6 دقائق للقراءة 1042 كلمة
الموت بالتقسيط في الحديدة!
الحديدة نيوز _ أمة الرزاق القزحي
بجسدهِ المثقلِ بالآلام والأوجاع ، اعتاد عبدالله هادي 40 عاماً، الذهاب إلى مركز الغسيل الكلوي الوحيد بمحافظة الحديدة، لعمل جلسة غسيل لكليتيه ، إذ يعاني من فشل في وظائف الكلى منذ ما يقارب عشرة أعوام.
بلهجتهه التهامية وصوته المملوء بالألم يقول “عبدالله” “في كل مرة آتي إلى مركز الغسيل أنتظر طويلاً حتى يأتي دوري لجلسة الغسيل الكلوي”.
ويضيف في حديثه لـ الحديدة نيوز “كنتُ من قبل أذهب إلى المركز في اليوم السابع (أي كل سبعة أيام) لعمل جلسة الغسيل.. لكن حالياً ننتظر إلى اليوم العاشر (أي كل عشرة أيام) وقد يطول الانتظار أكثر بسبب الإقبال الكبير على المركز، و جائحة كورونا التي فرضت إجراءات التباعد بين المرضى”.
ويتابع القول ” نعاني كثيراً بسبب الازدحام في المركز ، فأحياناً بعض المرضى لا يستطيعون الانتظار ؛ مما يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية، وهذا المشهد يتكرر دائماً ، فالمركز هو المكان الوحيد الذي يستقبل مرضى الغسيل الكلوي بمدينة الحديدة إضافة إلى المرضى من المديريات والمحافظات المجاورة .
إغلاق الطرق الرئيسية تُفاقم من معاناة المرضى.
ومع الآثار التي جلبتها الحرب وانتشار جائحة كورونا، يتفاقم الوضع الصحي لمرضى الفشل الكلوي بالحديدة، وهو ما أكده مدير مركز الغسيل الكلوي بالحديدة الدكتور أيمن كمال قائلاً ” المركز يعاني من الازدحام فعلاً ، فهو الوحيد بمدينة الحديدة الذي يستقبل المرضى والبالغ عددهم 900 مريض، إضافة إلى مرضى من محافظات مجاورة، وهو ما يشكِّلُ عبئاً إضافياً على المركز ، حيث لا يوجد أجهزة كافية تغطي جميع المرضى ” .
ويضيف ” أنَّ مرضى الغسيل الكلوي يواجهون أيضا هذه الأيام معاناة أخرى، وهي صعوبة الوصول إلى المركز ، بسبب إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة الحديدة ، حيث أصبح الكثيرُ من المرضى عاجزين عن توفير قيمة أجرة المواصلات ، والتي ارتفعت نسبتها إلى 500% خصوصاً وأن أغلبهم فقراء لا يستطيعون توفير المال.
المعاناة التي يمر بها مرضى الفشل الكلوي لا تقتصر على الألم فقط، وإنما تَحمّل معاناة السفر لمسافات بعيدة أيضاً.
تروي فاطمة المقطري (27 عاماً) معاناة السفر من مديرية المنصورية شرق المحافظة حتى وصولها إلى مدينة الحديدة لعمل جلسات الغسيل الكلوي قائلةً “انا واحدة من عشرات المرضى الذين يضطرون إلى السفر من أماكن بعيدة ، ويستغرق ذلك لساعات لأجل الوصول إلى مركز الغسيل الكلوي بمدينة الحديدة ، وعندما أصِلُ إلى هناك لا أستطيع وصف صعوبة لحظات الانتظار لتلقي جلسة الغسيل”.
وتواصل حديثها ” كان السفر من منزلي إلى مركز الغسيل الكلوي يستغرق 30 دقيقة ، لكن بعد انقطاع طريق كيلو16 الشريان الرئيسي الذي يربط المديريات بالمدينة ؛ أصبح السفر يستغرق أكثر من 3 ساعات وهذه معاناة تضاف إلى معاناة المرض ، وأصل إلى المركز وأنا منهَكَةٌ جداً من السفر ،، أفكر دائماً بالانتقال والسكن في المدينة لتلقي العلاج بشكل مستمر ، وهذا سيقلِّلُ من تكاليف السفر، وسيخفِّف عليَّ من المعاناة الإضافية قليلاً لكن ظروفي المادية لاتسمح “.
انتظار المصير المحتوم.
يواجه مرضى الفشل الكلوي منذ بداية الحرب والحصار الكثير من المعاناة، وأصبحت حياتهم مهددة بالخطر دائمًا، تارة من إنقطاع الكهرباء، وتارة أخرى من قطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى المركز الذي يعمل بامكانيات بسيطة ، وأجهزة قديمة انتهت فترة صلاحية الكثير منها، بالإضافة إلى الازدحام الشديد في المركز، كونه المركز الوحيد الذي يستقبل حالات الفشل الكلوي لمحافظة الحديدة، ومحافظات أخرى مجاورة، مثل ريمة وإب وحجة والمحويت ، وبعض مناطق ذمار،، ما يعني أن المرضى في خطر ، وينتظرون مصيرهم المحتوم .
تحذيرات دولية
رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن الكسندر فيت حذر من أنه مع استمرار الحرب التي تفجرت في 2015، يتوفى رُبع عدد مرضى الفشل الكلوي في اليمن سنوياً.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقد في 6 فبراير2018 بصنعاء، ونشرت تفاصيله وكالة رويترز ..أنه «منذ بدء الحرب في عام 2015 يتوفى 25% من مرضى غسيل الكلى في اليمن سنوياً، وهناك حاجة عاجلة لتوفير الرعاية الصحية للتيقُّن من أنَّ معدل الوفيات لن يرتفع أكثر بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي، وعددهم 4426 في اليمن. لافتاً إلى أن «نجاة الآلاف من المرضى تعتمد على الوصول إلى علاج يتمثل في غسيل الكُلى من دون انقطاع ، ويُعتمد عليه، وآمن » .
إلى ذلك يؤكد رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» في اليمن جون بيسيلينك، في تصريح صحافي نشرته منظمة أطباء بلا حدود على موقعها بالإنترنت في 8 فبراير 2018 أن «معظم المرضى المصابين بالفشل الكلويّ لا يملكون القدرة الجسدية أو المالية للتنقّل من أجل الحصول على العلاج، وحتى إذا تمكّنوا من الوصول إلى مركزٍ يوفّر الخدمة، فإنّه من المحتمل أن لا يقدروا على تحمُّل نفقات العلاج»، ويضيف أنّ «عدداً كبيراً من المرضى المصابين بالفشل الكلويّ هم موظّفون حكوميون لم يتقاضوا أجورهم منذ 18 شهراً، فتتضاءل فرص تلقّيهم هذه الرعاية الطبية المنقذة للحياة».
ويتابع يسيلينك «تُصارع المستشفيات لمتابعة عملها، بينما تتعرّض بعضها للغارات الجوية أو القصف المدفعيّ، ما يضطرّها إلى إغلاق أبوابها، ومن بينها مرافق منظّمة أطباء بلا حدود. إنّ الاحتياجات الطبية ضخمة والوضع مزرٍ».