3 دقائق للقراءة 575 كلمة
مرثية وطن أم مرثية ذات !!
بقلم / دنيا الأمل إسماعيل
في هذا الوطن ثمة جهود فردية تفوق جهود الدولة كما تفوق ضميرها الأخلاقي- إن وجد- وهي لذلك غالباً ما لا تحظى بالعناية المؤسسية من قبل الدولة، بل على العكس من ذلك ؛ كثيراً ما يتم تجاهلها أو محاربتها أو تأطيرها وإسباغها ثوباً لم تفصّله لذاتها. فهي جهود تحرج الدولة بشكلٍ أو بآخر ، حين تضع سلطتها (العظمى) أمام سلطة الفرد الواحد الضعيف، فتجدها أكثر قوة وسلطة .
والحق أن دولتنا المفترضة بشقيها، ليس من قبيل اهتمامها؛ بعض صغائر الأمور المتروكة للعامة وللحالمين بقيّم التغيير والعدالة، والحق أيضاً أنّ بعض الأحلام تشبه الكوارث، ليس فقط على أصحابها؛ بل أيضاً على المنتفعين من تشييع ( قيم) السكون الروحي والمعرفي والعملي، إنّه الأمان الذي يضع كل أحدٍ عند حدّه، فإنّ تجاوزه، أصبح السكون قلقاً غير مرغوب فيه، والحراك مرضٌ ينبغي العمل على شفائه، أمـّا المتمردون، فلا مناص أمامهم سوى دق رؤؤسهم في حوائط الشوارع، أو الانغلاق على ذاتٍ موجوعة، مكبّلة بالصمت والشعور العارم بالقهر.
ثمة قراءات متعددة لهذا الوطن، قليلاً جداً ما تتمايز، فبعضنا يشبه كثيراً بعضنا، الإسلاميون والعلمانيون؛ التنويريون والسلفيون، جوهرنا الخَرِّب واحد، وكلنا يلغي كلنا، وثمة أقنعة يتسارع نموها بين ظهرانينا وعلى وجوهنا ونحتفي بها كصنيعةٍ لا محل لها من العناية والاهتمام إلاّ عندنا. أكاد أجزم -وجزمي ليس ديناً ولا أيديولوجيا ذاتية- أنّ جسد الوطن المريض غاية أمانينا، واستبقائه على هذه الحال هو الثابت الوطني الوحيد، إنها ( نفعيتنا الوطنية) التي لا نريد الاعتراف بها فما اعترف أحد إلاّ وخسر، وما تقنّع آخر إلاّ وربح ، ولا مفاضلة بين الربح والخسارة حين نصل إليهما؛ أمّا النضال معهما أو ضدهما فكان يجب أن يكون سابقاً، أمّا اللاحق فلا وجود له، وغير معترف به
في هذا الوطن؛ أشياء كثيرة تشبه الموت وتدل عليه، فهو وطن للموت لا للحياة ووطن للمحو؛ لا للكتابة؛ وطن يعرف جيداً كيف يأكل أبناءه، ومن أين تقتنص المكاسب. أبرز ما في هذا الوطن غيابه وقدرة مغّيبيه على التجمّل وعلى (الترّجل) وأسوأ ما فيه أنه استطاع أن يجعلنا نكرهه ونحن بين يديه، ننشد أوطاناً أخرى تشبه أحلامنا وقيمنا، لا تغضّ الطرف عن نواقصنا من أجل استكمال كمالها واستنفاعها بهذا النقص.
في كل صباح مر، ينهض الوطن على أوجاعٍ متجددة، مبعوثة من كوامنها؛ في شخصيتنا التي تغّنينا بها كثيراً، يخوض غمار حربه الصامتة، فيخسر، يلعن الظلم فيظُلم أكثر، يشدّ عنان الفضيلة من أثوابها فتتعرى أكثر وفي المساء ينام على أمنياته المسلوبة وآماله التي يشتد حصارها المطلوب، فلا ينهض إلاّ على خراب جديد ومرارةٍ توصف بالصمود والبطولة، فلا غيرهما أكثر كسباً للمال واستدراجاً لسذاجةِ الشعوب المغلوبة حيناً والمدفوعةِ الأجر أحياناً أخرى.
في وطني، أًصوات الوطن غائبة، وأصوات السياسة والمال والامتيازات والإقصاءات والتحالفات والاسترزاق الحزبي هي الأكثر إشراقاً والأنفع لنا ولأولادنا ، فعلّموا أولادكم كيف يكذبون وكيف يسرقون وكيف يتحايلون وكيف يتلّونون وكيف يتسّلقون؛ حتى يستطيعون العيش بيننا فهم منا ويدّلون علينا
وفي وطني؛ القلم عميل والحق سليط والجرأة وقاحة والصمت بلاغة والحزب دين والمواطن أجير . ونحن جميعاً غير معنيين؛ فما قيمة الصوت الفردي في فوضى الأصوات النشاز التي تلقى آذاناً صاغية وتطرب لما تسمع.
إنه العزف المنفرد على أوتارٍ جماعية، قد تطرب يوماً لعزفه، أو تلقي به في مهاوي الردى.
ليس وطني وفي إدعاء بعضهم صحة، إنه وطن القادرين ولستُ بقادرة ووطن الصامدين ولستُ بصامدة ووطن الصامتين وبيني وبين الصمت علاقةُ جفاءٍ أحبها.
إنه وطني
لكن… مكرهٌ أخاك، لا بطل
بقلم / دنيا الأمل إسماعيل
في هذا الوطن ثمة جهود فردية تفوق جهود الدولة كما تفوق ضميرها الأخلاقي- إن وجد- وهي لذلك غالباً ما لا تحظى بالعناية المؤسسية من قبل الدولة، بل على العكس من ذلك ؛ كثيراً ما يتم تجاهلها أو محاربتها أو تأطيرها وإسباغها ثوباً لم تفصّله لذاتها. فهي جهود تحرج الدولة بشكلٍ أو بآخر ، حين تضع سلطتها (العظمى) أمام سلطة الفرد الواحد الضعيف، فتجدها أكثر قوة وسلطة .
والحق أن دولتنا المفترضة بشقيها، ليس من قبيل اهتمامها؛ بعض صغائر الأمور المتروكة للعامة وللحالمين بقيّم التغيير والعدالة، والحق أيضاً أنّ بعض الأحلام تشبه الكوارث، ليس فقط على أصحابها؛ بل أيضاً على المنتفعين من تشييع ( قيم) السكون الروحي والمعرفي والعملي، إنّه الأمان الذي يضع كل أحدٍ عند حدّه، فإنّ تجاوزه، أصبح السكون قلقاً غير مرغوب فيه، والحراك مرضٌ ينبغي العمل على شفائه، أمـّا المتمردون، فلا مناص أمامهم سوى دق رؤؤسهم في حوائط الشوارع، أو الانغلاق على ذاتٍ موجوعة، مكبّلة بالصمت والشعور العارم بالقهر.
ثمة قراءات متعددة لهذا الوطن، قليلاً جداً ما تتمايز، فبعضنا يشبه كثيراً بعضنا، الإسلاميون والعلمانيون؛ التنويريون والسلفيون، جوهرنا الخَرِّب واحد، وكلنا يلغي كلنا، وثمة أقنعة يتسارع نموها بين ظهرانينا وعلى وجوهنا ونحتفي بها كصنيعةٍ لا محل لها من العناية والاهتمام إلاّ عندنا. أكاد أجزم -وجزمي ليس ديناً ولا أيديولوجيا ذاتية- أنّ جسد الوطن المريض غاية أمانينا، واستبقائه على هذه الحال هو الثابت الوطني الوحيد، إنها ( نفعيتنا الوطنية) التي لا نريد الاعتراف بها فما اعترف أحد إلاّ وخسر، وما تقنّع آخر إلاّ وربح ، ولا مفاضلة بين الربح والخسارة حين نصل إليهما؛ أمّا النضال معهما أو ضدهما فكان يجب أن يكون سابقاً، أمّا اللاحق فلا وجود له، وغير معترف به
في هذا الوطن؛ أشياء كثيرة تشبه الموت وتدل عليه، فهو وطن للموت لا للحياة ووطن للمحو؛ لا للكتابة؛ وطن يعرف جيداً كيف يأكل أبناءه، ومن أين تقتنص المكاسب. أبرز ما في هذا الوطن غيابه وقدرة مغّيبيه على التجمّل وعلى (الترّجل) وأسوأ ما فيه أنه استطاع أن يجعلنا نكرهه ونحن بين يديه، ننشد أوطاناً أخرى تشبه أحلامنا وقيمنا، لا تغضّ الطرف عن نواقصنا من أجل استكمال كمالها واستنفاعها بهذا النقص.
في كل صباح مر، ينهض الوطن على أوجاعٍ متجددة، مبعوثة من كوامنها؛ في شخصيتنا التي تغّنينا بها كثيراً، يخوض غمار حربه الصامتة، فيخسر، يلعن الظلم فيظُلم أكثر، يشدّ عنان الفضيلة من أثوابها فتتعرى أكثر وفي المساء ينام على أمنياته المسلوبة وآماله التي يشتد حصارها المطلوب، فلا ينهض إلاّ على خراب جديد ومرارةٍ توصف بالصمود والبطولة، فلا غيرهما أكثر كسباً للمال واستدراجاً لسذاجةِ الشعوب المغلوبة حيناً والمدفوعةِ الأجر أحياناً أخرى.
في وطني، أًصوات الوطن غائبة، وأصوات السياسة والمال والامتيازات والإقصاءات والتحالفات والاسترزاق الحزبي هي الأكثر إشراقاً والأنفع لنا ولأولادنا ، فعلّموا أولادكم كيف يكذبون وكيف يسرقون وكيف يتحايلون وكيف يتلّونون وكيف يتسّلقون؛ حتى يستطيعون العيش بيننا فهم منا ويدّلون علينا
وفي وطني؛ القلم عميل والحق سليط والجرأة وقاحة والصمت بلاغة والحزب دين والمواطن أجير . ونحن جميعاً غير معنيين؛ فما قيمة الصوت الفردي في فوضى الأصوات النشاز التي تلقى آذاناً صاغية وتطرب لما تسمع.
إنه العزف المنفرد على أوتارٍ جماعية، قد تطرب يوماً لعزفه، أو تلقي به في مهاوي الردى.
ليس وطني وفي إدعاء بعضهم صحة، إنه وطن القادرين ولستُ بقادرة ووطن الصامدين ولستُ بصامدة ووطن الصامتين وبيني وبين الصمت علاقةُ جفاءٍ أحبها.
إنه وطني
لكن… مكرهٌ أخاك، لا بطل