نازحو الحديدة
أسرة نازحة تقف امام عفش منزلها بعد نزوحها من الحديدة

نازحوا الحديدة …عندما تجبرك المعاناة على الانتحار

‏  4 دقائق للقراءة        789    كلمة

الحديدة نيوز / نجلاء علي

جل ما كانت تحلم به هو منزل صغير والعيش بسلام مع شريك العمر ،والتأسيس معاً لأسرة مفعمة بالحب والتفاهم ، لكن هذا الحلم بداء بالتلاشي تدريجياً ، منذ ذلك اليوم الذي وجدت نفسها مضطرة لمرافقة أسرتها التي قررت النزوح من منزلها بمدينة الحديدة ،التي استعرت فيها المواجهات والتوجه الى العاصمة صنعاء بحثاً عن الأمان .

فاطمة ذات العشرين عاماً العروس التي قدمت نازحة، قبل نحو عامين من مدينة (الحديدة)عروس البحر الأحمر، بالرغم أنه لم يمض على زواجها سوى بضعة أشهر ، إلا أن زوجها وأسرتها وجدوها جثة هامدة، انتحرت شنقاً في غرفة نومها ببيتها الكائن بمنطقة نقم شرقي العاصمة صنعاء .

انتحار هذه الفتاة النازحة أعادت الى الواجهة مجدداً، المعاناة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها عشرات الألاف من نازحي مدينة الحديدة في العاصمة ،و وفقا لتقرير صادر في تاريخ 15 يناير 2019 عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، نزح من الحديدة بين حزيران/يونيو 2018 و15 كانون الثاني/يناير أكثر من مليون شخص.

وذكر التقرير أن من إجمالي هذا الرقم، تسجل 659 ألف و300 شخص في أربع محافظات هي حجة والمحويت وريمة والحديدة. وقد لجأوا الى اماكن اكثر اماناً في حجة والمحويت وذمار واب وعدن وعدد من المحافظات الاخرى ، لكن غالبيتهم اتجهوا صوب العاصمة صنعاء التي باتت تعج بمئات الالاف من النازحين،  ليس من الحديدة فقط ولكن من مختلف محافظات البلاد.

النازحين من الحديدة
أسرة نازحة تنصب خيمة على قارة الطريق في صنعاء

في عام 2018 غادرت  فاطمة  منزل أسرتها في منطقة غليل بالحديدة  ، وتوجهت الى العاصمة هرباً من ويلات الحرب الضروس هناك ،والتي باتت تدور رحاها على تخوم المدينة ، وقبل نحو سبعة أشهر تم تزويجها لاحد الجيران، وهو نازح مع أسرته أيضا من الحديدة ،ولان الأسرتين تعيشان أوضاعاً اقتصادية صعبة ، وفقاً لتأكيدات مقربين من أسرة العروس الراحلة ، فقد انعكس ذلك سلباً على الحياة الزوجية للعروسين ، وحفلت حياتهما القصيرة بكثير من المعاناة لتنتهي  بصورة مأساوية تمثلت في انتحارها ، فقامت بلف عنقها بحبل المشنقة لتلفظ أنفاسها الأخيرة.

معاناة متعددة

تتعدد معاناة النازحين في صنعاء مع غلاء اسعار المواد الغذائية ، وكذلك ارتفاع اسعار بيوت الايجار، بحوالي الضعف عن ما كانت عليه قبل موجة النزوح الأخيرة، مما دفع كثير من العائلات الى العودة الى مناطقهم الواقعة في مناطق قريبة من مواقع المواجهات ، مثل حي الربصة ، وحي 7 يوليو .

ويقول طلال ابو عزام وهو نازح من الحديدة ،بان النازحين في صنعاء وجدوا انفسهم امام خيارين احلاهما مر ، وهما الموت بالقذائف والصواريخ في الحديدة التي لازالت تسقط بين حين وآخر على منازل المواطنين ،   او الموت جوعاً وبرداً في صنعاء،  لذلك فضل العديد منهم العودة الى الديار وتسليم الامر لخالق السماء .

أما فتحي أحمد نازح من أبناء الحديدة يقول لموقع الحديدة نيوز: ” الكثير من النازحين يعانون كثيراً، وخصوصاً الاسر التي لم يجد أولياء امورهم أو ابناءهم  فرص عمل ، تعينهم على توفير احتياجاتهم المعيشية كالغذاء والماء والدواء وسداد الايجار ، الأسعار مرتفعة جداً هنا ولا نستطيع شراء كل احتياجاتنا.

مساعدات

أسهمت أنشطة وبرامج المنظمات المحلية و الدولية ، الى حد ما في تخفيف معاناة النازحين بصنعاء وخاصة نازحي الحديدة،  حيث بات غالبيتهم يستفيدون من مساعدات برنامج الغذاء العالمي ،من خلال اعتماد سلة غذاء تصرف لكل اسره ، غير ان اعلان الامم المتحدة مؤخراً بوقف غالبية برامجها الإنسانية في اليمن بسبب غياب التمويل اللازم ، أثار مخاوف كبيرة في اوساط هؤلاء النازحين ، الذين  تؤمن لهم هذه المساعدات احتياجهم من الغذاء بنسبة 50% ،حيث أصبح  شبح المجاعة يهدد حياتهم في حال توقف صرف هذه السلة الغذائية،  والتي لاشك ستكون بمثابة الكارثة الحقيقية بالنسبة لهم.

توزيع المساعدات للنازحين
نازح بعد استلامه معونات غذائية

حلم العودة

تحلم الأسر النازحة من أبناء الحديدة بالعودة الى منازلهم ، وتنتظر بفارغ الصبر انتهاء الحرب على اليمن ، وتعد أسرة محمد عبدالله واحدة من تلك الاسر ،التي تتمنى أن تعود الى منزلها الواقع بمديرية الدريهمي ، لكن لازالت منازلهم معرضة للخطر ، ولهذا فهي لا تستطيع العودة حالياً ، وتقول في حديثها لموقع الحديدة نيوز: ” أصبحت العودة الى منزلنا مجرد حلم ،اننا نشتاق الى مدينتنا وديارنا التي تركناها في أغسطس من العام 2019 ، ندعوا الله كل يوم ان تنتهي الحرب وينعم اليمن بالأمن والأمان والسلام .

في الاخير تبقى حادثة انتحار النازحة العروس فاطمة بصنعاء، والتي لايزال يحيط بها الكثير من الغموض والملابسات شاهد حي على تعقيدات المعاناة اليومية المتفاقمة،  وتداعياتها الكارثية على حياة النازحين في صنعاء ،وعلى وجه الخصوص اولئك القادمين من مناطق الحديدة.

عن Admin

شاهد أيضاً

المحامي أسامة السقاف ينال درجة الدكتوراه من جامعة صنعاء

‏‏  1 دقيقة للقراءة        184    كلمة الحديدة نيوز / قــــسم الأخــــبار  توج المحامي والباحث أسامة محمد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *