الحديدة نيوز / خاص
قالت الناشطة والحقوقية منال قايد والتي كانت تعمل مع منظمة مواطنة بأن هناك من طرفي الحرب من يدفننا أحياء وينثر التراب على رؤسنا ليتلذذوا بذلك ..
وقال قايد في منشور لها على صفحتها في الفيس رصدها موقع ” الحديدة نيوز ” الاخباري اليكم ماجاء فية :
عملت لمدة 3 اعوام في رصد انتهاكات الحرب قابلت العديد من الضحايا اللذين تركتهم خلفي بدون ان اتمكن من مساندتهم , لا املك المال ولا النفوذ ..لا املك شيء على وجه الدقة.
لا استطيع نسيان وجوههم واسمائهم , عباراتهم المبتورة , و أكثر ما يخيفني أن أموت في هذه الحرب انا وكل تلك القصص الأليمة.
بإمكاني سرد على سبيل المثال لا الحصر بشير ذو الاعوام السبعة وهو الناجي الوحيد من قصف طيران التحالف منزل عمه الذي قام بتبنيه بعد وفاة أمه اثناء ولادتها به, بشير ظل في العناية المركزة لعشرة ايام وحين عاد وعيه له كان يموء مثل قطة ولا يستطيع نطق كلمة واحدة .
غادر بشير المشفى بعد أن شفي تماما الى ذات القرية وبقرب من منزل عمه المطمور بالأرض , عاد بشير بدون أن يحظى بدعم نفسي وبدون التأكد والتحقق من امر العائلة التي ستتولى تربيته.
اتذكر ايضا بكري ذو ال 14 عاما الذي فقد والديه وشقيقاته الثلاث وبقى وحيدا في حادث قصف الطيران للحي الذي يقطن به , ان أسوء ما تعرض له بكري هو استغلال الاعلام له وكمية التبرعات الهائلة التي حصل عليها الصبي المراهق واضاعها بصحبه رفقاء استغلوا هشاشته.
حين التقيت به بعد 3 سنوات كان الاعلام قد نسي أمره وانفض الاصدقاء من حوله ولم يعد مادة دسمة للصحافة والاعلام , بدا لي ساخطا ناقما من كل شيء يريد الحصول على المال بأي طريقة , عصبي متعكر المزاج .. لا شيء يعيده طفل بائس وخائف الا صوت الطائرات.
هناك ايضا روضة التي انفجر لغم في حافلة كانت تقلهم الى المدينة هربا من خطر الاشتباكات التي طالت مدينتهم .. مات شقيق روضة الصغير وقالت لي أنها رأت صدره مفتوح مثل سمكة صغيرة مطهية.
كانت اصابة روضة بليغة لذا لم تستقبلها المشافي الحكومية وتم قبولها في مشفى خاص بعد أن رهن اهلها جميع مدخراتهم .
وامام الفاتورة الباهظة جدا تم ايقاف الخدمات الصحية حتى سدادها وطلبت ادارة المستشفى من اهلها المغادرة وتسديد الحساب المتراكم .
لم ننجح في الحصول على دعم صحي من المنظمات العاملة في المدينة لأن جميعها تقدم الخدمات للأطفال فقط وروضة ذات 22 ربيعا .
من ساند روضة اناس عاديين بل بالأصح ملائكة طيبين جمعوا تبرعات لها وساندوها في ما يمكن وصفه حرفيا بأنه لحظات أخيرة لحياتها.
لا أنسى أبدا وجه فاطمة المنهك الباحث في وجوه الناس عن ابنها المفقود عبدالرحمن -١٣ عاما اثناء رحلة نزوحهم من مدينتهم المنكوبة.
كان الوقت ليلا اثناء تجمع اهالي حرض المنكمشين على اجسادهم بانتظار الحافلة التي ستقلهم الى ملاذ آمن.
اختفى عبدالرحمن فجأة وكأن ماردا خفيا اختطفه
لا تصدق فاطمة ابدا رغم مرور 3 سنوات من البحث المتواصل أن اقرب الأحتمالات في أرض محروقة كحرض هي وفاة ابنها الضائع تقول فاطمة انها تراه في احلامها وحيدا في سجن كئيب.
ان اوجع القصص التي مررت بها هي حادث السوق الشعبي في احد ارياف الحديدة التي كان ٦ من ضحاياها هم اطفال .
في المستشفى قامت احدى المنظمات بالتكفل بعلاجهم جميعا عدا الضحية رقم سبعة وهو كهل في الستين من عمره لانه لايدخل ضمن نطاق خدماتها.
اشعر باليأس فبعد كل هؤلاء الضحايا اللذين ماتوا قصفا بالبوارج والطائرات ومدافع الهاون والالغام هناك الآن لون آخر من الموت.
الجوع :
جميعنا في حفرة مظلمة وهناك من يدفننا احياء وينثر التراب على رؤوسنا عمدا وعدوانا وتلذذا.
من يستطيع الخروج من هذه العتمة الى وطن آخر فليفعل.