في زمن الحرب .. العيد في اليمن … وحش بلا قلب!
الحديدة نيوز / عصام واصل
أجبرت الحرب التي قاربت عامها الرابع الشعب اليمني على تغيير كثير من عاداته وسلوكياته بل والتخلي عن معظمها، لقد غيرت المفاهيم وأجبرت المثقفين على الانزواء أو المغادرة صوب المنافي بحثاً عن السكينة أو هرباً من البطش، لكن قلوبهم وعقولهم ما تزال معلقة بأزقة اليمن وأهلهم فيها، لاسيما في المناسبات العامة والخاصة التي لا يستطيعون حضورها أو مشاركتهم إياها. كما هو الحال مع عيد الفطر، الذي أهلَّ على البلد الدامي ولم يستطع تغيير مشاعر الحزن والتعب لدى اليمنيين عموماً أو مثقفي المنفى منهم على وجه الخصوص، وهو ما جعل معظمهم يقررون عدم قضاء العيد، أو يحنون إلى أيام العيد قبل الحرب، أيام الطمأنينة حيث كان للعيد نكهته وطقوسه وفرحته المضاعفة التي أجهزت عليها الحرب.
عيد بلا قلب
الكاتب فتحي أبو النصر الذي قرر قبل قرابة عام مغادرة اليمن إلى مصر، يقول بحسرة في حديث مع «العربي»: «لن أقضي العيد» ويؤكد «أن المفاهيم كلها قد اختلفت مع الحرب»، ويختتم حديثه المقتضب بقوله إنه ينظر إلى العيد «كوحش بلا قلب».
لقد غيرت الحرب وقسوة النفي ووجع الغربة نكهة العيد ومعنى الفرحة لدى معظم المثقفين، ودفعتهم للحنين إلى الأيام الخوالي، وهو ما يؤكده الأديب والإعلامي منصور النقاش المقيم في تركيا منذ أكثر من ثلاث سنوات في حديث خاص مع «العربي»، بقوله: «لم يعد العيد ذاك الذي كان في أيام الصبا والريف، إذ فقد العيد كثيرا من معالمه وطقوسه بفقد خصوصية الزمان والمكان»، ويؤكد «أن للغربة أحكامها الخاصة التي جرفتنا معها»، ويعود ذلك من وجهة نظره إلى «حالة الناس في اليمن التي باتت أكثر تعقيداً، وكلما زادت الأوضاع سوءً قلَّت فرص البهجة والفرح».
مفاهيم مختلفة
يختلف الكاتب حسين الوادعي المقيم بين الأردن وجيبوتي في فكرته عن العيد، ويؤكد في حديث له مع «العربي»: «أن هذه المرة ليست الأولى التي أقضي فيها العيد خارج الديار، حتى قبل الحرب قضيت ثلاثة أعياد في دول غير عربية بداعي العمل والتدريب، لكن الحرب هذه المرة قذفتني مع عائلتي خارج البلاد، وقد أتاح لي قضاء العيد في البلاد العربية فرصةً بعدم الإحساس بالغربة أو غياب جو العيد».
ويرى أن «وجود جاليات يمنية كبيره في أغلب الدول العربية وغير العربية، التي زاد عددها بعد الحرب، أتاح لليمنيين الاجتماع واسترجاع ما يمكن استرجاعه من أجواء العيد في اليمن»، مشيراً إلى أنه قد «كوّنَ صداقات أخرى مع أصدقاء من العرب وغير العرب وقد تطور بعض هذه الصداقات ليصبح علاقات عائلية وثيقة».
ويرى أن للعيد روعته في كل بلد، وأن على الإنسان أن يندمج مع المجتمع الجديد ليدرك ذلك، قائلاً: «أستطيع أن أقول أن للعيد طعمه الجميل والرائع في كل بلد عربي وفي كل بلد مسلم، وما علينا هو أن ننغمس في هذه الاحتفالات ونتعرف على هذه العادات والتقاليد الجميلة». ويختتم قوله بالتأكيد على أن «العيد سيبقى جميلا لكنه بالتأكيد سيعود أجمل عندما نرجع إلى بلدنا اليمن».
العيد في الذاكرة
المخرج السينمائي عبدالرحمن السماوي المقيم مع عائلته في القاهرة يقول: «لا يهم أين يكون العيد، فبالنسبة إلي مكان تواجدي وحيث أشعر بالانتماء والأمان هو العيد»، مؤكداً أن العيد كان في الوطن في السابق «ذا مناخ رائع وكنا ننتظره بشوق ولهفه، وقد كان يمثل مناسبة مختلفة عن الآن من حيث الطقوس وتلاقي الأهل والاحتفاء».
ويضيف «كان هناك شيئاً جميلاً في حياتنا وتغير إلى الأسوأ بسبب عامل الدين السياسي والسياسة، وقد تلاشى واختفى بعدما كان يجعل للحياة من حولنا معنى وقيمة». ويختتم بقوله: «أنا في الغربة، وأجد العيد هنا أفضل من الوطن؛ لأنني فقدت قيمة العيد حين كنت في الوطن».
برغم اختلاف وجهات النظر، يجمع المتحدثون على أن للعيد في الوطن فرحته التي أفقدتها الحرب مذاقها وشوهتها، كما يجمعون على أن الحنين إلى العيد في الوطن ما يزال مهيمنا على كل الجوارح ولن يهدأ، ويتوقون إلى انتهاء الحرب وتوقفها ليتمكنوا من العودة إليها ليصبح الزمن كله أعياداً. المصدر : العربي .