هل ننتصر للمدرس النازح من قريته في تهامة ؟
بقلم/رشاد الشرعبي
قبل أسابيع أعاد صديق وناشط حقوقي إرسال رسالة تلفونية تلقاها من المدرس الثائر عمر حلم, النازح وأسرته وزميلين له من قريتهم في مديرية الزهرة بمحافظة الحديدة جراء بطش مشائخ المنطقة هناك, وحينما قرأتها تذكرت ما شاهدته خلال زيارة لي إلى المديرية عام 2010م.
تساءل صديقي في تعليقه على رسالة المدرس عماذا ممكن أن نفعله لهؤلاء الضحايا وزاد: السكوت عن هذه الجرائم جريمة.
وقبل الحديث عما يحدث في هذه المديرية وجاراتها من مديريات محافظتي الحديدة وحجة, حيث الظلم والاستعباد والجبروت, Bترك القارئ الكريم مع مضمون الرسالة التي بعث بها مدرس أبعد عن قريته وأهله وبيته لأنه شارك في الثورة السلمية وأقام أشهراً في ساحة التغيير بصنعاء 2011 هروباً من بطش المشايخ وقبل ذلك رغبة في التغيير وإسقاط نظام ظل السند والداعم والغطاء لهذا البطش.
يقول المدرس في رسالته: أخي العزيز خرجنا في ثورة من أجل أن يرحل النظام, فرحلنا نحن إلى باجل ولم يرحل النظام عن صنعاء, ولم نجد أية جهة تعطينا قرضاً من أجل شراء أرض أو بيت, فنحن أصبحنا من ضحايا الثورة المباركة, 3 أسر فيها 15 طفلاً وأبوان مسنان.
طوال سنوات عملي المهني وقبلها ظللت أسمع عن جبروت وطغيان المشائخ في تهامة ومثله مشائخ إخوتنا الأقرب إلينا في العدين والجعاشن وغيرهما, لكني لم أكن أتخيله بالحجم الذي وجدته في زيارتي أواخر 2010 التي شملت 3 مديريات في الحديدة، كانت الزهرة إحداها ضمن تحقيق تلفزيوني عن السجون الخاصة.
تسللنا أنا والمصور ومساعده في سيارة وبرفقتنا أحد ضحايا البطش المشائخي والنازح في مديرية القناوص, وحينما وصلنا إلى القرية التي يقطنها مشائخ المديرية أشار لنا دليلنا المتنكر إلى غرفة من القش وقال هنا سجنتُ وهذا أحد سجونهم.
تفحصت ما بداخل (العُشة) ووجدت رجالاً مرتصين جوار بعض والقيود الحديدية تحيط بأرجلهم جميعاً والبعض شملت أيديهم, وبمجرد أن أعدنا ترتيب حركة السيارة مع الاستعداد بالكاميرا لأخذ لقطات للسجن (العُشة) وما في داخله, ظهر لنا أحد الحراس راكباً دراجة نارية واستدعى بصوته بقية زملائه, وظل يلاحقنا ثم أوقفنا وقد أخفينا الكاميرا والدليل المطلوب للشيخ المتعجرف, وتظاهرنا بالتيه، وسألنا عن منزل أحد المشائخ إياهم وظل يرد على أسئلتنا ويوجه لنا الأسئلة ويستمع لأجوبتنا وعيناه تتفحصان السيارة بدقة.
قبل أن نصل مديرية الزهرة كنا قد مررنا بمديريتين الأولى هي الزيدية ووثقنا فيها حالات لضحايا سجن الشيخ الذي هو عضو في مجلس النواب, وفي القناوص وجدنا مخيمات عدة للنازحين من الزهرة, وكلما كنت أسمع قصصهم ومعاناتهم يزداد سخطي على النظام الداعم لهذا الظلم والذي حول مؤسسات الدولة إلى وسيلة لصالح الظلم وسند له وليس لصالح المواطنين.
وكما قلت في مقال سابق لايمكن أن نتحدث عن ثورة شعبية سلمية أطلقها الشباب في منتصف فبراير 2011م, وهذه الممالك لازالت قائمة في تهامة والجعاشن والعدين ومناطق أخرى, فقد كان من أبرز انتكاسات ثورة 26 سبتمبر 1962م أنها لم تقترب من هذه الممالك وكان كل تركيزها على مملكة الإمامة الاصل وتجاهلت الممالك الفروع.
علينا أن نقف صفاً واحداً لإزالة أي ممالك وكانتونات تتواجد داخل أراضي الجمهورية اليمنية وتحت أي مبرر كان, علينا أن ندك السجون الخاصة في أية منطقة من مناطق اليمن ويخضع الجميع لسيادة النظام والقانون حتى تتحقق العدالة والمواطنة المتساوية.
علينا أن لا نقف مكتوفي الأيدي فيما لازال هناك من يستخدم المواطنين عبيداً وإماءً ويتملكهم كما في بعض مديريات الحديدة وحجة ويقال أيضاً في مديريات المحويت.
علينا أن ننتصر للمدرس الثائر عمر حلم وزميليه وأسرهم ونعيدهم إلى قريتهم وأهلهم وأرضهم أو أننا لا نستحق أن نتحدث عن الثورة سواء كانت ثورة فبراير 2011 أو ثورة سبتمبر 1962