الحديدة : المعارك العسكرية تتسبب في تأخر عريس عن موعد زفافة ” عريس كيلو (16) “

‏  6 دقائق للقراءة        1028    كلمة

 

الحديدة نيوز / د كمال البعداني
لم يكن يعلم ابن محافظة لحج والمقيم في صنعاء ان يوم عرسه سيتحول الى حكاية اغرب من الخيال . منذ عام اتم عقد قرانه مع من اختارها شريكة لحياته والمقيمة ايضا في صنعاء . واتفق الجميع ان يكون العرس في فترة الصيف 2018م . وقد تاخرعن موعده اكثر من مرة.. وبعد جهد جهيد استطاع ان يحجز صالة ليقام فيها عرسه المقرر يوم الخميس 13 سبتمبر وكان ذلك بالتنسيق مع اهال العروسة الذين حجزوا قاعة الى نفس اليوم ايضا . كانت الامور تمشي على مايرام . قام العريس بتوزيع الدعوات لاحبابه ومعارفه من قبل موعد العرس باسبوعين وكذلك فعل اهال العروس . وبما ان العريس يعمل في احدى المصانع بمدينة الحديدة وتحديدا في منطقة (كيلو 16) فقد قرر النزول الى هناك قبل العرس بسبعة ايام لامر ضروري ولتخليص بعض الاجراءات المتعلقة بعمله حسب طلب ادارة المصنع وكذلك استلام المساعدة المالية التي وعدته بها الادارة . عارضت الاسرة فكرة نزوله الى الحديدة بسب الاوضاع هناك ولكنه طمأنهم ان الامور هادئة كما ان هناك مفاوضات مقررة في جنيف وقد وصل وفد الشرعية الى هناك وقد صرح المبعوث الدولي ان الامور ستكون على مايرام … تطمن صاحبنا لكلام المبعوث الدولي. ويمم وجهه غربا في اتجاه عروسة البحر الاحمر وفي باله عينا عروسته التي سيجتمع بهابعد ايام قليلة . ذهب الى هناك والشوق الى العودة يملاء جوانحه .

وصل الى مقر عمله واخذ سيارته التي كانت هناك ودخل الى المدينة بقصد شراء بعض مستلزمات العرس . عاد الى المصنع لاتمام ما نزل من اجله على امل العودة الى صنعاء نهار الاثنين او صباح الثلاثاء . لكن الامور تطورت بشكل درامي لم يكن يخطر بباله على الاطلاق سياسيا وعسكريا ،فقد فشلت مفاوضات جنيف ولم تنعقد اصلا . بدا الزحف البري المصحوب بتغطية جوية ومساندة بحرية في اتجاه المدينة وتحديدا في اتجاه منطقة كيلو (16) . حيث مقر المصنع الذي يوجد به عريسنا الهمام الذي وجد نفسه محاصرا تماما مع العديد حوله ولايستطيعون الخروج. لان الموت ينتظرهم .

فقد وقعوا في منطقة وسط مابين المهاجم والمدافع . ظل صاحبنا هناك ما يقرب من ثمانية واربعين ساعة . كانت عنده كالدهر كله . مرت وهو يستعرض في مخيلته كيف ستسير الامور في صنعاء الخميس القادم يوم عرسه ، وكانت تلك الساعات ايضا سودا على اهله في صنعاء الذين يتابعونه بالدقيقة . خرج من المصنع بعد تلك الساعات متحديا للموت . سيارته لم تكن معه فقد اخذها صديقه قبل يومين ودخل بها المدينة. فحالت المواجهات في بعض اطراف المدينة و في منطقة كيلو (16) بالذات دون عودته . قرر العريس الفدائي الوصول الى باجل باي ثمن حتى يصل الى صنعاء في الوقت المناسب . سلك مع مجموعة عبر احدى السيارات طريق الكدن الضحي حتى الوصول الى باجل ولكنهم سلكوا طرق فرعية وبعد توقفهم في الطريق ساعات متعددة خوفا من الطيران الذي لم يبارح سماء المنطقة وصلوا الى باجل وكان ذلك ظهر الخميس 13 سبتمبر وهو يوم عرسه المقرر في صنعاء .

تفرق عنه البقية كل الى وجهته . كانت السيارات المتجهة الى صنعاء شبه منعدمة . وبعد ساعات انتظار وجد العريس سيارة هايلوكس متجهة الى صنعاء قبل عصر الخميس ولما لم يكن هناك مجال لركوبه في القدام فقد قبل ان يركب في حوض السيارة بجانب ثلاثة اخرين كانوا هناك .. اما في صنعاء فقد بدا المدعوون بالتوافد الى الصالة المعلن عنها بالدعوات . وقد سبقهم الى هناك الفنان الذي تم حجزه من قبل . وكلما مر الوقت اخذوا يتسائلون عن العريس ولماذا لم يحضر ؟ وكان اهل العريس يسوقون لهم اعذار مختلفة . صعد العريس الى حوض السيارة ومعه شنطة ملابس وبجانبها علاقي دعاية بداخلها سته عقود من الفل اشتراها من باجل . كان كل همه ان يصل في وقت مناسب حتى يستطيع الذهاب الى القاعة التي فيها عروسته فيلتقط معها الصور ثم ياخذها معه الى شقته حسب ما تم الاتفاق عليه . اخذ ينادي سائق السيارة ويترجاه ان يسرع . ولكن كان القدر له بالمرصاد . فعندما وصل الى اول نقطة امنية تم توقيف السيارة وطلب البطائق منهم وبعد سين وجيم والقسم بالايمان المغلضة انهم ليسو هاربين من جبهات القتال تم السماح لهم بالمرور خاصة وقد شرح لهم صاحبنا قصته . وللتدليل على ذلك اظهر لهم دعوة لفرحة كانت في جيبه كما اهدى لمشرف النقطة عقد من الفل . وهكذا تعاملوا معهم في بقية النقاط فمنهم من كان يتعاطف معه فيسمح لهم بالمرور ومنهم من لم يتفهم فيحجزهم لساعات . انتهى الشحن من تلفونه فانقطع عن اهله . رفاقه الذين معه في حوض السيارة وهم من ابناء صنعاء وبعد ان عرفوا قصته تعاطفوا معه واخذو يواسوه ويسلوه بترديد ببعض النكت وبعض اناشيد الزفة الصنعانية . اما سائق السيارة فلم يطفي صوت الزامل الاعندما تعطلت السيارة لبعض الوقت بالقرب من مناخة. غادر المدعوون من الصالة مع حلول المساء وهم في حيرة من الامر. اما في قاعة الاحتفال الخاصة بالعروسة فقد اضطر الاب الى مصارحة ابنته بالحقيقة واخذها معه الى البيت ،، ومع تباشير صباح الجمعة وصل بطلنا العريس الى منطقة (عصر) على مشارف العاصمة فاخذ يتامل الخيوط الفضية الصادرة من خلف جبل نقم حيث شروق الشمس ولعله تذكر حينها فستان عروسته والذي اشتراه لها والمطرز بالالوان الفضية . نظر الى الدعاية التي يحملها فلم يجد فيها غير عقد فل واحد متبقي من الذي كانت معه . فنظر الى رفاقه وقهقه قهقهة طويله وفعل رفاقه كذلك والذين البسوه عقد الفل المتبقي واخذو يزفونه وفي تلك اللحظة وصل بعض افراد اسرته الذين خرجوا للبحث عنه . فركبوا جميعا معهم وهم يرددون الزفة ولكن لا نعلم الى اين ؟ فالعريس في حالة ارهاق وتعب شديد . لا شك ان العروسة قد اصابها الحزن الشديد ولكنها ستكون مطمئنة ان زوجها لن يفكر بعرس اخر في المستقبل . اما العريس فقد استفاد درس كبير بان الذي يصدق ويثق بكلام المبعوث الدو لي سيلاقي نفس المصير .

#الحديدة_نيوز #كمال_البعدااني

عن gamdan

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *