تحل الثلاثاء 26 مارس/آذار الذكرى الرابعة لبدء الحرب في اليمن مع تدخل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية. صراع أدى إلى خسائر بشرية فادحة، وأزمة إنسانية تقول الأمم المتحدة إنها الأسوأ في العالم. ورغم الجهود المبذولة عبر المسار التفاوضي لإيجاد حل سلمي للنزاع، يظل تنفيذ الاتفاقات متعثرا. فكيف بدأ الصراع، وكيف تطور مع انخراط أطراف خارجية فيه؟ وما هي حقيقة الأوضاع الراهنة؟
منذ أربع سنوات، في 26 مارس/آذار 2015، قررت السعودية إنشاءتحالف عربي دخل في عملية عسكرية حملت اسم “عاصفة الحزم” لمساعدة القوات الحكومية اليمنية في استعادة سيطرتها على المناطق التي انتزعها الحوثيون، بداية من صنعاء التي سيطروا عليها في سبتمبر/أيلول 2014.
بدأت الحرب في اليمن منذ إطلاق عملية “عاصفة الحزم”، لكن الأزمة في البلاد كانت قائمة منذ أعوام، قبل أن تؤول إلى هذه الحرب.
فقد خرج الشعب اليمني في 11 فبراير/شباط 2011، كغيره من شعوب بلدان ما أطلق عليه اسم “الربيع العربي”، للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح. ووسط إشادات بسلمية الثورة اليمنية، وقع صالح في الرياض اتفاقا لنقل السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011.
لكن الحراك تحول إلى مواجهات مسلحة بحلول مارس/آذار 2013، وسط رفض لسياسات هادي التي وصفها الحوثيون بأنها فاسدة. واقتحم الحوثيون في أغسطس/آب مدينة صعدة ودارت مواجهات عسكرية مع القوات اليمنية إثر ذلك، وأسفرت آنذاك عن سقوط عشرات القتلى.
“عاصفة الحزم”.. نقطة تحول محورية في النزاع
استمرت المواجهات العسكرية بين الحوثيين والقوات اليمينية الحكومية، وتمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 .
واعتبرت السعودية سيطرة الحوثيين الشيعة على صنعاء محاولة من إيران، التي تتهمها الرياض بدعمهم، لترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، ما تراه السعودية تهديدا لأمنها القومي.
وفي مارس/آذار 2015، شهد النزاع نقطة تحول محورية مع انخراط السعودية المباشر فيه عبر إنشاء تحالف عربي لدعم القوات اليمنية الحكومية في مواجهة الحوثيين، وشنها “عاصفة الحزم”، قبل أن يتغير اسم العملية لاحقا إلى “إعادة الأمل”، وبدأت أولى غارات التحالف العربي على معاقل الحوثيين في اليمن في 26 مارس/آذار.
واستمرت المعارك بين الحوثيين والتحالف العربي منذ ذلك الحين بين تقدم وتقهقر من الجانبين، وسط معاناة المدنيين.
وشهد شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، نقطة تحول أخرى هامة في النزاع حين قصف الحوثيون للمرة الأولى العاصمة السعودية بصاروخ باليستي، وسط تزايد التوتر بين الرياض وطهران واتهامات سعودية لإيران بتزويد جماعة الحوثي بالأسلحة والذخيرة.
وفي 4 ديسمبر/كانون الأول، قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على أيدي حلفائه السابقين الحوثيين، وذلك إثر محاولته “فتح صفحة جديدة” مع السعودية، ما اعتبره الحوثيون غدرا وخيانة لهم.
اتهامات للسعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن
وشابت المواجهات العسكرية في هذا البلد الفقير شبهات بارتكاب جرائم حرب، إذ تحدثت الكثير من التقارير عن انتهاكات من أطراف النزاع.
في مارس/آذار 2018، انتقدت منظمة العفو الدولية الدول الغربية لتزويد السعودية وحلفائها بالأسلحة، واتهمت الرياض وحليفاتها بأنها في معرض ارتكاب “جرائم حرب محتملة” في اليمن.
وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إلى أن كافة الأطراف المتحاربة ارتكبت على الأغلب “جرائم حرب”.
المسار التفاوضي
مع احتدام المعارك، خاصة في ميناء الحديدة الاستراتيجي، والحصار المفروض عليه من قبل التحالف العربي، بدأت في 6 ديسمبر/كانون الأول، محادثات السلام اليمنية في السويد بين الحكومة والحوثيين برعاية الأمم المتحدة.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس سلسلة اتفاقات تم التوصل إليها بين الجانبين، بينها اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة. وفي اليوم التالي أعلن الموفد الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث نشر مراقبين دوليين.
وفي 18 من الشهر نفسه، توقفت المعارك في الحديدة، بحسب مصادر موالية للحكومة وكذلك بعض الأهالي.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول انتشر فريق من مراقبي الأمم المتحدة في الحديدة للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، فيما تبادل الحوثيون والحكومة الاتهامات بخصوص حدوث خروقات.
مجاعة وكوليرا وحصار
بين نزوح ومجاعة وكوليرا، خلف الصراع اليمني معاناة إنسانية تعد الأسوأ في العالم، وفق الأمم المتحدة.
ففي مارس/آذار 2017 وصف المسؤول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين الأزمة في اليمن بأنها “الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم”.
وما زال هذا صحيحا، بحسب ما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في فبراير/شباط 2019.
وأوضح أن تقديراته تشير إلى أن “80 بالمئة من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14,3 مليون شخص بشكل عاجل”.
بينما أكدت منظمة العمل ضد الجوع الفرنسية أن عدد النازحين داخل اليمن بلغ 3,3 ملايين شخص.
وتفشى وباء الكوليرا في البلاد مؤديا إلى وفاة أكثر من 2500 شخص منذ أبريل/نيسان 2017. وتم الإبلاغ عن الاشتباه بنحو 1,2 مليون حالة إصابة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتقول منظمة “سيف ذي تشيلدرن” الإنسانية البريطانية أن قرابة 85 ألف طفل ماتوا من الجوع أو المرض في الفترة بين أبريل/نيسان 2015 وأكتوبر/تشرين الأول 2018. وقتل آخرون خلال المعارك.
ولقد أوقعت الحرب الدائرة هناك نحو 10 آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف في 26 مارس/آذار 2015، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
شيماء عزت