الحديدة نيوز / هارون محمد
تحول ناصر الجرادي ذو الـ48 عاماً، من كبار مهندسي النفط على مدار أكثر من عشر سنوات، إلى بائع فحم في سوق الكدر بحي كريتر في مدينة عدن جنوب اليمن.
ناصر الجرادي سُرِّح من عمله في القطاع 32 بالشركة النرويجية «D N O» لإنتاج النفط بحقول المسيلة في محافظة حضرموت، بعدما توقف نشاط الشركة بسبب الحرب التي اندلعت في صيف عام 2014 بين حكومة «الشرعية» وحركة «أنصار الله».
في منتصف عام 2015، وصلت رسالة إلكترونية إلى المهندس ناصر، تحمل في طياتها قراراً يقضي بفصله عن عمله من دون سابق إنذار أو ذكر أي أسباب. يقول في حديث إلى «العربي»: «لجأت إلى مهنة تكسير الفحم وبيعها نتيجة للظروف الصعبة التي أعيشها، ونتيجة لتوقف الأعمال الحكومية، وﻷنه لا توجد فرص عمل في المجال الذي أعمل فيه»، مضيفاً «كنت أعمل في مصافي عدن، وحالياً المصافي متوقفة عن العمل بسبب مشاكل فنية وتقنية ولذلك لا توجد أي فرصة أخرى».
مبلغ زهيد
ويحصل الجرادي من مهنة تكسير الفحم وبيعها على مبلغ لا يتجاوز 3 ألاف ريال يمني يومياً، برغم بقائه 10 ساعات تحت حرارة الشمس الحارقة في هذا العمل القاسي، مؤكداً أن المبلغ الذي يحصل عليه لا يكفيه ولا يقضي له كل احتياجاته، ولكنه يبقيه هو وأفراد عائلته على قيد الحياة.
ويعتبر أن المبلغ الذي يحصل عليه حالياً قليل جدًا مقارنة بالمبلغ الذي كان يستلمه عندما كان يعمل في الشركة، حيث كان يصل المبلغ الذي يدفع له أكثر من 3 ألاف دولار أميركي شهرياً، وهو يعيل حالياً أسرة مكونة من تسعة أفراد، الأمر الذي أوقعه في ضائقة مادية وتراكمت عليه الديون لصاحب العقار الذي يسكنه، حتى بات مهدداً بالطرد في أية لحظة.
ويقول الجرادي في حديث إلى «العربي»: «للأسف مديون لصاحب البقالة والبهارات، مديون حتى للبنك الدولي منذ توقف العمل كانت 700 ألف، والآن مع المكاسب التي يضيفها البنك صارت 2 مليون وأكثر، البنك لا يزال يضيف كل شهر مبلغ برغم أنني كنت قد أبلغته سابقاً بتوقف عملنا، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي».
ويشعر الرجل الذي اضطر إلى تحويل أولاده من مدارس خاصة إلى المدارس الحكومية، بالألم عندما يقف عاجزاً عن توفير أدن متطلبات الحياة لأسرته. ويختتم حديثه بالقول: «كنت أتمنى أن تزورونا في صروح البناء والإعمار بمنشآت النفط في عمق الصحراء لكي أُريكم مدى إبداعي في مجالي، ولكن في هذه الأيام صرت مبدعاً في مجال الفحم».
أين التعويضات؟
وكانت الشركة النرويجية للنفط قد سرحت قرابة 230 عاملاً يمنياً، بعدما توقف نشاطها في البلاد بسبب الحرب، الجميع ومن بينهم ناصر لم يستلموا مستحقاتهم من تصفية حقوقهم حتى الان.
موظفون من الشركة النرويجية أكدوا في حديث إلى «العربي»، أن «الشركة استغلت فرصة انفجار الوضع العام في البلد، لتغادر اليمن وتوقف الإنتاج تاركة المعدات المقدرة بملايين الدولارات، التي أضحت طعاماً للشمس وشرابا للرمال، ومن دون وضع حلول، أو منح تعويضات للعاملين فيها».
تسريح الشركة للموظفين أجبر بعضهم على بيع الغاز المنزلي في شوارع المدينة، والقيام بأعمال أخرى كقيادة سيارات أجرة، والبيع على بسطات.
وعلى الرغم من أن عمال الشركة النرويجية، حصلوا على حكم الشعبة المدنية الأولى بمحكمة استئناف الأمانة بصنعاء في 22 نوفمبر 2016، قضى بحجز أملاك الشركة وإلزامها بدفع 75% من المستحقات، إلا أن الشركة تملصت بحسب العمال ولم تنصاع لقرار المحكمة، ليواصل الفريق الحقوقي المدافع عن العمال المسرحين في المحاكم الفرنسية، مقاضاة الشركة، التي قالت إنها ستعوض العمال بالريال اليمني، وهو ما يرفضه العمال.
وشردت الحرب التي اندلعت في صيف 2014، مئات العمال إذا لم يكن الآلاف من أعمالهم، في الشركات المستثمرة في اليمن. المصدر : العربي .