يعيد عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني التأكيد على كون الأردن هو الحامي الاساسي للقضية الفلسطينية عبر استئنافه القوي للعلاقات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإعلانه لزيارته القادمة لـ “رام الله” خلال الاسبوع المقبل، وهو الامر الذي يؤكد لعدة أطراف ولاية عمان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
قبل ذلك كانت الرسائل الاردنية واضحة جدا في السياق، فملك الاردن تحدّث عن ذات القضية في اجتماعه مع الصحفيين قبل ايام، وهي قضية يصرّ كما يفعل الوزراء ايضا على فصلها عن الازمة الدبلوماسية مع الاسرائيليين فيما يتعلق بأحداث السفارة الاسرائيلية في عمان.
بالنسبة لعمان فقضية الفلسطينيين التي تجاوزت اليوم قصة المقدّسات وصولا لانهاء الانقسام والتوحد الفلسطيني، لا يمكن لها ان تكون الا بالتوافق مع عمان، وهنا يمكن للمحللين اعادة التذكير مرارا وتكرارا بسيناريو الكونفدرالية كما يحصل عمليا ومنذ عودة العلاقات الاردنية الفلسطينية للقوة التي هي فيها اليوم.
فتح القنوات وبصورة كبيرة مع الفلسطينيين يرسل رسالة أردنية للاخيرين بتجاوز مرحلة التلاوم والتشكيك، وهذه المرة بإرادة ملكية واضحة من الجانب الاردني، وعلى اساس ان عمان هي الملجأ الأقوى للقضية الفلسطينية دوما.
طبعا قنوات خلفية عدّة وتقييمات اردنية كثيرة لا تزال موجودة وتتحدث بصراحة عن كون السلطة الفلسطينية قد تخفي سطرا من حواراتها مع الاسرائيليين او قد تخذل الاردن باتفاق غير منسّق، كلّها تم التقليل من شأنها، إذا ما تم النظر على الرسالة التي تحملها زيارة عاهل الاردن لرام الله الاثنين المقبل والتي تعدّ الاولى من نوعها خلال السنوات الخمس الاخيرة.
حتى اللحظة لم يتم الاعلان عن التفاصيل للزيارة، وحتى الزيارة ذاتها فقد اعلنت عنها “مصادر فلسطينية” وليست أردنية بمعنى ان السلطة الفلسطينية تدرك جيدا أهمية زيارة من هذا النوع ومن الملك تحديدا.
عمان وفي هذا التوقيت تجد نفسها في موقع تحتاج فيه لجمع أوراقها، خصوصا مع تطور الازمة الدبلوماسية بينها وبين الاسرائيليين، ومن هنا تجد ان التنسيق مع الجانب الفلسطيني هو وحده ما قد يساهم في تطوير الموقف الاردني في مواجهة اولا الانتهاكات الاسرائيلية المتتالية للمقدسات التي هي اساسا تحت الوصاية الاردنية، وثانيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام.
يأتي ذلك في ضوء تقييم أردني واضح بكون الاسرائيليين “يزيدون عيار الغطرسة” بما لا يتناسب مع اي دبلوماسية ناعمة تعاملت عمان وفقها في المراحل السابقة، وهذا أحد الاسباب التي تجعل الاردن اليوم يخشى “غدرا” في مفاوضات السلام التي من المفترض استئنافها قريبا وفق التفاهمات الملكية مع الادارة الامريكية للرئيس دونالد ترامب.
طبعا بالاثناء، يطمئن الملك عبد الله الثاني على صحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي لا يمكن اغفال الاهتمام الاسرائيلي فيها من جهة والاهتمام الفلسطينية من جهة ثانية، وهو امر ايضا يحب الاردن ان يعاينه على الارض خصوصا مع الاستماع لاخر المستجدات الفصائلية في الساحة الفلسطينية.
من جانب ثانٍ تتحسب عمان لاي اتصالات “غير منسقة” بين الاسرائيليين و”الاخوة العرب” وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، والتي بدأت تتحدث علانية عن كونها تجري اتصالات مختلفة في سياق قضية القدس، وهو الذي يذكر طبعا بالمبادرة السعودية المفترضة التي كانت على وشك الاشهار في القمة العربية الاخيرة التي انعقدت في عمان، والتي تضمنت تساهلا في قضية المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية.
بكل الاحوال، جمع عمان للاوراق المختلفة لها مع الاسرائيليين في هذا التوقيت، لا تقف عند مقتضيات القضية الفلسطينية وعملية السلام وتداعياتها، كما طبعا لا تفعل بالحديث عن الوصاية الهاشمية على المقدسات هناك والتي اعاد تكريسها الملك عبد لله الثاني عبر تبرع مباشر بمليون دينار قبل ايام، ولكنها تتعدى ذلك وصولا للتنسيق على الجبهة الجنوبية في سوريا من جهة، والضغط بالقانون الدولي على الاسرائيليين من جهة ثانية.