أصبحت سهام شاذلي النازحة من مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، برفقة أولادها الأربعة، فريسة للمرض والتسول والجوع في محافظة لحج جنوب اليمن.
نزحت سهام من الحرب الدائر في محافظة الحديدة بين حركة «أنصار الله»، وقوات الحكومة «الشرعية»، إلى محافظة لحج، لتجد نفسها في حرب أخرى مع الجوع والمرض.
تستهل سهام شاذلي حديثها مع «العربي» بالقول: «نزحنا من الحرب والجوع الذي نعاني منه في مدينة الحديدة، من أجل أن نأكل وننجوا من الحرب، ولكن للأسف وجدنا أنفسنا نعاني من الجوع هنا أيضاً، وعرضة للأمراض، والرصاص الراجع».
تأكل سهام وأولادها الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و10 سنوات وجبة واحدة في اليوم، وإن حالفهم الحظ في بعض الأيام وجبتان أو ثلاث.
وتضيف سهام «للعربي»، أنهم «يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، لا يوجد لديهم ماء أو طعام نظيف»، مؤكدةً أن الطعام الذي يحصلون عليه من بعض فاعلي الخير يسبب لهم أحيانا إسهالاً شديداً، وحين يذهبون للعيادة التابعة للمخيم يكتشفون أنهم مصابون بتسمم غذائي».
وعلى الرغم من نزوح الكثير من سكان مدينة الحديدة إلى المناطق «المحررة والخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية»، إلا أنهم لا يحصلون على الخدمات الأساسية.
يقطن 3 آلاف نازح في مخيم «الرباط» بمحافظة لحج جنوب اليمن. وبجانب المخيم الذي أنشأته مؤسسة «الشوكاني» الخيرية، توجد عيادة مصغرة تسعى لتخفيف المرضى عن النازحين. ويتردد على العيادة ما بين 100 الى 200 مريض يومياً يعانون من الصداع والحمى والإسهال وسوء التغذية، كما تتردد على العيادة العديد من النساء الحوامل.
ويعود الجميع من العيادة بخفي حنين، إما للغياب الدائم والمتكرر للمسؤول عن العيادة أو لعدم توفر الأدوية. وتؤكد سهام «للعربي»، «غياب مسؤول العيادة أكثر من حضوره، وإن حضر يستقبل 10 حالات، ومن ثم يعلن انتهاء دوامه».
التسول لكسب لقمة العيش
لجأت الكثير من النساء اللواتي يعشن بمخيم الرباط للخروج إلى الشارع للبحث عن أي مساعدات من المارة.
أم صالح ذات الـ 43 عامًا، إحدى النساء اللواتي خرجن من المخيم، تقول في حديث إلى «العربي»: «لم أطلب أو أتسول من أحد أي شيء منذ نعومة أظافري، ولا أريد أن أتسول من أحد، لكن الظروف هي من دفعتني إلى حافة التسول والسير بين الشوارع للبحث عن لقمة عيش نظيفة أقدمها لأولادي».
وتتابع أم صالح: «حاولت أن أبحث عن عمل آخر في المنازل، ولكني للأسف لم أحصل على شيء. لا أستطيع النظر في أولادي وهم يموتون جوعا أمام عيوني»
تحرش جنسي
الثلاثينة نهلة قاسم، كانت محظوظة بحصولها على عمل في إحدى المنازل، ولكن بعد مباشرتها للعمل تعرضت للتحرش الجنسي من قبل صاحب العمل، الأمر الذي دفعها للخروج منه.
وتقول نهلة في حديث إلى «العربي»: «كنت أعمل منظفة في أحد المنازل من أجل أن أوفر لأولادي ما يحتاجونه من الغذاء والدواء، ولكن فور تعرضي للتحرش فضلت البقاء بجانبهم والحافظ على شرفي».
وتضيف نهلة انه «حتى في الشارع العام لم تنجو من التحرش»، مستطردةً: «قلما نجد أناس يحترموننا ويراعون ظروفنا».
وليست نهلة وحدها من تتعرض للتحرش الجنسي من قبل بعض ضعفاء النفوس، بل الكثير من النازحات يتعرضن أيضاً للتحرش.
حلم العودة
الكثير من النازحين الهاربين من جحيم الحرب التي باتت تأكل الأخضر واليابس، يحلمون بالعودة إلى ديارهم ومدنهم.
وتختم النازحات حديثهن مع «العربي» بتلك الأمنيات: «نريد العودة إلى منازلنا في الحديدة، إلى حياتنا السابقة التي كنا نعيشها قبل الحرب. نريد أن يحل السلام في كافة المدن اليمنية».
حال سكان مخيم «الرباط» لا يختلف عن حال بقية النازحين الهاربين من جحيم الحرب في الحديدة إلى محافظتي عدن ولحج، إذ يعاني أكثر من 47 ألف نازح في هاتين المحافظتين والمدن الأخرى من غياب سبل كسب الرزق والخدمات الاجتماعية والصحية الأساسية، فضلاً عن انعدام الأمن الغذائي