كيف أثر حرمان ريفيات”الحديدة”من التعليم على حياتهن؟

‏  7 دقائق للقراءة        1237    كلمة

 

كيف أثر حرمان ريفيات”الحديدة”من التعليم على حياتهن؟
الحديدة نيوز- خاص- منتهى حسين :
تعاني المرأة اليمنية في المناطق الريفية ،حرمانها العديد من الحقوق التي كفلتها القوانين اليمنية،ومن أبرزها حقها في الحصول على التعليم،إذ تشير الإحصائيات الصادرة عن منظمة “اليونيسيف” الأممية، بأن اثنتين من كل ثلاث نساء في البلاد يعتبرن أميات،كما تشير إحصائية سابقة صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية بأن نسبة الإناث في المرحلة الأساسية بلغت 42 في المائة، مقابل 16 في المائة في المرحلة الثانوية، وهو الأمر الذي يؤكد أن الأسر تمنع بناتها من مواصلة التعليم،ويزاداد الأمر سوءاً في ريف محافظة الحديدة غربي اليمن،الذي يعاني ساكنوه من فقر مدقع ،إذ تروي عدد من الفتيات اللواتي حُرمن من التعليم قصصاً مأساوية تبين حجم المشكلة التي تفاقمت منذ بدء الحرب الجارية في البلاد.

 

نادمات على التجهيل :
تشكو فايزة البالغة من العمر(20)عاماً من عدم مقدرتها على مراجعة الدروس التي يتلقاها نجلها الذي يدرس في الصف الأول الابتدائي،لأن فايزة لم يسمح لها والدها بالتعليم  في المدرسة الوحيدة في قريتها،بسبب احتياجه لها لمساعدته في المزرعة ،كما تقول لـ”الحديدة نيوز”،وتضيف: “لقد شعرت بألم نفسي حينما طلب مني إبني بأن أذاكر له،ولم استطع فقد كنت مكتوفة الأيدي”.
وفي ذات القرية،تتحدث سمية(18)عاماً لـ”الحديدة نيوز”،كيف أن حرمانها من مواصلة تعليمها حرمها من فرص متميزة لتطوير ذاتها و حينما أرادت أن تتقدم لوظيفة منسقة ميدانية في إحدى المنظمات الخيرية التي نفذت مشروعاً تنموياً في قريتها،إذ أن المنظمة وضعت شرط وجوب أن المنسقة التي من المفترض أن تشغل الوظيفة تكون حاصلة على الشهادة الثانوية،لكن ذلك لم يكن متوفراً في سيرة سمية التي اشتهرت في أوساط مجتمعها القروي بعملها التطوعي لفعل الخير وخدمة نساء القرية في أفراحهن وأتراحهن وفي كل المناسبات.
وترجع سمية عدم حصولها على التعليم لسبب منعها من ذلك من قبل والدها وأشقائها الذين أصروا على تزويجها في سن مبكرة ،وتقول سمية :”درست في مدرسة القرية حتى الصف الثالث ابتدائي،وفي العطلة الصيفية تقدم لوالدي أحد أبناء عمومتي طالباً الزواج مني،وكان أهم شرط هو عدم مواصلتي التعليم والتفرغ لرعاية منزل زوجي،وهو الأمر الذي حدث بالفعل،رغم الحاحي الشديد على تحقيق رغبتي مواصلة التعليم”.
ترى سمية أن الزواج المبكر والجهل، يُعدان أبرز العوائق التي تحول دون مواصلة الفتيات الريفيات تعليمهن في محافظة الحديدة .
في الريف التهامي لا توجد أدوات ووسائل للتوعية بضرورة و أهمية التعليم للفتاة الريفية،لأن الريف التهامي كان ومايزال غائباً عن خطط الدولة التنموية والمنظمات المحلية والدولية المهتمة بالتعليم والتعلم.
ليست فايزة وسمية الوحيدتين اللاتي يعانين من المشكلات الناتجة عن حرمانهن من التعليم والتحاقهن بالصفوف الدراسية، بل معظم قريناتهنا القاطنات في قرية “الكديد” إحدى قرى مديرية المراوعة جنوب الحديدة،ومثلهن أخريات يقطن في غالبية مناطق ريف الحديدة حيث دفعهن الفقر إلى أن يتجهن للقيام بأعمال الزراعة وجمع الأعلاف ورعي المواشي ونقل المياه على رؤسهن وأكتافهن لمسافات طويلة،وزادت معاناة النساء الريفيات في الحديدة منذ اندلاع الحرب الحالية بسبب الهجرة الداخلية والخارجية بين الذكور.
وتؤكد رسميه صالح وهي باحثة اجتماعية من الحديدة،بأن “بعض الرجال الريفيين الذين كانوا يقتادون من أعمال الصيد والزراعة، وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بسبب ظروف الحرب الطارئة،ومن أجل ذلك إتج البعض منهم للهجرة إلى صنعاء ومدن يمنية أخرى بحثاً عن فرص عمل أفضل، فيما اتجه البعض الأخر للإغتراب في دول الخليج بصعوبة شاقة”.
في العام 2005م صدر قرار جمهوري باستحداث قطاع لتعليم الفتاة بوزارة التربية والتعليم، ويتولى هذا القطاع مسؤولية المتابعة والتنسيق والتحقق من التنفيذ للأنشطة الوزارية التي تهدف إلى زيادة التحاق الفتاة في التعليم، وحمايتهن من التسرب قبل إكمال المرحلة الأساسية،لكن هذا القطاع لم يعُد مفعلاً منذ بدء الحرب الحالية”كما يؤكد التربوي عدنان الجيلاني خلال حديثه مع “الحديدة نيوز”.
ويرى الجيلاني،بأن “مشكلة حرمان تعليم الفتيات في الريف تفاقمت بسبب استمرار الحرب والحصار في الحديدة واليمن،وهي نتاج لمشكلات أخرى يعاني منها المدرسين الذين انقطعت عنهم المرتبات،ولم يستطيعوا إستمرار تنفيذ مهامهم”.
ويوضح التربوي الجيلاني،وهو أحد المعلمين السابقين في الحديدة ،إلى أن مشكلة انقطاع مرتبات المدرسين لم تؤثر فقط على طلاب ريف الحديدة ،وإنما في المدن بمافيها عاصمة المحافظة،لذا يؤكد ،بأنه لابد من تدارك المشكلة قبل استفحالها،وحدوث تبعات قد تؤثر على الجهود السابقة التي نفذتها الدولة في إطار محو الأمية وتشجيع العائلات التهامية واليمنية على إلحاق بناتهم في الصفوف الدراسية.
مكافحة للأمية :
صدام الحكمي (54) عاماً،أحد قاطني ريف الحديدة، يُشجع أبناءه الذكور على أن يثابروا في دراستهم ومواصلة تعليمهم حتى يتم إلحاقهم بكليات الطب والهندسة والإدارة،بحسب حديثه لـ”الحديدة نيوز”،لكنه لا يُفضل بأن تستمر إبنتيه في التعليم،ويعلل الحكمي سبب ذلك إلى أن مسيرة الفتاة في الحياة تنتهي حينما يتم تزويجها،حينها تنشغل الفتاة بتربية أبنائها وأمور منزلها،يقول الحكمي:” من أجل ذلك صراحة لا نهتم بتعليم فتياتنا”.
وترد المحامية والناشطة القانونية ياسمين الهبري،على حديث الحكمي قائلة:«مايقوله الحكمي هو تمييز ضد المرأة،ولا يجوز اتباعه بموجب التعاليم الدينية التي تحث على طلب العلم، وحتى بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية،واليمن من الدول العربية الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”السيداو”،لذلك تقول الهبري،أن الترويج لعبارات تعمل على تجهيل النساء والحط من قدرهن أمر مجرم،وهو ذات الأمر الذي تؤكده الناشطة الحقوقية ندى الأهدل ،إحدى أبرزالفتيات المنتمية لمحافظة الحديدة ،والتي دشنت قبل عامين عبر مؤسسة ندى لحماية حقوق الطفل،التي ترأسها،دشنت مشروع “أحلامنا تتحقق” الذي يستهدف تعليم الفتيات في الجمهورية اليمنية،ويغطي محافظات الحديدة و حجة، والضالع، وصنعاء، وتعز، ومأرب،وإب، ويبلغ عدد الطالبات المستفيدات من المشروع قرابة 10 آلاف طالبة.
في حديثها لـ”الحديدة نيوز”،تشير ندى بأن مؤسستها تنفذ المشروع بدعم ذاتي منها،حيث خصصت جزءاً من عائدات كتابها الذي ألفته باللغتين الفرنسية والهولندية لتمويله.
وتقول ندى:”بالطبع المرأة الريفية هي في سلم أولوياتنا،وفي مؤسستنا نسعى إلىتوفير بدائل تعليم للفتيات اللائي حرمن من التعليم،و رفع مستوى الوعي لدى المجتمع والفتيات بخطورة زواج القاصرات ,وتأثيراته السلبية على تعليم الفتاة،و تظهر تقديرات للأمم المتحدة أن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين البالغين في اليمن في عام 2007 بلغ 40.5 في المائة للإناث.
وفي إحصائية رسمية سابقة ،فإن عدد الفتيات اللائي يعتبرن خارج التعليم يتجاوز المليون فتاة، وهو ما نسبته 32.06% في المرحلة العمرية التي تمثل مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي،لكن المفارقة العجيبة هذا العام بأن الحاصل على الترتيب الأول في الشهادة الإعدادية على مستوى اليمن جاء من نصيب فتاة يمنية من منطقة يريم الريفية بمحافظة “إب” التي تتصل من جهة الغرب بمحافظة”الحديدة”،يقول وزير الثقافة اليمني الأسبق”خالد الرويشان” في منشور كتبه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”،” “مفاجأة أوائل الصف التاسع اليوم 85في المائة من الأوائل فتيات،هذا شعبُنا رغم الظلام والقهر والتجويع!”.

 

عن Admin

شاهد أيضاً

الجمعية اليمنية للطب البديل تبارك هيكلة وزارة الصحة وتعيين مديراً للبحوث والتدريب

‏‏  1 دقيقة للقراءة        182    كلمة الحديدة نيوز // قسم الأخبار    عقدت الهيئة الإدارية للجمعية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *