كفيف في الحديدة يتحدى الإعاقة ويمارس مهنة الإعلام
الحديدة نيوز / سمير حسن
لم تحل الإعاقة البصرية التي ولد بها الشاب اليمني جمال عبد الناصر الحطامي (24 عاما) دون تحقيق حلمه في الحياة. فقد استطاع -وهو أب لطفلة أيضا- قهر المستحيل وتحدي اليأس مستفيداً من تقنية الحاسوب، ليصبح واحداً من أبرز الصحفيين والإعلاميين في إذاعة الحديدة اليمنية.
وإلى جانب عمله معدا ومقدم برامج إذاعية ومراسلا صحفيا لبعض الصحف المحلية، ينشط الشاب الكفيف في العديد من الأعمال الخيرية حيث يعمل حالياً رئيساً لجمعية المكفوفين بالحديدة ويسعى من خلالها لخدمة شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يُعد هو أحدهم.
يقول الحطامي للجزيرة نت إن بإمكان المكفوفين الاعتماد على أنفسهم والعيش كبقية الناس العاديين متى أرادوا ذلك، مدللاً على ذلك بأشخاص نجحوا بعد أن تحدوا الإعاقة البصرية أمثال عبد الله البردوني وطه حسين.
وتابع حديثه وعلى محياه ابتسامة عريضة "خلال ممارسة عملي, ينظر إلي البعض عندما أذهب للتغطية باستغراب شديد، وبعضهم يتساءل أمامي كيف تكتب وتؤدي واجبك كصحفي ومذيع وأنت كفيف البصر".
وتعليقاً على الأمر، قال بأنه يعتمد بدرجة كبيرة في الكتابة على الحاسوب الناطق، بينما يتخاطب أثناء تقديمه للبرامج الإذاعية المباشرة على الهواء مع المخرج بأسلوب الإشارة برفع يده كلما احتاج منه إلى فاصل أو عودة البث.
شعاره
ويُعد برنامج "التحدي والأمل" الخاص بمناقشة احتياجات ذوي الإعاقة من أشهر البرامج الإذاعية التي يتولى الحطامي تقديمه منذ ست سنوات، وشعاره في هذا البرامج كما يقول "لا إعاقة مع الإرادة ولا مستحيل مع العزيمة ولا يأس مع الحياة".
ويؤكد أنه نجح في استضافة العديد من الوزراء في الحكومة ومعالجة كثير من القضايا الخاصة بذوي الإعاقة في توفير الخدمات التعليمية والصحية وتخصيص 5% من الدرجات الوظيفية سنوياً لهم، كما نجح في الحشد المجتمعي لمناصرة قضايا ذوي الإعاقة.
وأضاف "كوني كفيف البصر واجهت كثيرا من الصعوبات والمشاكل في حياتي، لذا أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه المعاقين وأقدم كل جهد لدي في سبيل خدمتهم وتحسين أوضاعهم وحث المجتمع على الاهتمام والعناية بهم".
ورأى أن من أبرز المشكلات التي تواجه المعاق في اليمن غياب الدور الرسمي للحكومة في الرعاية والتأهيل، وعدم اهتمام المجتمع بهم.
وبينما لا يخفي الحطامي وجود صعوبات وتحديات كبيرة اعترضت حياته منذ ميلاده كفيفاً، يثني على دور أسرته التي منحته الثقة الكاملة في نفسه وساعدته في تذليل كل الصعاب وتخطي الإعاقة ومواصلة دراسته الثانوية.
وأوضح أن ما يتقاضاه مقابل عقد العمل مع الإذاعة مبلغ 15 ألف ريال أي ما يعادل نحو ثمانين دولار شهرياً، وهو يأمل أن يتم اعتماده من قبل وزارة الإعلام بدرجة وظيفية، كما يطمح أن يكمل مشواره التعليمي بالالتحاق هذا العام بالتعليم الجامعي في قسم الإعلام والصحافة.
شهادة
كما يشهد للحطامي مدير عام الإذاعة بالحديدة يوسف عبد الله جبريل بأنه كان من المبدعين رغم الإعاقة، حيث قال للجزيرة نت إن "جمال صنع قصة نجاح بالفعل، وسيكون له شأن أكبر إذا ما تم الاهتمام به وتنمية ما لديه من موهبة وإبداع في هذا المجال".
وأضاف جبريل "عندما كان الحطامي يشارك كمستمع كان من الملهمين بالعمل الإذاعي، وكان له شغف بحب الإذاعات، وله مساهمات في الإذاعات اليمنية وأخري عربية، وإبداعه في إذاعة الحديدة لم يأت من فراغ وإنما الإبداع كان يتجسد في داخل جمال".
وقال مدير الإذاعة أيضا "استطعنا في البداية استضافته كضيف مشارك في الإذاعة ومن ثم بدأنا نكتشف أن هناك قدرات لديه. وبالفعل أبدع في برامجه لذوي الاحتياجات الخاصة وقدم من خلالها كثيرا من الخدمات عبر الاتصالات من أهل الخير الذين تجاوبوا مع البرنامج وقدموا الدعم والمساعدة لذوي الإعاقة".
نقلاً عن الجزيرة نت