جائحـــــــــة….
حيث تجتاح الكوليرا اليمن للمرة الثالثة وتصنف بأنها اكبر كارثة صحية يشهدها العالم في العصر الحديث, وتصفها مراكز الرصد الوبائي العالمية والوطنية بـ “الجائحة المهددة للحياة” .. و”الوباء الكارثي” .. و”الكوليرا الفاشية”… في بلد يعاني من أسوء أزمة إنسانية وعلى حافة المجاعة بعد إستهداف وتدمير بنيته التحتية ومرافق البنية الأساسية من العدوان السعودي الأمريكي الذي يقتل اليمنيون بلا هواده في “الجحيم المبكر” حسب وصف المنظمات الدولية .. “ومن لم يمت قصفاً .. مات مرضاً” في “جمهورية الكوليرا”حسب توصيف الإعلام الدولي.
وسجلت وزارة الصحة العامة والسكان أول إجتياح للكوليرا منذ أواخر سبتمبر2016م وحتى فبراير 2017م، والثانية بدأت أواخر أبريل 2017م واستمرت حتى مطلع نوفمبر من العام نفسه في حين ظهرت الجائحة الثالثة مع بداية العام الجاري.

ويوصف العلاج بـ “الإمهاء” ( تناول محلول الإرواء عبر الفم) كعلاج فعال في الحالات البسيطة, فيما تعمل المضادات الحيوية المترافقة مع محاليل الإرواء الوريدية على تقصير مسار المرض والحد من شدة أعراضه وتوصف المضادات الحيوية مثل علاج التتراسيكلين العلاج الرئيسي والفورازوليدون والكلورمفيكول والدوكسيسكلين والكوتريمازول والأريثوميسين .وبحسب البحوث الوبائية التي نشرتها دوريات علمية تتأثر حساسية الفرد للتعرض لمرض الكوليرا بفصيلة الدم, إضافة للأشخاص اللذين يعانون من انخفاض حموضة المعدة وآخرين يعانون من سوء التغذية.
غــــرور……
فيما يصر أحد المرضى (في مرحلة التشافي من الكوليرا ) إلتقته “سبـأ ” في مستشفى الشهيد الملصي على مضغ القات وتناول المشروبات الغازية خارج المركز, وبالرغم من نصح الدكتور له بأنه مازال بحاجة للراحة إلا أنه اعتقد أنه طرد المرض وانتصر عليه وبعد ساعات من( مغامرته المستعجلة) ومضغ القات باغتته نوبة إسهال جديدة ليتأكد أنه بحاجة لقليل من الصبر خاصة وهو يردد انه الشاب الأكثر دراية بحالته قائلا بتباهي ” اول ما شعرت بالمرض وتسارع الإسهال الساعة التاسعة مساءً سارعت بإسعاف نفسي بدون مرافق الساعة الحادية عشرة ليلاً و الحمد الله أنا أحسن حالا ” من كل الأحياء- الأموات هنا “.
و بحسب نصائح الدكتور توفيق محمد بمستشفى الشهيد الملصي تعتبر فترة التشافي والنقاهة مهمة بعد فترة المرض فيجب على المتعافي التزام إرشادات الطبيب من مواصلة تناول محلول الإرواء والالتزام بالنظافة وغسل اليدين وعزل المريض في الأكل والشرب وغسل ملابسة وتعقيمها لفترة تتراوح من خمسة أيام إلى أسبوع بعدها يكون تجاوز مرحلة القلق تماماً. مكابــــــــــــــــــرة….
أصر بعناد بأنه سيتجاوز الإسهال هو وزوجته “عتيقة” بوصفات شعبية في المنزل ومرت ثلاثة أيام وتدهورت حالته مع “عتيقة” التي خافت أن يخطفها الموت من أحضان أبنائها وبناتها الأربعة ويفقدون حنانها وهي العائل الوحيد لهم خاصة وزوجها لا يملك من حطام الدنيا سوى الدعاء لهم بالنجاة والستر من مغبات الزمن.
تاركاً لها مهمة تأمين “هموم البقاء” فقررت أن تذهب لمستشفى السبعين لتلقي العلاج والتخلص من الكوليرا وترك زوجها لعناده ومكابرته وتقول “أنا جئت للمستشفى و تركت لزوجي حرية الحياة أو مصارعة الموت”.

الانتشار الوبائي للكوليرا في بلادنا دفع الباحثين في علم الجراثيم والأوبئة لفهم طبيعة سلالة البكتيريا التي خلفت تفشي الوباء بشكل متسارع، حيث تعقب الباحثون في دراسة تم تنفيذها لمدة ثلاث سنوات منذ جائحة الكوليرا الأولى في عام 2016م وتم نشر نتائجها مطلع يناير من العام الجاري 2019م تسلسل جينوم بكتيريا “ضمة الكوليرا” من عينات الكوليرا التي تم جمعها من بلادنا وبعض المناطق المجاورة. واستعان الباحثون بـ42 عينة من حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن للوصول إلى نتائج الدراسة، وأخذت العينات من اليمن ومن مركز للاجئين اليمنيين على الحدود السعودية اليمنية، إلى جانب 74 عينة أخرى من حالات الإصابة بالكوليرا من جنوب آسيا والشرق الأوسط وشرق ووسط أفريقيا.
وقارن الباحثون هذه المتواليات الجينومية بعينة مأخوذة على مستوى العالم تضم أكثر من 1000 حالة من حالات الإصابة بالكوليرا من موجة الوباء الحالية المعروفة باسم وباء الكوليرا السابع، التي بدأت في الستينيات من القرن العشرين، وتسببها سلالة واحدة من الكوليرا.
وهدفت الدراسة التي ادرجت ضمن مبادرة عالمية تهدف إلى إقامة نظام مراقبة عالمي للكوليرا، “تنطلق فيه مكافحتها على أساس معرفة تسلسلها الجيني عبر عزل فاشيتها المرضية”، وتشترك في الدراسة منظمة الصحة العالمية واليونيسف ومنظمة أطباء بلا حدود والعديد من الهيئات الصحية الأخرى وعملت الدراسة على التوصل لفهم أفضل للكيفية التي تنتشر بها مُسببات الكوليرا حول العالم”، بما يُسهم في الحد من الإصابات مستقبلًا .
واكتشف العلماء أن سلالة الكوليرا المسببة لوباء اليمن مرتبطة بسلالة ظهرت لأول مرة عام 2012م في جنوب آسيا وانتشرت على نطاق عالمي، لكن السلالة اليمنية لم تصل مباشرة من جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، لكنها انتقلت إلى اليمن من شرق أفريقيا حيث تفشت الكوليرا في الفترة من 2013م إلى 2014م، دون تحديد أي بلد في شرق أفريقيا على وجه الدقة، فيما يؤكد الناطق الرسمي لوزارة الصحة العامة والسكان الدكتور يوسف الحاضري أن الوزارة تنفذ دراسة لبحث أسباب انتشار وباء الكوليرا خاصة وأن هناك شكوك حول نشره من قبل العدوان عبر مرتزقته بحسب الدكتور الحاضري الذي يعتبر أن “الحرب البيولوجية” جزء من العدوان العسكري واستخدم في عدة حروب ضد شعوب العالم من قوى تمتلك قررات الحروب الوبائية. ونجح الباحثون في تحديد نوع المُضادات الحيوية التي يُمكن استخدامها لمحاربة فاشية الكوليرا اليمنية، حيث أظهرت سلالة الكوليرا مُقاومة لثلاثة أنواع من المُضادات الحيوية: نيتروفيورانتوين، فيبروستاتيك O/129، وحمض الناليديكسيك، فيما نجح 17 نوعًا من المضادات الحيوية في القضاء على البكتيريا المُسببة للمرض، أبرزها (البوليمكسين ب Polymyxin B)، وهو نوع من المضادات الحيوية رخيص السعر وذو فاعلية كبيرة في محاربة البكتيريا والفطريات والتهابات السحايا.
ويقول “فرانسوا كزافييه ويل”، الباحث في مجال الأوبئة بمعهد باستير الفرنسي، والمؤلف الأول للدراسة: “إن النتائج قدمت إعادة بناء للمسار الذي انتشرت من خلاله سلالة الكوليرا التي ضربت اليمن خلال الأعوام الماضية”.
