاء”.
أما وداد الرداعي البالغة من العمر 27 عامًا، فقد كانت تعيش مع زوجها ونجلها دون أية مشكلات، في المنزل الذي يقطنونه بمحافظة البيضاء جنوب شرق صنعاء، وحين اندلعت اشتباكات مسلحة في المحافظة بين تنظيم القاعدة وقوات حكومية في عام 2015، اضطرت وداد ترك المدرسة الحكومية التي كانت تعمل فيها كمعلمة، وأخبرت زوجها أنها تنوي مغادرة البيضاء هي ونجلها إلى العاصمة صنعاء مع والديها للبحث عن الأمان.
لكن زوج وداد رفض النزوح معها، مفضلًا البقاء في المنزل الذي ورثه عن والده. تقول وداد: “بعد فترة خيرني زوجي بين العودة إلى منزلنا في البيضاء أو الطلاق، لكنني رفضت الانصياع له خوفًا على حياتي وحياة طفلي، خاصة بعد أن قتل شقيق زوجي في تلك المنطقة”، مضيفةً: “مرت أربعة أعوام على فراقنا، حتى بعث لي زوجي ورقة الطلاق مطلع هذا العام”.
عجز الزواج
تعزو المحامية ياسمين الهبري، ازدياد معدلات الطلاق في اليمن، إلى الحرب بشكل أساسي، فوفقًا لها: “الحرب فاقمت معدلات الفقر والنزوح، وتفشي البطالة وانعدام الأمن النفسي والاجتماعي”، وهي أسباب ودوافع معظم حالات الطلاق.
وتقول ياسمين لـ”الترا صوت”، إنه “لا يكاد يمر يوم دون أن ترفع قضية خلع أو مطالبة بالطلاق، سواءً من الزوج أو الزوجة، في المحاكم اليمنية، فالرجال لم يعودوا قادرين على تحمل الإنفاق المادي على زوجاتهم وأبنائهم”.
كذلك فإن انقطاع صرف الرواتب للموظفين الحكوميين، للعام الخامس على التوالي منذ اندلاع الحرب، فاقم المشكلة، إضافة إلى عدم انتظام صرف رواتب العاملين في القطاع الخاص. دفع هذا في الكثير من الحالات، إلى أن يسكن الأزواج مع والديهم أو إخوتهم، وأحيانًا مع أجدادهم؛ وهذا سبب آخر من أسباب الطلاق، كما تشير المحامية ياسمين الهبري.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، فقد زادت نسبة حالات الطلاق والفسخ في عدة مناطق يمنية، بأكثر من 50%. ووفقًا للإحصائيات السنوية التي تصدرها وزارة العدل اليمنية في كتابها الإحصائي التوثيقي، فإن عدد حالات الطلاق والفسخ الموثقة في محاكم العاصمة صنعاء وصلت إلى 1276 حالة خلال العام قبل الماضي، من أصل 3103 حالات وثقت في 13 محافظة يمنية من نفس العام، بزيادة 28 حالة عن إحصائية عام 2016، حيث قدرت حالات الطلاق في العاصمة حينها بـ1249 حالة طلاق.
تحذيرات
ويحذر متخصصون من تفاقم ظاهرة الطلاق التي يترتب عليها العديد من الآثار السلبية على المجتمع اليمني، حيث تتسبب بالعديد من المشاكل النفسية، والاجتماعية والصحية للأطفال الذين يعدون الأكثر تضررًا.
ولفتت القاضية أمال الدبعي، رئيسة منظمة تنمية المرأة، إلى أن المنظمات المحلية والدولية المعنية بالأسرة في اليمن “تغيب في برامجها المعالجات اللازمة لمشكلة تزايد حالات الطلاق خلال فترة النزاعات المسلحة التي يعاني منها اليمنيون اليوم”
.وتقول الدبعي لـ”التراصوت”: “لا شك أن النساء أكثر من يعاني من مشكلة الطلاق باعتبارهن الطرف الخاسر كما هو متعارف عليه. وفي حين أنه بإمكان البعض منهن تجاوز الآثار الناتجة عنه، يتعرض الأطفال بعد الطلاق غالبًا للضياع والتشرد إن لم يجدوا من يحتويهم”.
المصدر الترا صوت