مسجد الجن أبرز المعالم الأثرية في الدريهمي وهذه حكايته!!

‏  7 دقائق للقراءة        1320    كلمة

        

الجن

                                       مسجد الجن أبرز المعالم الأثرية في الدريهمي وهذه حكايته!!

                             { وادي رمان.. أشهر الأودية بزراعة أشجار النخيل وعددها يصل إلى مليون نخلة

 الحديدة نيوز- استطلاع -عرفات مكي

من منَّا لا يعشق جمال الطبيعة.. من منَّا لا يحب ان تظلله اشجار النخيل وهو في طريقه الى مديرية الدريهمي الجميلة التي تمتزج فيها الطبيعة الخضراء مع صفاء مياه البحر وقلوب ساكنيها الذين مازالوا يحافظون على طبيعة حياتهم الريفية الجميلة بعيداً عن ضوضاء المدن.. هي اقرب المديريات الى مركز محافظة الحديدة تبعد عنها بحوالي عشرين كيلو متراً بطريق ترابي غير مسفلت.

 

تقع مديرية الدريهمي جنوب محافظة الحديدة على الطريق الساحلي الدولي بمحاذاة البحر الاحمر، مناخها هو نفس مناخ محافظة الحديدة استوائي، شديد الحرارة صيفاً وتضم الدريهمي كثيراً من القرى والعزل اهمها عزلة الجحى السفلى والعليا وعزلة الزرانيق والمغالسة والمساعيد وبني موسى والمنافرة والمنقم والشجن واللاوية وغيرها.

النشأة والمؤسس:

تعتبر مدينة الدريهمي من اقدم المناطق نشأة، حيث يذكر المؤرخ عبدالرحمن بن عبدالله الحضرمي في كتابه «تهامة في التاريخ» الدريهمي قائلاً: اختطت الدريهمي على يد احمد بن يحيى بن ابراهيم بن محمد بن علي بن ابى بكر بن الاهدل المتوفى سنة 815 ه كما جاء في تحفة الدهر.. وبذلك يكون السيد احمد بن الاهدل اول من سكن الدريهمي في نهاية القرن التاسع الهجري  شمال شرق المدينة، وهي حالياً منطقة نائية لا يسكنها احد سوى ضريح المؤسس السيد احمد الذي يستخدم قبره حالياً مزاراً للتبرك به كما يعتقد بعض ابناء المديرية.

ويروي لنا السيد محمد عبده مفتي الدريهمي حالياً وأحد علمائها البارزين ان احد احفاد السيد المؤسس انتقل من شمال شرق المدينة متجهاً جنوباً نظراً لجفاف منطقة سكن جده، فتحول هو واخوانه الى جنوب المدينة حيث خصوبة التربة ومرور وادي رمان، ثم تبعه اهالي المنطقة وبنوا بجواره بيوتهم.. واصبحت المنطقة قرية عامرة فبنى السيد علي بن المقبول الاهدل اول مسجد في المدينة سنة 1011 ه والذي مازال عامراً بالصلاة الى يومنا هذا.

اسطورة مسجد الجن

تميزت مديرية الدريهمي بالعديد من المعالم الاثرية والقلاع التاريخية والمساجد القديمة التي يعود تاريخ بنائها الى مئات السنين ومازالت شامخة شموخ الجبال لتشهد على عراقة وحضارة الانسان اليمني منذ قديم الزمان، ومن هذه الآثار جامع علي بن المقبول «المسمى مسجد الجن» يعود تاريخ بناء هذا الجامع الى عام 1011ه على يد السيد علي بن المقبول وهو لا يزال موجوداً حتى الآن بقبابه التسع الموجودة.

يتداول الناس في الدريهمي اسطورة ان مسجد السيد علي بن المقبول اكمل بناءه الجن، واضافوا له الجزء الجنوبي من المسجد.. لكن الحقيقة تقول ان السيد علي بن المقبول بنى الجزء الشمالي من المسجد بقبابه الثلاث.. وبعد بناء السيد للمسجد بسنوات مرت جماعة من الهنود وهم في طريقهم للحج فارادوا ان يوسعوا في المسجد ويبنوا عدة قباب اخرى على حسابهم فرفض السيد بناء المسجد على نفقتهم واتفقوا في الاخير ان يشاركوه كعمال باجرة على ان يدفع لهم اجورهم آخر يوم من البناء.. وعندما اكملوا البناء رحلوا ليلاً قبل الفجر ولم يستلموا اجورهم وعندما اصبح الناس ولم يجدوا العمال الهنود فقالوا انهم جن فعرف بعد ذلك بمسجد الجن

 

النشاط السكاني

يشتغل سكان الدريهمي في اعمال كثيرة أهمها:

زراعة النخيل في وادي رمان. صناعة الحياكة التي مازال يمارسها الآباء منذ اكثر من 150 عاماً ومن اهم الانواع التي يتم صناعتها «اللحاف- المعاوز- المفارش».

الصيد وهي مهنة يمارسها ابناء المناطق الساحلية مثل النخيلة والطائف.

صناعة الحبال «الخوص» وتنتشر بصفة واسعة في المدينة او القرى التابعة لها مستخدمين في ذلك عسف النخل واوراق اشجار الدوم ويتم تسويقها في السوق الاسبوعي الذي يقام يوم الجمعة ويمارس هذه المهنة النساء اكثر من الرجال.

 النخيل1

 «وادي المليون نخلة

 يستنجد الجهات المعنية لتخليصه من الكثبان الرملية التي تزحف اتجاهه ويعتبر وادي رمان من اشهر الاودية الزراعية الموجودة في الدريهمي، ويشتهر هذا الوادي بزراعة اشجار النخيل التي بلغ عددها ما يقارب المليون نخلة حسب الاحصاءات الاخيرة اضافة الى زراعة الليمون ، المانجو، الموز، الحبحب، الطماطم، والعديد من انواع الخضروات والفواكه التي تزرع في هذا الوادي.

ان وادي رمان يعتبر مصدراً رئيسياً لدخل الكثير من الاسر في الدريهمي فهو يوفر فرص عمل كثيرة خصوصاً ايام حصاد التمور المتعددة الاصناف والتي يصل عددها الى اثنى عشر صنفاً ومن اهمها :«الخضاري، الطبقي، اللبان، العشبة، المناصف «الثعل» وهذا الصنف اكثر الاصناف انتشاراً اضافة الى صنف العجواء، وهو من اجود الانواع الا انه لا يوجد بكثرة ويبدأ حصاد التمور في شهر يونيو من كل سنة، وينتهي في شهر اغسطس وعندما يقترب نهاية الحصاد يقام مهرجان كل عام يسمى مهرجان«الخُمس».

 

مهرجان الخُمس

ان هذا المهرجان يقام سنوياً بمناسبة انتهاء موسم الحصاد ويتخلل هذا المهرجان العديد من الفعاليات والانشطة وعرض للرقص الشعبي، ومن اهم هذه الانشطة انواع السباقات المختلفة كسباق الهجن وسباق الخيول وسباق القفز على الجمال، والتي يجيدها ابناء الدريهمي، فقد قفز احد المتسابقين العام الماضي من على ستة جمال تقف جنب بعضها بعضاً ويحضر هذا المهرجان اكثر من عشرين الف سنوياً، إلا ان ابناء هذا الوادي يصرون ايضاً على مساعدة المجلس في التنظيم والاعداد للمهرجان. ولكنني حسبما رأيت هذا الوادي فهو بحاجة الى الاهتمام من الجهات المسؤولة لأن الكثير من اشجار النخيل تساقط و ناهيك عن الزحف الصحراوي الذي يهدد هذا الوادي نتمنى من الجهات المعنية النظر الى هذا الوادي الجميل.

 

العلم والعلماء في الدريهمي

انجبت مدينة الدريهمي كثيراً من العلماء منذ نشأتها، لكنه لا يعرف لكثير منهم مؤلفات الا القليل لعلماء متأخرين، وكانوا يكثفون بالعمل في علمهم ونشره دون تدوينه.. ان مدينة الدريهمي فعلاً انجبت علماء كبار انتشر علمهم في سائر الوطن منذ قديم الزمان، والبعض منهم سافر ليدرس في مدينة زبيد امثال القاضي والسيد احمد بن محمد الذي عينوه الاتراك حاكماً في منطقة الجبي، وكذلك العلامة علي بن يحيى القاضي ولقب بالمفتي والسيد العلامة احمد بن فاشق، وكل هؤلاء العلماء كانوا اول العلماء في الدريهمي منذ قديم الزمان، بعد ذلك جاء علماء آخرون انتشر علمهم في كل مكان ومازال بعضهم على قيد الحياة يأتي اليه طلاب العلم من كل مكان انه السيد العلامة محمد عبده مفتي، عالم ليس في المجال الديني فقط وانما له باع في الفلك ايضاً وله العديد من الكتب في النحو والمواريث تتخذها بعض الكليات منهجاً دراسياً لها.

وايضاً من العلماء الذين مازال اسمهم وعلمهم منتشراً في كل مكان ويعتبر هو المعلم الاول لكل العلماء في الدريهمي هو السيد العلامة يحيى بن عمر الضرير -رحمه الله- فقد ابويه وبصره وهو صغير  واهتم بحفظ القرآن وحفظ المصحف تلاوة واداء وتجويداً في مدة وجيزة، وسمي بالضرير لأنه فقد بصره وله عدة مؤلفات مشهورة أهمها: المقاصد النحوية شرح الانمراطية في النحو، نور العيون قراءة نافع برواية ورش وقالون، وله عدة رسائل وكتب مخطوطة لم تطبع نظراً لعدم وجود تكلفة الطباعة.

والف اشهر قصيدة جمع فيها اسماء سور القرآن يقول في مطلعها:

ربي بفاتحة الكتاب من الردى    

 والناس والفلق احمنا واقضى الوطر

وبسورة الاخلاص دمر من بغى

تبت يدا كيد اورام الضرر

وتلقى على يده العديد من الفقهاء والعلماء والادباء امثال الشيخ عبدالله ابراهيم الضحوي، الشيخ هبة الله علي شريم، حسن مقبول الاهدل، الشيخ محمد يحيى بن عمر الضرير، والفقيه يحيى ابراهيم الضحوي، وكلهم من ابناء الدريهمي. ومازال ابنه السيد محمد يحيى بن عمر الضرير يواصل مسيرة والده في العلم ويعلم الشباب في المديرية باقامة دروس في المسجد.

عن arafat

شاهد أيضاً

“اليمن : قصة مأساوية لحياة الطفولة المهدورة وجرائم العنف القاتلة”

‏‏  3 دقائق للقراءة        550    كلمة الحديدة نيوز // اشراق الصبري صنعاء – اليمن  في بلد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *