الحديدة نيوز- خاص:
صـــفاء الســــداوي ــ سهير عبدالجبار
قد ينصدم البعض حينما يعلم أن أناس لم يعد لديهم هـمُ سوى تأمين لقمة عيشهم،وأن الرعاية الصحية هي أدنى سلم أولوياتهم ،هذا هو الواقع في محافظة الحديدة (غربي اليمن)،حيث يعيش المواطنون هناك على برامج الطوارئ و الاغاثات ،نتيجة تدهور الحياة المعيشية ووجود اقل القليل الأمر الذي جعل التهاميون يتجاهلون أوجاعهم إلى أن تتفاقم وتظهر أعراض جانبية تصعب تشخيص المرض،ومن بين أولئك الموجوعون بآلام مرضى الفشل الكلوي،الذي يُقدر عددهم بأكثر من ثمانمائة وخمسون مريض من مختلف مديريات الحديدة،بحسب وزارة الصحة اليمنية.
دوامة من المرض
تبداء رحلة المرض القاسية ، من بعد تفشي السموم في جسد المريض،وبعد أن تكشف فحوصات وأدوية وجود علامات الفشل الكلوي.
بحسب الطبيب محمد معجم،فأن “الفشل الكلوي هو تدهور قدرة الكليتين على أداء وظائفها نتيجة أصابتها بعطل ما وتراكم الفضلات وتجمع السوائل” .
حينها يحتاج المريض إلى علاج ملازم له فترة من الزمن واحياناً طوال حياته لصعوبة استرجاع نشاط الكلى لدية.
قصص يرويها مرضى من محافظة الحديدة أصابهم الفشل الكلوي على غفلة متمسكون بالأمل في ظل عثراتهم الصحية لمواجهة صدمة جلسات الغسيل الكلوي التي تتم بعد إجراء عملية قسطرة لتركيب جهاز في شرايين وأوردة الرقبة ليصاحبهم الجهاز في حياتهم اليومية رافعاً نسبة أوجاعهم وآلامهم والتي تدخلهم أزمة نفسية حادة حتى يتأقلموا مع هذا «الاختبار الإلهي» كما وصفوه في حديثهم لـ”الحديدة نيوز”. بمعاناة لا حدود لها متكبدين كذلك خسائر مادية .
مسكنات الآلام
في حديثها لـ”الحديدة نيوز”،تقول خوله احمد(20)عاماً،،من مديرية الحالي «كنت أعاني من صداع وآلام في الرأس باستمرار ولم أراجع الأطباء للتأكد من أسباب الصداع حيث بدأت بتناول أدوية المسكنات المضادة لتخفيف الأوجاع وإدمان الحبوب المهدئة حتى انهارت نفسيتي وتدهورت صحتي وسقطت مريضة أعاني من آلام لم تصبني من قبل بعدها اضطررت إلى مراجعة الطبيب في المستشفى الذي طلب إجراء تحاليل وفحوصات شاملة»
بعد أيام من الفحوصات أخبر الطبيب خوله، بأنها تعاني من فشل كلوي حاد ويجب عليها أن تبدءا بالغسيل فوراً ،لتفادي مضاعفات مرض السكر والتي أحالت بينها وبين علاجها خارج اليمن.
كانت حالة خوله تتدهور ،وفي إحدى المرات ضعف جسمها وقلت حيلتها حينها أجرى أبناء خوله لها فحوصات في إحدى المختبرات وتكون النتيجة أنها مصابة بفيروس الكبد سي والذي يعد أكثر خطورة .
حاول أبناء خوله إخفاء نتيجة الفحوصات المخبرية التي أفادت إصابتها بفيروس الكبد،وبعد خمسة مرات من تكرار الفحص في ذات المختبر تكون هي ذات النتيجة،حينها فكر أبناء خوله ، أن يعيدو إجراء الفحص في مختبر أخر،وكانت لنتيجة مغايرة،إذ أنها أكدت بأن خوله لم تكن مصابة بفيروس الكبد.
صـدمة الأسرة
لم تكن سعاد محمد (65) عاما مديرية حيسً، تعاني من أي عوارض تدل على إصابتها بمرض الفشل الكلوي، حتى تم اكتشافه مصادفة عام 2013بوجود زلال على الكلى، نتيجة لإصابتها بمرض السكري والضغط، لتبدأ حالتها الصحية بالتدهور السريع نتيجة لعدم الاستعانة بطبيب تغذية حتى سافرت إلى مصر لإجراء الفحوصات التي كشفت أن الكلى تعمل بقدرة 20 % وارتفع ضغطها حتى ساءت حالتها النفسية أدت إلى وهن جسدها بشكل سريع.
تقول تغريد ،إبنة سعاد،«لم نتحمل نحن وإخوتي حالة والدتي صاحبة 65 عاماً تتحمل الالم هكذا، حتى تقدمنا جميعاً بعمل فحوصات لازمة لمن منا تناسب كليتة لاعطاءها لوالدتي. إلا أن نتائج التحاليل أثبتت عدم توافق الأنسجة لاخواني وناسبت كليتي، ولكن الطبيب طلب أن تفقد أكثر من 20 كيلوغراماً من وزنها حتى يستطيع عمل العملية بسرية ولكن أمي عرفت وأصرت ان تظل تحت رحمة الله وغسل الكلى كل يومين في الأسبوع علي آن تأخذ كلية احد فلذات كبدها،وهي في إصرار على أن تفدي أبنائها.
مراكز تبعث بالأمل
أدى إغلاق الطرق الرئيسية التي تربط المديريات بمدينة الحديدة ولعل أهمها طريق كيلو16 ،لمضاعفة الأزمات التي يعاني منها أبناء الحديدة،ومنهم مرضى الفشل الكلوي، مما جعل مسافة الوصول الى مركز الغسيل طويله وبعيدة كما ان اجرة الوصول تضاعفت على المرضى.
توجد في محافظة الحديدة أربعة مراكز لغسيل الكلى في كلاًمن : “الحديدة ،القناوص،باجل،بيت الفقيه”
وتزدحم تلك المراكز بالمرضى الوافدون لها من مختلف قرى ومديريات الحديدة ،عقب وقوع أزمات متلاحقة عاودت تلك المراكز عملها بطاقتها الكاملة وذلك بعد أن استطاع القائمون على إدارتها توفير الأدوية والمحاليل الطبية.
في حديثه لـ”الحديدة نيوز”،يقول الدكتور ايمن كمال مدير عام مراكز الغسيل الكلوي في الحديدة،أن”وضع المراكز أصبح أفضل حالاً من السابق،فالمرضى توفرت لهم العلاجات والمحاليل،وبالنسبة لكوادر وموظفي المراكز فقد توفرت لهم وسائل مواصلات لنقلهم،كما أنه تم توفير وسائل نقل للفروع”.
يبشر الدكتور ايمن كمال إلى أنه خلال الفترة القادمة سيتم افتتاح مركز جديد في منطقة جبل راس.
ويطمح الدكتور ايمن كمال والعاملين معه أن يتم إفتتاح مراكز للغسيل الكلوي في مختلف مديريات محافظة الحديدة،ويثمن كمال دعم محافظ الحديدة وقيادة الدولة ،كما يدعوا المنظمات المعنية والجمعيات الخيرية ورجال المال والأعمال دعم استمرار عمل تلك المراكز والمساهمة في رفدها بالديزل والمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل أجهزة المراكز ،لتقديم مختلف الخدمات للمرضى .