اعتـــذار رئاسي
بقلم/د.فارس السقاف
[ يظل المسئول قوياً إلى أن يطلب أمراً لنفسه]. سليم الحص
لأول مرة يعتذر رئيس جمهورية عربي عن كثرة خطاباته ، هذا ما صرّح به الرئيس عبد ربه منصور هادي في آخر خطاب له، رغم أنه برر هذه الكثرة بتوالي المناسبات الوطنية والدينية في مواقيت متقاربة.. لكن الإشارة بالاعتذار لها دلالتها الفريدة وهي إقامة الاعتبار للمتلقي، وهو هنا الشعب، وكذا إعلاء قيمة الفعل والعمل عوضاً عن القول والخطاب، وقبل ذلك وبعده لا يرى غضاضة من الاعتذار.
كثيرة هي الإشارات التي تخرج إلى العلن تصدر عن الرئيس هادي تنم عن شخصية مختلفة للرجل الأول في الموقع الرئاسي، وهو لاشك مغاير على المستوى الموضوعي الزمني من حيث المهام كمطلب وطني ومن ثم إقليمي ودولي، وتالياً على المستوى الذاتي إذ إن مكونات شخصية الرئيس هادي ومؤهلاته تتميز بالسوية والإيجابية، و تتحرر من الارتهان لجماعات المصالح والضغط والعصبيات في مقابل هذه الإشارات.. وقد تكوّنت لدينا جملة من الخطابات التي تزايدت لأسباب مناسباتية كان من الضروري توجيهها حسب العرف السياسي كما سلف، لو تم جمعها وإعادة قراءتها لكشفت لنا عن خطاب جديد تغييري هي أفكار وقناعات الرئيس ومدركاته والتي تمثل برنامجه العملي في المرحلة الانتقالية الثانية. لامس فيها مشكلات اليمن في المرحلة الراهنة التي آلت إليه بشجاعة وشفافية معترفاً بوجودها وطبيعتها، ومتعرفاً على أسبابها ودواعيها، والتعارف مع أطرافها للتحاور سعياً لمعالجتها بالتشارك .
الزمن لابد أن يأخذ مداه ، ولهذا ربما علينا أن نمنح الرئيس هادي فسحة الزمن هذه رجاء أن نكون على موعد مع تغييرات حقيقية.
وفي إطار معادلة الزمن .. فما أنجزته الثورة التي أفرزت هذه القيادة كخيار أوجبته نتائجها ليس بالقليل .
لماذا لا نجعل من الرئيس هادي محل اتفاقنا في هذه المرحلة ما دام يحافظ على علاقات جيدة مع كل الأطراف، وفي عهدته استحقاقات العملية السياسية التي تواثقنا عليها، ونستعيض التناولات الإعلامية السالبة، بخطاب النصح والتسديد والتقريب ، وبتعبير آخر قرآني حكيم (وقفوهم إنهم مسئولون) أي أن نتحمل مسئوليتنا جميعاً.