الحديدة نيوز/ خاص
بقلم/ سهام باشا
في ظل حرب ظالمه.. طغت على وطن بأكمله وعصفت به وهزت كيانه العمﻻق والشامخ.. من خﻻل ظلم وقهر وإستبداد وإستعباد.
نضيف إلى ذلك كله فقر وجوع وتشرد وموت بالبطيئ ينتظره ذلك المواطن اليمني اللذي تحمل الويﻻت في ظل هذه الحرب اللتي لم ترحم ضعف عجوز مسن، وﻻإلتفتت إلى طفل بريء يحلم بغد أفضل، وﻻ شاب يطمح بالتغيير والبناء.
في كل هذه اﻷوضاع المؤلمه اللتي حجبت عنا كل ماهو جميل.. وقفت المرأه اليمنيه صامده مثابره تحاول أن تصارع هذه الحياة القاسيه وتقف مع الرجل جنبآ إلى جنب في محاربة ومقاومة تلك الظروف اللتي فرضت عليها.
أوﻵ : من أجل نصفها اللذي أنجبته
وثانيآ: من أجل نفسها .
فالمرأة كما قيل هي (كل المجتمع)
فالنصف هي والنصف اﻵخر أنجبته.
ولكن يبقى السؤال المحير هنا…
كم ستتحمل هذه المرأة سواءآ اﻷم أو اﻷخت أو اﻹبنه أو الجاره أو الصديقه…إلخ
كل هذه الويﻻت المتراكمه اللتي نثرها الحرب أمام أعينها فباتت ﻻ تبصر من النعيم سوى الجحيم..!
جحيم حرب أشعلت نيرانها اللتي لم تنطفئ.
فإلى جانب زئير الحرب الذي ملئ صداه أنحاء الوطن وفزع من صداه المخيف الكبير قبل الصغير وسلب اﻷمان والسكينه.
فقد تطور اﻷمر سوءآ حيث لم يعد كافيآ غﻻء المواد الغذائيه اللتي هي من أبسط حقوقنا لﻹستمرار بالعيش، واﻹنقطاع الدائم للتيار الكهربائي خاصة ونحن بصدد إستقبال صيف قاسي خاصة على أهالي منطقة الحديدة شديدة الحراره ، وأبنائها اﻷشد فقرآ من بين المحافظات
فاﻷغلب لم يستطيع شراء ما يسمى بالطاقات الشمسيه اللتي شهدت هي اﻷخرى إرتفاعآ متزايدآ بأسعارها لذلك فهم ليس لديهم طاقة لشرائها.
فقد شهدنا مؤخرآ موت من نوع آخر أﻻ وهو إنعدام الغاز المنزلي الذي حول المر إلى أمر..
فنحن كل يوم نرى مشهد المساربه على الغاز يتكرر كل يوم أمام محطات تعبئة الغاز اللتي تقف أحيانآ عاجزه عن توفير الغاز لهذا الكم الهائل من الناس وﻻ يوجد أي جديد في ذلك غير أن العدد كل يوم في إزدياد تحت شمس حارقه أحرقت ما تبقى منهم..
فنرى الشباب الذين تركوا أعمالهم ليلتحقوا بطوابير الغاز ، ونرى العاجز الذي ﻻ يقوى على الوقوف هو أيضآ يزاحم في هذه الطوابير ، وليس هذا فقط فنرى اﻷطفال أيضآ تركوا مدارسهم ليلتحقوا أيضآ بتلك الطوابير المحتومه على الجميع لتوفير الغاز لمنازلهم حيث أنهم يقضون اﻷيام والليالي وهم في طوابير المساربه
إلى جانب الفوضى العارمه والمناوشات اللتي تحصل في تلك الطوابير مما يجعل اﻷمر يتطور أحيانآ إلى إطﻻق النار ويسقط فيها القتلى والجرحى … فمن ياترى المسؤل؟
وفي ظل كل تلك الصراعات اللتي تحدث في طوابير المساربه فقد رأينا أيضآ ذلك الجنس اللطيف الناعم خرج من صمته على هذا الحال فقد رأينا المرأة هي اﻷخرى تنظم طوابير خاصه لها بحثآ عن الغاز ..
تلك المرأة اللتي سلبت منها كل حقوقها من الحياة الكريمه داخل منزلها.. فقد ضجت بها الحرب وعصفت بها اﻷخرى لترى نفسها تزاحم في الطوابير بحثآ عن الغاز لمنزلها لتوفي لقمة عيش دافئه ﻷسرتها.
تلك المرأة اللتي كرمها اﻹسﻻم حق تكريم ، وأعطاها حقوق وواجبات تتناسب مع حدودها وإمكانياتها
نراها اﻵن مهانة ذليله في ذلك الطابور اللعين الذي أجبرها الوضع على الخروج بحثآ عن الغاز.
فمن يرحم تلك اﻷم وتلك اﻷخت وكل النساء اللذي يتزاحمون على طوابير الغاز ويمد يد العون لهم خاصة وللشعب عامه.
فكم سيسطر هذا القلم من مأساة ومعاناة تتجرعها ذلك الكيان الصامد في وجه كل هذه الكوارث اللتي خلفها الحرب اللعين…
تقول أم نصر : جارتي بالحي منذ أن بدأت أزمة الغاز تدب في شوارع محافظة الحديدة ونحن نبحث عن غاز وإلى يومنا هذا لم نستطيع الحصول عليه وذلك بسبب صعوبة الحصول عليه حيث أصبح عمله صعبة المنال ،والسبب هو إنعدامه والتوافد الكبير على محطات بيع الغاز من قبل المساربين .
حيث قالت: أنها لم تجد من يقف لها في هذا الطابور والسبب أن أوﻻدها اﻹثنين تركوا الحديدة اللتي لم تعد يتوافر فيها عمل يلبي متطلباتهم اليوميه فعزموا على السفر خارج المحافظه بحثآ عن عمل ،
وزوجها رجل طاعن في السن ﻻ يستطيع تحمل عناء المساربه ، فهو يعمل مساعدآ ﻷحد مالكي الدكاكين في الحاره مقابل قليل من الخضار يأتي بها لعائلته بدﻵ من المال
اﻷمر الذي دفع بها إلى جمع أعواد الخشب الصغير من الحارات والمنازل المجاوره لها اللذين كانوا في البدايه يتعاونون معها في جمعه لها لتشعل مايسمى (بالموقد) تحت قدرها لتجهيز المأكل لها ولبناتها وزوجها المسن.
مشهد غير مقبول وغير مرغوب في وقتنا الحالي…
فقد إلتقيتها في الظهيرة في منزلها المتواضع حيث كانت حرارة الشمس من فوقها ، وحرارة الموقد بجانبها ، وتصاعد اﻷدخنه من ذلك الموقد الذي شكل ضبابآ سامآ وخانقآ على منزلها الصغير وهي تؤدي تلك المهمه الصعبه أﻻ وهي ( طبخ الغداء)..
نعم أصبحت مهمه صعبه بالفعل في ظل هذه الظروف المعيشيه الصعبه .
فالدخان اللذي خنق أنفاسي وأنفاسها وهي تحاول الحديث معي وعيناها تذرف بالدمع .. إنتابني الفضول حينها لسؤالها عن هذا السبب ؟
فأجابتني بلهحتها التهاميه اﻷصيله:
(من أمدخان يابنتي)
فهو على حد قولها أعمى أعينها واللتي هي باﻷساس تعاني من اﻹلتهاب وقد أجرت لها قبل فتره وجيزه عمليه في المخيم الطبي المجاني المقام في الحديدة فزادها اﻷمر سوءآ من التحطيب وما يخلفه من دخان سام وقاتل .
حيث تضيف قائله:
بأن الجيران واﻷهالي الذين كانوا يساعدوها في جمع الحطب لها هم اﻵخرين أوقفوا دعمهم ومساعدتهم لها وذلك بسبب عدم حصولهم هم أيضآ على الغاز بعد أن نفذ ماكان عندهم في المنازل وأصبحوا مثلها يجمعون أعواد الخشب ويوقدون النار لصنع وجباتهم في ظل غﻻء (الحطب) وإنعدام مادة الغاز واللتي هي من أبسط إحتياجات ذلك المواطن الضعيف الذي لم يقوى على المساربه للشراء من المحطات المعتمده للبيع بالسعر الرسمي 3000 ألف ريال ، ولم يستطيعوا الشراء أيضآ من تلك السوق السوداء اللتي سودت حياة الشعب منذ أن ظهرت على ساحة اﻷزمات واللتي نظمها من ﻻ يخاف الله ويخشى عقابه .
حيث وصل سعر أنبوبة الغاز في هذه السوق 8000 ألف ريال وأحيانآ يزيد الجشع ويرتفع أكثر ..
فمن أين ينتزع هذا المواطن المسكين وتلك المواطنه الضعيفه كل هذا المبلغ في ظل هذه الظروف القاهره، وإنعدام اﻷشغال وإرتفاع اﻷسعار .
فلم يدري المواطن من أين يتجرع الويﻻت؟ ومن أين يتلقى صفعات هذه الحرب المدمره؟!!
وفي هذه اﻷثناء واصلت أم نصر حديثها قائله:
بأنها في هذه اﻷيام أصبحت تجمع حتى الكراتين من شوارع الحي وأوراق الدفاتر التالفه لتشعل بها موقدها الصغير اللذي صنعته بنفسها من الحجاره والذي تحترق عليه طيلة فترة الظهيره وما تخلفه تلك اﻷدخنه من سموم قاتله تستنشقها تلك المرأة الصابره المثابره في سبيل تجهيز وحبة واحدة في اليوم تسد جوعهم.
ولكن هنا السؤال هل هذه الوجبه ستكون نظيفه وصحيه بسبب تلك اﻷدخنة والسموم؟!!
تضيف أم نصر إلى حديثها قائله أنها لم تعد قادره على تحمل هذه اﻷدخنه واللتي سببت بإلتهاب عينها مرة أخرى اﻷمر الذي أضطر بها إلى إستئجار شاب من الحي ليقف لها في طوابير المساربه وقد مضى عليه 9 تسعة أيام ولم يحصل بعد على غاز
حيث تقول: أنها تعد له الوجبات وتذهب بها له في طوابير المساربه وفي أثناء النوم يترك اﻷنبوبه في ذلك الطابور مربوطه بسلسه مع بقية اﻷنابيب المتعطشه للغاز واللتي تنتظر دورها الذي لم يأتي بعد حيث يقف عليها حارس يحرسها في الليل كما يقولون ويعطونه مقابل ذلك مئة ريال يوميآ.
حيث أضافت قائله :
من أين لي بهذا المبلغ كل يوم ؟!
وهي بالكاد إستطاعت تجميع قيمة هذه اﻷنبوبه من ذلك المبلغ الضئيل الذي تحصل عليه أحيانآ من أوﻻدها
فهي إلى اﻵن صرفت على هذه اﻷنبوبه أكثر من قيمتها على حد قولها.
فياترى من المستفيد من كل هذا الصراع؟
أولسنا أحق بعيشة كريمه؟!!!
وفي سؤال لطيف مني حاولت أن أغير جو الكآبة والحزن الذي خيم على هذه اﻷم وغيرها من اﻷمهات الﻵتي يتجرعن نفس المراره.
حيث سألتها ماذا تتمنين؟ وماذا تريدين أن يهدى لكي في عيدك (عيد اﻷم) ؟
وذلك على جهودك وتعبك والذي سيكون غدآ إن شاء الله…
وقد كنت متلهفه ﻹستماع قائمة اﻷماني اللتي تتمناها وستسردها لي هذه اﻷم الفاضله .
ولكنهاوبضحكة خفيفه وبعين يملؤها الدمع واللتي حاولت أن تخفيها عني فأغمضتها وأمطرت…فاجأتني بإجابتها
(أريد أنبوبة غاز يا إبنتي)..وﻻ شيئ غير ذلك..!!
وقفت صامته حينها فلم يكن بيدي شيئ أقدمه لها غير سرد قصتها ومعاناتها لعلها تلقى صداها.
وتبقى رسالتي هنا إلى كل من يهمه اﻷمر ويستطيع أن يغير من هذا الواقع القاسي شيئ..
~رفقآ بالقوارير~
رفقآ بهؤﻻء اﻷمهات أمهات هذا الشعب المناضل خاصة ونحن اﻵن في صدد إستقبال (عيد اﻷم)
يوم21/مارس/2018
فماذا قدمتم ﻷمهاتكم وﻷمهاتنا تكريمآ لهم على هذا العناء والتعب وماذا ستهدونها في عيدها عوضآ عن ويﻻت وأنات الحرب.
فأنا أقول لكم بالنيابة عن كل إمرأه صامده وكل أم لمست معاناتها .. ﻻنريد منكم شيئآ فقط أوقفوا الحرب ونحن من سيتكفل بضماد جراحاتنا ، ونطبطب على أمهاتنا الﻵتي أنهكهن التعب …
فقط أوقفوه ونحن سنستعيد البناء والتجديد واﻷمل.