نازحي الحديدة بين عجزهم عن توفير تكاليف السكن وتجاهل المنظمات لمعاناتهم
الحديدة نيوز – الحديدة – عمر هائل
تندب أم محمد حظها السيء منذ بداية الحرب في اليمن نتيحة للاوضاع الصعبة التي رافقتها منذ نزوحها الى عدن مع بداية أشتداد المعارك وأقترابها من المدينة “كنا نسمع القصف قريب منا ونصرخ ونتضرع الى الله أن يجنبنا القصف” هكذا تختصر ام محمد أحداث عاشتها المدينة في فترة هي الاصعب في حياتها..
ضرب الموانئ والمطارات جعلت الحديدة الجحيم الذي لايطاق نتيجة إنقطاع الكهرباء وارتفاع الاسعار وعدم مقدرتها على توفير الآحتياجات اليومية ل6 من بناتها وقتراب القصف أفقدها صوابها في إنزال اللعنات على المتسببن بالحرب، حيث تسكن ام محمد في حي الشهداء الذي يعد من أفقر الاحياء السكنية من حيث البنية التحتية وانقطاع الماء منذ فترة ما قبل الحرب .
لم تكن تعلم انها ستعاني من حرمانها المساعدات المقدمة من المنظمات الإغاثية وضلت تنتظر حتى بداية الجولة الثانية من حرب إقتحام المدينة من العام 2018م بإقتراب فواهات المدافع بتجاه المدينة وتبقى منفذ واحد بتجاه خط الشام للخروج فكرت لاكثر مرة لكنها لا تمتلك المال الكافي لسفر 6 من بناتها لم تستطيع التحمل مع مغادرة جيرانها من الحي فقررت السفر واعطت سائق (البيجوت) خاتم بقيمة (40000 أربعون الف ريال) وتلقت حواله من ابنها ب50000 الف ريال وتبقي لديها عشرة الف مصاريف تنقل بتجاه عدن وصلت عدن تاركة خلفها معاناة لم تعرفها تهامة منذ زمن بعيد توقفت الحياة في نظرها منذ الطلقة الاولى للمدافع واستهداف الاحياء السكنية والتمركز فيها ..
عدن لم تكن بالنسبة لام محمد سوى جزء من تفاصيل معاناتها حيث استمرت ل6 اشهر تصارع عوامل البقاء حتى انتهى بها المطاف السفر الى مدينة تعز والاسقرار في منزل بالقرب من جامعة تعز ” لم تكن عدن آمنة لنا وخفنا كثيرا كنا نعيش في حي (الفيوش) لا منظمات إغاثية ولا أحد التفت لنا عانيننا الكثير وانتقلنا الى تعز حتى اليوم لا وجود للمنظمات لتقديم المساعدات” تحدثت أم محمد بهذه الكلمات والحسرة تختلجها نادبة حظها السيء مع منظمات تعلن تقديم المساعدات للنازحين بينما في الواقع هناك الكثير من النازحين في المدينة لا تشملهم كشوفات المنظمات الإغاثية فمديريات ريف تعز كالمواسط والشمايتين والمعافر ناهيك عن مديريات في المدينة كالمظفر والقاهرة والتعزية عشرات الاسر النازحة تم رصدها ولم تقدم لهم اي مساعدة 40%من إجمالي الاسر النازحة الى ريف تعز لم يتلقين اي مساعدة حسب افادات بعض الاسر التي تم رصدها منذ 2015 حتى 2018م وعادت بتجاه الحديدة مه حلول عام 2019م
انتقلت ام محمد الى شقة اخر بأقل تكلفة مقارنة بالسابق حيث كان إيجار الشقة (50 الف ريال) بينم الشقة الاخرى بايجار(30 الف ريال) بالشهر ،حيث يعمل ولدها محمد سائق لباص داخل شوارع المدينة بينما بناتها توقفن عن الدراسة خلال العام 2018م نتيجة لظروف النزوح ، فكرت كثيراً في العودة الى الحديدة قائلة “الحديدة شعيش فيها بالحاصل ومستورة الحال هنا الحياة صعبة ، عشت في الحديدة ولم اشعر يوم بالضعف” حالها أشبه بعشرات الاسر النازحة الى مدينة تعز وريفها ممن تقطعن بهن سبل العيش .
تتواجد في بعض مديريات ريف تعز اسر حصلن على مساعدة مالية من منظمات استمرت لاشهر ومن ثم انقطعت المساعدة واضطرت بعض الاسر العودة الى الحديدة ولسان حالهن يقول”الموت في وجه المدافع أهون من الموت في المنزل دون غذاء نموت عشرات المرات في اليوم ولا احد ينقضنا”
وتتطلع ام محمد العودة الى الحديدة بعد تحسن الوضع المعيشي فيها وانتهاء كافة صنوف الحرب والحصار ” الحياة مختلفة في الحديدة مقارنة ببقية المحافظات ، كنا نعيش ببساطة ونشتري الزيت والدقيق والخضروات بحسب إحتياجاتنا اليومية لكن خارج المحافظة لا نستطيع مثلا شراء ب50 زيت والا 50 بسباس و200 دقيق ..الخ ” تتصف الحياة في الحديدة بالبساطة وقلة التكاليف حسب وصف ام محمد وتضيف بان اللحم والدجاج لا يدخل منزلها الا مرة او مرتين في الشهر حسب قدرة إبنها على توفير ذلك .
تضيف ام محمد في حديثها بعد أشهر من معاناة النزوح أن العودة الى الحديدة يضل مرهوناً بإعلان فك الحصار وإعادة تطبيع الاوضاع لتتمكن آلاف الاسر العودة الى عروسة البحر الاحمر ونفض الغبار عن مقتنياتهم وتعود بناتها للدراسة .
فرضت الحرب النزوج الإجباري لمئات الآلاف من المواطنين الى مناطق مختلفة ومستقبل الكثير صار مجهولاً مشتتا بين المدن والقرى ينتضروا بفارغ الصبر حل نهائي للصراع في مدينتهم ، حلمٌ بسيط لكثير من النازحين بأن يعودوا الى الحديدة ليعيشوا بسلام دون حروب فهل يتحقق لهم ذلك؟