«رمضان»… حكاية الوجع اليمني !!
الحديدة نيوز / عصام القدسي
على رصيف شارع الستين بالعاصمة اليمنية صنعاء، وبالقرب من أحد المراكز التجارية تقف أم سمر، التي تسكن المدينة منذ قدومها من مدينة عدن قبل عامين، وتشاهد بعض من الأسر التي تحمل المواد الغذائية إستعداداً لقدوم شهر مضان المبارك، وتتحسر في نفسها لعدم قدرتها على أخذ حاجتها.
حاولت كاميرا «العربي» أخذ صورة من المشهد، وتسجيل حديثها المطمور بجراحات بلد تقول عنه الأمم المتحدة إنه يعيش أكبر إنسانية في العالم، إلا أن التعفف الذي يغمر الأسر اليمنية، منع ذلك.
وبعد المحاولة، أجابت أم سمر عن الأسئلة التي طرحها «العربي»، بالقول: «لم أشتري شيئاً لرمضان، ولن يختلف عن سائر الأيام العادية، رمضان أصبح ذكرى مؤلمة لنا ثلاثة سنوات ونحن على نفس الحالة، الحرب حولت حياتنا إلى جحيم، لكن الحمد لله على كل حال».
بعيون يملأها الحزن والأسى على ما حل بها، هي والكثير من اليمنيين خلال أعوام الحرب، تضيف أم سمر «نحن صائمين منذ اندلاع الحرب حتى اليوم، وتعودنا على الجوع والعطش، والمعاناة، ورمضان لن يختلف أبداً، طالما مرتب زوجي وقفوه من عدن، وابتعدنا عن أقاربنا ومن اعتدنا لسنوات قضاء رمضان معهم».
استقبال باهت
اختفت مظاهر شهر رمضان من استعدادات وتجهيزات والذهاب إلى الأسواق وشراء الحاجيات الضرورية والكمالية التي اعتادت جميع الأسر اليمنية شراءها في مثل هذا الأيام، ولم يعد رمضان اليوم يشبه سابقه سوى بإسمه فقط، دون الاستعداد والتجهيز وشراء المستلزمات الرمضانية، هذا هو حال اليمنيين اليوم، ولا يخفى الوضع البائس الذي يعيشه منذ ثلاثة أعوام، وتعاظم أكثر مع فقدان غالبية مصادر الدخل والمدخرات التي كانت لديهم، وغياب المنظمات الإنسانية التي تستنزاف العالم تحت مظلة المساعدات الإنسانية الطارئة لليمن وعدم تقديم ما تتلقاه
للمحتاجين، بل تتقاسمه مع مؤججي الصراع كما كشف تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن والمكلف بالقضية اليمنية، الصادر مطلع عامنا الجاري 2018.
حرمان مستمر
يمنيين يستقبلون رمضان هذا العام بحالة حرمان كبير وعدم قدرة على شراء حاجيات رمضان، وآخرين غير قادرين على توفير وجبة الافطار والسحور، وهناك حالة حزن شديد تخيم على الجميع نتيجة لهذا الوضع. ويؤكد ملاك محلات تجارية في العاصمة صنعاء في حديثهم إلى «العربي» أن «حركة البيع تراجعت بشكل كبير جداً، ولم يعد هناك اقبال من قبل المواطنين لشراء السلع الغذائية مقارنة بالأعوام السابقة، على الرغم من العروض الخاصة بكل سلعة غذائية».
ويقدر كثيرين أن «الإقبال والبيع انخفض إلى نسبة 70%، مما كان عليه قبل ثلاث إلى أربع سنوات سابقة»، وهو ما يؤكده مختصصون في الشأن الاقتصادي، مشيرين إلى «القدرة الشرائية المتدنية، وحركة السوق الراكدة التي لا تختلف بل تأتي انعكاس لتدني حالة المواطن المعيشية».
ثلاثة رمضانات مر بها اليمنيون، وهاهم اليوم يستقبلون آخر، في ظل حرب طاحنة تشعل البلاد، وتخنقه بالأمراض والاوبئة القاتلة، والفقر المتقع، ووفقا لمنظمات دولية ما يقدر ب 11.3 مليون شخص يمني في حاجة ماسة إلى مساعدة إنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة، كما يوجد ما لا يقل عن 8 ملايين شخص على حافة المجاعة، كما أدت القيود التي تفرضها قوات «التحالف» بقيادة السعودية على الواردات إلى تفاقم الحالة الإنسانية الصعبة، وارتفاع اسعار المواد الغذائية نتيجة لإغلاق الموانئ الهامة ومنع البضائع من الدخول إلى الموانئ البحرية التي تسيطر عليها جماعة «أنصار الله».
تفاصيل مؤلمة في قصص اليمنيين، تسرد فداحة ما تعيشه الأسر جراء النزاع المسلح، كما تمثل مشهداً من مشاهد الأزامات المتفاقمة في البلاد، والتي تتكشف فظاعتها وتتعرى في هذا الشهر، الذي يغرق الكثير من اليمنيين دون سائر الأيام العادية تحت حمولة العوز الثقيلة، والمهانة التي يتعرّضون لها، خاصة أرباب الأسر الذين يجدون أنفسهم عاجزين على توفير ولو القدر القليل من احتياجات اعتادوا عليها في مواسم ما قبل الحرب.
المصدر : العربي .