|
آثار تهامه ..شواهد لحضارة عريقة منذ القدم
الحديدة نيوز- حسن يحيى
كثير من المعالم الاثرية والتاريخية في تهامة اندثرت , ولم يتبقى منها سوى بقايا شواهد وملامح لتاريخ عريق وحضارة كانت تتميز بها مناطق تهامة منذ القدم.
وتعتبر تهامة ذات ماض تاريخي عريق اشتهرت بمعالمها التاريخية والاثرية في عدد من المناطق بمحافظة الحديدة , حيث لا يزال بعضها شاهد حي على تاريخ “تهامه” ومناطقها فيما البعض من هذه الأثار اندثر واصبح في خبر “كان”.
فباب مشرف بمدينة الحديدة مازال شاهداًَ عن تاريخ طوي في ملفات الإهمال ولم تعد سوى نوبة قلعة باب مشرف تذكرنا ان هناك تاريخاً كان واندثر.
فقلعة باب مشرف أحد الحصون التي كانت موجودة في القرن الثامن الهجري على السور القديم الذي كان يحيط بأقدم احياء مدينة الحديدة، إلا أن السور تهدم واندثر تماماً ولم يبق منه سوى باب مشرف الذي بناه الشريف الحسين بن علي الخيراتي عام 1264هـ أثناء سيطرته على المنطقة إضافة إلى نوبة القلعة التي تتكون من دورين مبنيين بالياجور وتستخدم حالياً كقسم شرطة وتعاني من الإهمال والخراب.
القلعة التي بنيت عام 964هـ اثناء الاحتلال العثماني الأول استخدمت كاستحكامات دفاعية ومن ثم استخدمت كسجن من قبل العثمانيين ومن بعدهم الائمة… أما في العقد الاخير فيبدو ان التشويه طالها حيث تم إضافة عدد من الدكاكين ملاصقة تماماً لسورها العالي الذي شوه مسبقاً بحجارة سوداء غطت الياجور.. واستخدم في بناء الدكاكين مواد بناء اسمنتية افقدت القلعة وسورها عظمة التاريخ وهيبته.
متاجرة بالاثار
وتعرضت المدبات التاريخية والاثرية بمدينة الحديدة خلال العام 2004-2010 لمؤامرة من قبل مسؤلين على حد وصف مدير مكتب الآثار سابقا بمدينة الحديدة وذلك عندما تم تأجيرها على تجار بمبالغ تافهة شهرياً متجاوزين مكتب الاثار المعني بالأمر مما أدى إلى طمس هذه الاثار دون انصاف من الجهات الرسمية.
ووصف مدير مكتب الآثار السابق أحمد عمر ديك أن هناك عملية متاجرة تعرضت لها المدبات في الفتره ما بين 2004- 2010 من قبل مكاتب لا دخل لها بالآثار مثل مكتب الأوقاف وصندوق النظافة والتحسين والانشاءات من أجل تأجير المواقع الاثرية والتاريخية بمدينة الحديدة والمتمثلة بمدب باب مشرف والصديقية وغيرها , وتم تأجيرها على شخص تاجر في الحديدة لعمل دكاكين ومحلات في هذه الاماكن ورفعنا الموضوع إلى القضاء وهم استندوا على صورة من مذكرة وجهها محافظ الحديدة السابق “شملان” ولكنه تراجع وقطع الاصل وهم استندوا على صورة طبق الاصل من هذا التوجيه وصدر حكم قضائي مع أنني لم اشوفه ولكني سمعت أنه نص على أحقية التمليك بين مكتب الاوقاف والمستأجر.
ويقول “ديك” هناك نصوص قانونية تؤكد تجريم تأجير مناطق الاثار أو البيع فيها أو التصرف الشخصي فيها ولكننا نتفاجأ بمكتب الاوقاف يتصرف من تلقاء نفسه على الرغم من أن مناطق الاثار باختصاص مكتب الاثار وحده.
مدينة زبيد التاريخية
الاخ يوسف الزبيدي الباحث في الاثار يقول عن مدينة زبيد الاثرية والمهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي “تعتبر زبيد من المدن التاريخية المهمة في تهامة ويوجد بها الكثير من المعالم الاثرية مثل قلعة زبيد التاريخية وأبواب المدينة الاربعة “باب القرتب من الجنوب وباب الشباريق من الشرق وباب سهام من الشمال وباب النخل من الغرب” وجامع الاشاعر الذي يعتبر أول مسجد و بني سنة (8هـ) والجامع الكبير الذي أُسِّس في عهد بني زياد و كان لها سور دائري، تتخلَّله الكثير من الحصون، لم يتبقَّ منها سوى حصن نوبة الكتف، الواقع إلى الشمال الشرقي من باب الشباريق، ونوبة الجربة الواقعة إلى الشمال الغربي من باب النخل، ونوبة الصديقية الواقعة إلى الشمال الشرقي من باب القرتب.
ويضيف” زبيد هددت بالشطب من قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو نتيجة الاستحداثات والبناء المخالف للمواد التي بنيت منها المنازل القديمة والاثرية.
ويؤكد ” ” أن تهامة غنية بالمعالم التاريخية والقلاع الاثرية إلا أن معظمها تعرض للانهيار وبعضها لم يتبقى منها سوى شواهد تذكرنا ان هناك تاريخاً كان واندثر نتيجة الاهمال وعدم وضع خطة لكيفية التعامل مع هذه الاثار للحفاظ عليها.
قلعة الزيدية بؤرة نفايات
تأخذك الدهشة اثناء زيارتك لقلعة مدينة الزيدية التاريخية والتي تحولت من معلم تاريخي إلى مكان تتجمع فيه النفايات والمخلفات وبقايا سوق المدينة الذي يجاورها من جهة الغرب .
القلعة تعرضت لانهيارات في سورها من عدة جهات واستحدثت بعض الاجزاء منها مخالف تماماً لنوعية المواد التي بنيت بها القلعة والتي تقع وسط مدينة الزيدية .
وباتت هذه القلعة التاريخية ومعالم أخرى في المديرية تشكو الاهمال وغياب الاهتمام من قبل الجهات المعنية.
ويتهم عضو في المجلس المحلي بمديرية الزيدية ما اسماها ب”الجهات المعنية” بعدم الحفاظ على هذه الاثار والمعالم التاريخية والتقاعص عن القيام بدورها, رغم توجيه العديد من المذكرات الرسمية والرسائل باسم المجلس المحلي بالمديرية التي تحكي وضع القلعة الاثرية إلا أن ذلك لم يلقى استجابة.
و ترجع بداية اختطاط هذه القلعة إلى أوائل القرن السادس الهجري بعد اندثار مدينة المهجم .. أما القلعة فيرجع بناؤها إلى فترة التواجد العثماني الأول : تتكون من بناء مستطيل الشكل له أربع نوبات حراسة تتوزع على أركانه الأربعة .
يقول أهالي مدينة الزيدية أن هناك اهمال من قبل الجهات الرسمية لهذه القلعة التي تنهار يوم بعد آخر في سورها ويتم رمي المخلفات إلى جانبها من قبل الكثير من الباعة والأهالي دون رادع من أحد.
آثار في غرف الإنعاش
وتمتاز عدد من المناطق التهامية في ريف محافظة الحديدة بالعديد من المنازل والقلاع التاريخية التي تدل على أنها بنيت في حقب تاريخية ماضية وتم بنائها على نمط معماري فريد ومميز، الأمر الذي جعل من هذه المناطق تحف فنية ذات طابع جمالي.
ومن هذه القلاع التي أصبحت تصارع الفناء في غرف الإنعاش وبحاجة ماسة وعاجلة إلى إعادة ترميم وتنتظر من الجهات الرسمية المحافظة عليها من أيادي العبث والتخريب ومن هذه القلاع والمعالم الاثرية:-
“قلعة باجل” التي يعود تاريخ تشييدها إلى فترة التواجد العثماني الأول في اليمن 1538 – 1635م ، تقع أعلى قمة الجبل المطل على مدينة باجل .
حصن الضامر : وهو موقع أثري قديم يقع في جبل الضامر جنوب شرق مدينة باجل على بعد 25 كيلومتراً وارتفاع 800 متر عن سطح البحر ، عامر بالقرى والسكان ، وجدت في مواقع قريبه منه بعض القطع الأثرية وقطع من النقود المعدنية التي تعود إلى عصور ما قبل الإسلام .
قلعة بيت الفقيه :قلعة أثرية قديمة تقع على ربوة عالية بارتفاع عشرة أمتار في الجهة الشرقية من مدينة بيت الفقيه ، لها أربع واجهات مبنية من الآجر تزين جدرانها وأسطح سقوفها زخارف بديعة ، غرفها مسقوفة بجذوع الأشجار ، تحوي بداخلها مسجداً وعدداً من الملحقات والمرافق ويتوسطها فناء أبعاده ( 32 × 47 ) متراً ، يعود تأسيسها إلى فترة التواجد العثماني الأول حينما قام ببنائها الوالي العثماني مصطفى باشا وتجدد بناؤها خلال الفترات اللاحقة أخرها عام 1349 هـ .
القلعة ذات طابع معماري متميز وبها قنوات للماء من وإلى القلعة ، تستحق الدراسة والترميم بوصفها معلماً أثرياً مهماً .
مجموعة قلاع الجاح :ساحل الجاح من الشواطئ الجميلة بمحافظة الحديدة يمتاز برماله الناعمة ويقع غرب مدينة بيت الفقيه ويوجد على هذا الساحل مجموعة من القلاع الأثرية القديمة تعود فترة التواجد العثماني في اليمن ومنها :
قلعة الدرارشة : تقع بقرية الدرارشة بالجاح وهي من القلاع الأثرية التي تم تجديدها عام 1147 هـ .
قلعة الصفارية : قلعة قديمة بنيت أو جددت عمارتها عام 1147 هـ ضمن الاستحكامات الدفاعية عن شاطئ المنطقة .
دار العميسي :بناء قديم يزيد عمره عن 200 عام يقع شرق سوق مدينة الخوخة ، وهو مصمم على نمط الحصون الحربية القديمة ، حيث يحتوي على متاريس وفتحات تغطي كافة اتجاهاته وزواياه ، يستخدم حالياً سكناً لإحدى الأسر .
قلاع وحصون الزهرة :مدينة الزهرة عمرها أكثر من 200 عام تقع على مجرى وادي مور ، تضم جنباتها قلعة وحصناً حربياً قديماً ( قلعة الزهرة) التي شيدها الشريف حمود بن محمد الخيراتي عام 1220 هـ ، وتعرضت لقصف البوارج الحربية البريطانية في الحرب العالمية الثانية .
وفي مديرية الزهرة حصن المعترض ( 4 كيلومترات شرق الزهرة ) يعزى بناؤه إلى الشريف علي بن محمد الملقب بـ ( البراق ) .
أما قلعة الكاملية والمحاليب .. فهي القلاع القديمة وفي المحاليب موقع أثري قديم يضم عدداً من المباني .
قلاع اللحية :تأسست مدينة اللحية في القرن السابع الهجري ، وهي ميناء طبيعي على البحر الأحمر ( 175 كيلومتراً ) شمال المديرية ..وكان الميناء من أهم الموانئ الرئيسية لتصدير البن اليمني .
ويوجد في اللحية عدد من القلاع والتحصينات الحربية القديمة ..ويبلغ عددها أكثر من 14 قلعة وحصناً قديماً أهمها وأكبرها على الإطلاق( قلعة الزيلعي ) بمدينة اللحية .
وتقع القلعة على تل مرتفع يشرف على المدينة يتحكم بمدخلها الرئيسي من البر ، وهي مكونة من طابقين ومساحتها حوالي ثلاثة آلاف متر مربع .. أساساتها قوية مبنية من أحجار الكلس البحري وجدرانها من الآجر المحروق ،تضم القلعة بعض المرافق الداخلية أهمها صهريج لتخزين المياه مزود بنظام محكم لتجميع مياه الأمطار ، ولها سراديب سرية تحت الأرض بطول 500 متر ، تنفذ من القلعة إلى شاطئ البحر .
قلاع جبل الملح :هي ثلاث قلاع أثرية تتوزع على جبل الملح الذي يبعد 15 كيلومتراً عن مدينة اللحية ، بنيت خلال فترة التواجد العثماني الأول .
قلعة كمران :ترجح كثير من المصادر أنها تعود إلى فترة الاحتلال الفارسي للجزيرة عام 620م وقد تم تجديد بنائها على فترات متلاحقة منها عام 1517م أثناء الحملة البرتغالية .. وتتكون القلعة من عدة غرف متفرقة تحيط بها متاريس ويوجد بها بئر ومخازن لحفظ الحبوب والطعام بالإضافة إلى نفق .
قلعة الدريهمي :قلعة أثرية قديمة في مديرية الدريهمي ( 20 كيلومتراً جنوب الحديدة ) يرجع بناؤها إلى فترة التواجد العثماني في اليمن تستخدم حالياً مقراً لإدارة المديرية .
قلعة الطائف :اشتهرت هذه القلعة بـ ( قلعة أحمد فتيني ) بنيت عام 1341هـ على أرجح المصادر .. تتميز بضخامة مبانيها ومرافقها وقربها من شاطئ الطائف بمديرية الدريهمي .
قلعة رمان :تعرف باسم ( أبكر هادي ) وهي قلعة أثرية بنيت على ربوة مرتفعة بمنطقة النخيلة بمديرية الدريهمي ، تطل على البحر مباشرة ويرجع بناؤها إلى عام 1149هـ .
قلعة قضبة :تقع في منطقة قضبة على الطريق إلى مدينة الدريهمي يعود بناؤها إلى فترة التواجد العثماني الثاني في اليمن .
قلعة الولاج :في مديرية الحجيلة وهي قلعة أثرية ما تزال قائمة .. تقع على ربوة جبلية تطل على قرية الولاج .. وفي نفس المديرية تضم قرية سمهر بقايا حصن أثري .
قلعة الضحي :قلعة أثرية قديمة تقع وسط مدينة الضحي بنيت خلال فترة التواجد العثماني الأول ( 1538-1635هـ ) جدد عمارتها عام ( 1254-1264هـ ) الشريف الحسين بن حيدر الخيراتي .. ثم جددت مرة أخرى خلال فترة التواجد العثماني الثاني ( 1849-1918م ) يصل ارتفاعها إلى 15 متراً وأبعادها ( 30 × 60 ) متراً أساساتها قوية مبنية من الأحجار الصلبة وجدرانها من الطوب .. لها أربع واجهات وأربع نوبات موزعة على أركانها .. تستخدم حالياً مقراً لإدارة المديرية .
قلعة المغلاف :قلعة متوسطة الحجم تقع في مركز المديرية .. يعود بناؤها إلى فترة التواجد العثماني الأول في اليمن ، وقد قام بتجديد عمارتها الشريف الحسين بن علي حيدر الخيراتي أمير المخلاف السليماني عام 1254هـ .. وهي مبنية من طابقين على مساحة 150 متراً مربعاً .
قلعة القناوص :قلعة قديمة في مدينة القناوص ما تزال بقاياها قائمة .. يرجع إنشاءها إلى عام 1241هـ على يد الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله .. ومن ثم استكملت مبانيها في الفترات الزمنية اللاحقة كان أخرها عام 1970م حين رممها غالب المداني .
وهاهي قلعة القناوص اكثر القلاع إهمالاً ونسياناً بين ماشاهدنا.. تطل هي الأخرى حاملة عذابها وعناءها.. وينسل من بين جدرانها خراب ودمار.
قلعة القناوص التي بناها الشيخ عبدالله ابن ابراهيم في جنوب القناوص عام 1214هـ وبغرفة واحدة اضاف إليها الشريف حمود الحسيني “ابو مسمار” أمير المخلاف السليماني طابقين علويين كما قام أحد المواطنين ويدعى غالب المداني، بترميم الجزء الشمالي منها عام 1970م القلعة التي استخدمت كسجن في بعض الاوقات تهدمت الجدران الشرقية منها وسقطت بعض سقوف القلعة وخاصة الغرفتان الشماليتان.
وأخيراً ان ما يبعث في النفس الأسى والحزن والمرارة ان تحولت معظم هذه القلاع إلى مقلب للقمامة فيما تعاني بقية القلاع الاهمال بعد أن طالها الانهيار في عدد من اسوارها وطوابقها واجزاء كبيرة منها .
بحاجة هذه المعالم الاثرية إلى لفتة عاجلة من الوزارة والجهات المعنية في المحافظة إلى إعادة النظر حتى لا تبقى تهامة بلا تاريخ , وسرعة ترتيب ما تبقى من هذه الاثار ,وإعادة الروح لتهامة وتاريخها المجيد