حطّ المبعوث الأممي إلى اليمن مارت جريفيث في الحديدة، حيث يستكمل جهوده التي بدأها مؤخراً في محاولة لوضع حدّ للحرب وإرساء السلام في البلاد.
زيارة جريفيث إلى الحديدة، بما ترمز إليه المدينة المطلة على البحر الأحمر، من أهمية لدى «الشرعية» و«أنصار الله» كطرفين أساسيين في الحرب، أتت لتوجّه عدّة رسائل في عدّة اتجاهات.
مصادر مواكبة لزيارة جريفيث، التي استهلها في صنعاء قبل أن يصل الحديدة، تقول لـ«العربي» إن المبعوث الدولي «جاد في مساعيه لتحقيق خرق في جدار الأزمة اليمنية».
تضيف المصادر أن جدية جريفيث، تدعمها هذه المرة «أجواء دولية ضاغطة باتجاه إنهاء الحرب والدخول في مفاوضات سلام بين الأطراف المتنازعين».
وفي سياق «الأجواء الدولية الضاغطة لإنهاء الحرب»، تقول المصادر إن المبعوث الأممي وصل صنعاء وهو «مزوّد بالتزام من قبل الشرعية والإنقاذ بحضور محادثات السلام»، التي يأمل أن تنعقد في السويد قبل نهاية العام الجاري.
وفي خضم الانشغال اليمني بمتابعة زيارة جريفيث إلى صنعاء والحديدة، وما ستتركه من آثار وتداعيات إيجابية أم سلبية على جهود وقف الحرب، بزر موقفان أوليّان لكل من حكومتي هادي و«الإنقاذ»، يمكن عبرهما قياس مدى رضا الطرفين على أداء المبعوث الأممي، وبالتالي مصير المفاوضات المرتقبة.
«الشرعية» مرتابة
لا تبدو الأجواء في معسكر «الشرعية» مريحة، بحسب ما نقلت مصادر مواكبة لـ«العربي». إذ إن رسائل سرية وأخرى علنية بعثتها حكومة هادي عبر قنوات اتصال مع المبعوث الأممي.
وفي هذا السياق، تقول المصادر إن «الشرعية لا تنظر بعين الرضا إلى زيارة جريفيث إلى صنعاء، لا بالشكل ولا بالمضمون». فمن حيث الشكل، فإن «مروحة اللقاءات الواسعة التي عقدها المبعوث الأممي مع أركان الحكم في صنعاء، أوصل رسالة لمن يعنيهم الأمر مفادها أن حركة أنصار الله التي تحكم قبضتها على صنعاء، قد رتّبت لقاءات عديدة لجريفيث مع أطراف متعدّدة كلها تصب في مصب الحركة».
المصادر تعتبر أن «استعراض القوة الذي نفّذته الحركة في صنعاء بالأمس، وتوّجته بلقاء جمع جريفيث بقائدها عبدالملك الحوثي، ترك استياءً لدى أركان الشرعية، التي ترى أن المبعوث الأممي يحاول التساهل مع الحركة لضمان موافقتها على حور المفاوضات».
إشكالية إضافية تٌسجّلها حكومة هادي على التحرّك الدولي الأخير على مسار وقف الحرب. تقول المصادر في هذا السياق إن الموقف الأمريكي الأخير الداعي إلى تسليم ميناء الحديدة إلى طرف ثالث محايد «لا يحظى هو الآخر بموافقة الشرعية التي تتمسّك بالمرجعيات الثلاث التي تؤكد على أن الميناء يجب أن يعود إلى سيادة الحكومة الشرعية، التي تستغرب أيضاً عدم الوضوح فيما يتعلّق بالبند الأساسي الذي نسف كل الجهود السابقة والمتمثّل بتسليم أنصار الله السلاح والانسحاب من المدن».
حذر في صنعاء
«المرجعيات الثلاث» المتمثّلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة ومخرجات الحوار الوطني الشامل والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216، التي تضعها حكومة هادي أساساً لأي مفاوضات مقبلة، تقول مصادر إن «صنعاء ترى أنها باتت بحاجة إلى مراجعة معمّقة في هذه المرحل بالذات، خصوصاً ما الشق المتعلّق بتسليم السلاح».
تضيف المصادر إن «صنعاء تسأل عمّن هي الأطراف التي عليها تسليم سلاحها ولمن؟ وهل هذا التفصيل يشمل جميع الأطراف على كامل الجغرافيا اليمنية؟ أم أنه مخصّص فقط بقوات صنعاء وأنصار الله تحديداً؟».
الحذر في صنعاء تبرّره المصادر بـ«التجارب العديدة الفاشلة سابقاً»، إلا أنها تقول إن «التجربة الحالية تحمل الكثير من بوادر النجاح في حال كانت الأمم المتحدة صادقة في مساعيها للحل، وتخلّت عن التحيّز الكامل للسعودية وحلفها في اليمن»، ونعتبر أن «إشارات الجدّية تظهر عندما تُلزم السعودية هادي وحكومته بالمشاركة في مفاوضات السويد دون أي عرقلة أو شروط مسبقة».
(العربي)