*هنود احمد ” الآوان لا يفوت أبداً على التعلُّم”*
الحديدة نيوز_سميرة عبداللطيف
هذه هي الفكرة التي تؤمن بها هنود احمد ومعظم النساء اللواتي أقدمن على محاربة الأمية ، على اختلاف الأسباب التي جعلتهنّ يقرّرن تعلّم القراءة والكتابة، حتى ولو في سنّ كبيرة..
هنود احمد سيدة تتجاوز 49من العمر تسكن بمحافظة الحديدة وهي أرملة وام لثلاثة ابناء استطاعت ان تلتحق بمركز “الكفاح ” لمحو الامية ” في الحديدة هذا العام حيث تقول أشعر أنّ حياتي تغيّرت كلياً لقد بتُّ استطيع الاتصال على الهاتف، واحاول قراءة اللافتات في الشوارع هذا بحد ذاته انجاز كبير بنسبة لي وانا في النصف الاول من العام الدراسي..
“ *رحلةُ تحقيق الحلم”*
تجلس بصمت السيدة هنود على أحد كراسي الفصول الدراسية بجانب زميلاتها وامامها دفتر وكتاب وبين يديها القلم تستمع من معلمتها شرح الدرس من اجل ان تفهمه
تتحدث السيدة هنود عن مدى سعادتها حينما سمعت عن وجود مركز لمحو الامية في شارع غزة قبل سنتين حيث تقول “خفق قلبي بعنف لحظتها، ولمعت الفكرة في ذهني، كأنّما عُدت تلك الطفلة الصغيرة ذات السنوات السّبع التي كانت دائماً تحلم بالذهاب إلى المدرسة ، الامر الذي جعلني اسارع في الالتحاق ” بمركز الهدى ” سابقاً انا وزوجة ابني ، وعلى رغم من بعد المسافة علينا وعدم امتلاكنا المال الكافي لذهاب عبر المواصلات الا اننا لم نكن لنجعل ذلك عائق يعوقنا عن تحقيق حلمنا بالقراءة والكتابة ، بالاضافة الى ذلك لم نكن ملتزمات بالدوام على الدراسة بشكل يومي بسبب وجود الاطفال في المنزل وكثرت المسؤولية فكن نذهب بالتساوي يوماً بيوم ، وكنا نشعر بسعادة بسبب خوضنا لهذا التجربة الا ان الأمر لم يدم طويلاً حيث تم إغلاق المركز بعد فترة ، فأغلقت الأبواب أمام الكثير من النساء التي يسعينا الى التعلم وراحت احلامنا تطير مع الرياح ، وفي هذا العام وتحديداً قبل عدة اشهر علمنا عن افتتاح” مركز الكفاح ” الذي تم افتتاحه من قبل المعلمات السابقات في مركز الهدى الذي تم افتتاحه في حي الزهور، فعدنا من جديد نسعى خلف حلمنا في القراءة والكتابة، وها انا اليوم طالبة تستعد للامتحانات النصفية..
الأستاذة زينب محمد متخصّصة في علم الإجتماع تقول” أنّ من الأسباب التي تجعلُ نسبَ الأمّية مرتفعةً لدى النساء مقارنةً بالرجال، الأعراف والتقاليد الموروثة التي تعتبر أنّ المكان الذي ينبغي أن تكون فيه النساء هو البيت، هذا بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعل عديداً من العائلات تحرم بناتها من التعلُّم من أجل إعدادهنّ للزواج، وبالتالي التخلّص من عبئهنّ. كلّ هذه العوامل تجعل الكثير من النساء عُرضةً للاستغلال والحرمان من التعلُّم…
تحكي هنود بصوتٍ مفعمٍ بالحنين والحزن عن هذا الامر فتقول ” حين وصلت إلى سنّ الذي يجب ان اذهب فيه للمدرسة لم يكُن بإمكاني فعل ذلك خاصّة في القرية او الظفرُ بفرصةٍ التعلُّم لوجود العديد من الأسباب المتعدّدة: منها التقاليد والعادات، وبُعد المدارس عن البيوت، وخوف الآباء على بناتهم ،وانعدام الوعي بجدوى التعلُّم بالنسبة إلى الاناث وغيرها من الاسباب ..
استسلمت هنود لواقعها حيث قضت طفولتها تراقبُ الأطفال الذكور يعودون من المدرسة حاملين ادوتهم على ظهورهم. كانت تفعلُ ذلك بحزن كبير، وهي تتساءلُ ببراءة بينها وبين نفسها “لماذا لا يحقّ لي أن أتعلّم أيضاً؟ ما العيبُ في ذلك؟ ولماذا يجب أن يكون مستقبلي غير ما أحلم به؟
وبحسب إحصائية دولية فان معدل الأمية في اليمن 40% أغلبهم من النساء من إجمالي سكان اليمن…. بينما بلغ عدد مراكز محو الأمية وتعليم الكبار العاملة في محافظة الحديدة بحسب إحصائية سابقة حوالي 206 مركز موزعة على 23 مديرية في المحافظة.
بينما بلغ عدد الصفوف الدراسية لمرحلة الأول أساسي بلغ 208 صفوف دراسية و عدد الصفوف الدراسية لمرحلة الثاني أساسي 230 صفا دراسيا.
المشرفة والمسؤولة عن مركز الكفاح لتعليم الكبار ومحو الأمية الاستاذة وهيب الدبعي تقول “للحديدة نيوز ” ان مراكز محو الامية وتعليم الكبار من النساء ساهمت بشكل كبير في اتاحة الفرصة امام الراغبات للتعليم من النساء ومن بين هؤلاء السيدة هنود التي نرى انها تكافح من اجل ان تقضي على اميتها
وتضيف ان مركز الكفاح لتعليم الكبار ومحو الأمية يحاول ان يساهم في تنمية المرأة وتعليمها الا ان الامكانيات في مركز الكفاح بعد انتقاله من مكانه السابق مركز الهدى متدنيه جداً
مشيرة بذلك ان المركز سابقاً كان يسهم في تطوير وتعليم المرأة في اكثر المجالات كم يقيم انشطة ومسابقات وفعاليات لتشجيع الطالبات، لكن الان اصبح المركز يفتقر للعديد من الاشياء اهمها المناهج الدراسية والمكان المناسب، ويفتقر الى وجود ميزانية تشغيلية لإعادة تطوير المركز، بالاضافة الى انقطاع الرواتب منذوا سبع سنوات ، الامر الذي يشكل عائق لاستمرار العملية التعليمة في مراكز محو الامية في الحالي ،خاصة مع ارتفاع الاسعار وصعوبات الحياة المعيشية …
من جهة أخرى تفيد ا/هدى الريمي مدرسة بالمركز انهم يسعون من خلال تعليم المرأة الى توعيتها بالكثير من الجوانب الحياتية حيث لا يقتصر الامر على القرأة والكتابة فقط ، مضيفة بذلك انه على الرغم من انقطاع الرواتب وانعدم مصادر الدخل الا اننا مستمرين في التعليم من اجل المرأة ..
وتختتم الاستاذة وهيب الدبعي حديثها مع “الحديدة نيوز ” بأهمية تضافر كل الجهود المعنية من أجل مواجهة الأمية في اليمن، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم ، موضحاً بذلك ضرورة تقديم الحلول السريعة والجادة لاانقاذ العملية التعليمية في مراكز محو الامية ..
ومنذ ما يقارب خمسة اعوام اثرت الحرب الدائرة في اليمن على سير العملية التعليمية بشكل كلي حيث تم استهداف المنشآت التعليمية مما أجبر العديد من الطلاب والطالبات على التوقف عن التعليم…..