صنعاء : مبادرات شبابية رمضانية تكشف حجم المعاناة الإنسانية جراء الحرب
الحديدة نيوز / رشيد الحداد
خلفت الحرب التي يشنها «التحالف» بقيادة السعودية، منذ أكثر من ثلاث سنوات، مأساة إنسانية لا حدود لها، تتصاعد عاماً بعد آخر بفعل استمرار الحرب والحصار وفشل كافة المساعي الدولية بأحلال السلام.
تلك المأسأة التي يحاول معظم اليمنيين إخفائها خلف الجدران، تتكشّف خلال شهر رمضان بجلاء، فالكثير من الأسر اليمنية لا فرق عندها بين شهر الصوم والأشهر الأخرى، فوضعها المعيشي المتردي فرض عليها الصوم الإجباري طيلة العام، وتوفير أدنى متطلبات العيش، حتى أن بعض الأسر في العاصمة كانت تلجأ إلى براميل القمامة بحثاً عن بقايا طعام، والبعض الآخر اتجهت نحو تجميع «الخردة» من بقايا العلب البلاستيكية والمعدنية لبيعها مقابل شراء الخبز لسد سوق جوع الأطفال.
غياب المساعدات
في العاصمة، صنعاء تعيش بعض الأسر طيلة العام على وجبة أو وجبيتين في اليوم الواحد، وينام الكثير من الأطفال دون تناول الغذاء، إلا أن عزة اليمني تمنع الكثير من الأسر التي دفعت ثمن هذه الحرب من قوت أطفالها من البوح بمعاناتها.
وفي ظل غياب المساعدات الغذائية التي تقدمها المنظمات الدولية عن الأحياء الفقيرة والمعدمة طيلة العام، وحضورها في السوق جاهزة للبيع بأسعار خيالية؛ انطلقت مبادرات شبابية إنسانية ذاتية خلال أيام شهر رمضان الجاري في عدد من أحياء العاصمة صنعاء.
وبعيداً عن السياسية وقريباً عن الإنسانية المهدرة في بلد تصنّف دولياً بأنها واحدة من الدول الأشد فقراً في العالم؛ يعمل الكثير من الشباب خلال شهر الرحمة في مساعدة الفقراء والمحتاجين بعيداً عن صور كاميرات المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني المحلية التابعة لأطراف الصراع.
مطابخ خيرية
سمير الكوكباني، أحد شباب مبادرة «يد الخير» التي تعمل على مساعدة الفقراء والمعدمين في حي السنينة، الذي يعد من أكبر التجمعات السكانية الأشد فقراً في العاصمة صنعاء، يؤكد لـ«العربي»، أنه برفقة عدد من زملائه عملوا منذ منتصف شهر شعبان في التحضير لمطبخ «يد الخير» الخيري في شارع 24 في منطقة السنينة، وتم إقناع الكثير من التجار والميسورين في الإسهام بالمشروع.
ويشير الكوكباني إلى أن المشروع الخيري واجه صعوبة في البداية، لكنه مع الأيام استمر بعد أن كاد أن يتوقف خلال اليومين الأولين من تدشينه مطلع شهر رمضان، بسبب شحة الإمكانيات المالية.
وأفاد الكوكباني، بأن المطبخ الخيري يقوم بتوزيع وجبات غذائية يومية لـ700 أسرة فقيرة ومعدمة في الحي الذي يعمل فيه، إلا أنه أكد أن المشروع يعمل في حي كبير وفقير، ولذلك مستوى الإقبال على خدمات المطبخ الخيري تزداد يوماً بعد يوم.
وعلى الرغم من أن مطبخ «يد الخير» الوحيد الذي يعمل في حي السنينة الكثيف بالسكان، إلا أن هناك مبادرات شبابية خيرية متعددة في أحياء متفرقة من العاصمة صنعاء، ومن تلك المشاريع مشروع المطبخ الخيري «منا ومنكم أطعم متعففاً» الذي يقوم بتوزيع الوجبات الغذائية لعدد من الأسر المتعففة في شارع الثلاثين الواقع بين منطقة مذبح وشملان في مديرية معين، حيث يتم توزيع 100 وجبة مكونة من «الأرز والطبيخ».
في حي الجامعة القديمة وسط العاصمة، يعمل عدد من الشباب على تخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين من خلال مشروع طبق «إفطار الصائم»، حيث يحاول العاملون على المشروع تخفيف معاناة الأسر الأشد فقراً في الحي.
على الرغم من جدوى تلك المشاريع الخيرية في العاصمة صنعاء، إلا أنها تعاني من شحة الإمكانيات نتيجة الإقبال الشديد على خدماتها الخيرية المجانية، فيسعى العاملين عليها لإطلاق مناشدات لفاعلي الخير للمبادرة في الدعم الكافي لسد حاجة المحتاجين.
معاناة لا حدود لها
إبراهيم محمد الأنسي، أحد العاملين في مشروع المطبخ الخيري في منطقة سعوان، أكد أن المطابخ الخيرية كشفت عن حجم المعاناة التي يعانيها الكثير من اليمنيين بصمت جراء الحرب والحصار وتوقف رواتب موظفي الدولة وتوقف الأعمال التي كان لها أثر سلبي على الاستقرار المعيشي لمعظم سكان العاصمة، وأشار الآنسي في حديثة لـ«العربي»، أن الكثير من المطابخ الخيرية التي افتتحت مطلع الشهر الكريم بمبادرات شبابية إنسانية ذاتية، تواجه ازدحام شديد بصورة يومية والكثير من تلك المطابخ لا تستطيع استيعاب 50% من المحتاجين والمعدمين، بل أن المؤسف أن الكثير من الأسر تعود دون أن تحصل على وجية فطور، وترجى الآنسي الميسورين والتجار والمحسنين في شهر رمضان أن يعملوا على مساعدة تلك المشاريع الخيرية حتى لا يعود محتاج دون أن يحصل على وجبة عشاء من أي مطبخ خيري.
مبادرات أخرى
بعض الشباب أطلقوا مبادرات لتجميع الملابس المستخدمة الفائضة لدى الأسر الميسورة، وأعلنوا عن أماكن تجميع لتلك الملابس، ويقومون بإعادة ترميمها وتنظيفها وتقديمها للفقراء ككساء، وذلك في إطار الاستعدادات لشراء الكساء الأطفال لعيد الفطر القادم.
وما يضع لتلك المبادرات قابلية عند الجميع، الميسور والفقير، أن الشباب العاملين على تلك المبادرات الإنسانية لا ينتمون لأي حزب أو تيار سياسي، وليس لهم أي أهداف أيديولوجية كبقية المؤسسات والجمعيات والمنظمات التي كانت موجودة ولاتزال وتسيّس العمل الإنساني لمصالح حزبية ولأجندة سياسية. يؤكد أولئك الشباب أنهم يعملون بدافع إنساني فقط. .
المصدر : العربي .