3 دقائق للقراءة 599 كلمة
لم يستسلم للظروف القاهرة وواصل تعليمة بكيس علاقي
الحرب في اليمن تجبر أحد الطلاب في محافظة حجه بالمشي على قدمية لمدة 4 ساعات للوصول الى المدرسة
الحديدة نيوز / حجة – عبدالسلام الأعور
مع إستمرار الحرب والدمار والخراب الذي طال كل مناحي وقطاعات الحياة في اليمن بما فيها قطاع التعليم الذي تأثر كثيراً جراء الحرب المشتعلة على بلادنا منذ مايقارب الثلاث سنوات بقيادة السعودية إلا أن عزيمة الإنسان اليمني لاتزال قوية وإرادته لم تلن بعد وهاهو الأمل باقٍ كرفيق ملازم للإنسان رغم سطوة الألم وسيطرته على كل تفاصيل حياتنا ..
وإليكم هذه الحقيقة. ( عبد الكريم ) نموذج واحد لمئات إن لم يكن لآلاف الأطفال اليمنيين الصامدين والمكافحين في سبيل التحصيل العلمي بهدف التسلح بالعلم والمعرفة لبناء الوطن والإرتقاء به وصولاً للمستقبل المنشود ، إنه طفل لم يستسلم للظروف ولم يتأثر بالواقع المرير ولم تنهكه الأوضاع أو تحد من طموحاتة آلة الحرب الفتاكة أو حصار التحالف الجبان ولم تقف في وجهه محاولات أعداء الحياة وتجار الحروب للقضاء على ماتبقى لدى الإنسان اليمني من أحلام وردية بمستقبل مشرق وضاء وحياة رغيدة آمنة ومستقرة يسودها الحب والسلام ويعيش أبنائها كسائر الأمم والشعوب في عالم الألفية الثالثة.
عبدالكريم حسن صالح السودي – 14 عام – طالب في الصف الثامن أساسي من قرية الشرقي – عزلة خولان التابعة إدارياً لمديرية حجة بمحافظة حجة ينهض صباح كل يوم متسلحاً بالأمل ومتطلعاً للمستقبل يحمل كتبة المدرسية داخل كيس بلاستيكي ويتجه نحو مدرستة ( مدرسة حبصة الأساسية الثانوية ) يقطع عشرات الكيلومترات مشياً على الأقدام لمدة ساعة ونصف إلى ساعتين يومياً نظراً لبعد المدرسة عن قريتة التي يسكن بها وكذلك عدم توفر وسائل مواصلات والتي وإن توفرت لن تجدي نفعاً معه كون الطريق الترابية الرابطة بين مختلف قرى خولان لم تصل إلى منطقتهم بعد ولاتزال بعيدة عن قريتة حسب تأكيدة لنا عند لقائنا به في ذلك الصباح.
عبدالكريم هو أكبر إخوانة كما يقول وهو الوحيد بينهم الذي أصر على مواصلة الدراسة رغم بعد المسافة بين المنزل والمدرسة مشيراً إلى وجود مدرسة أقرب له من هذه ولايلزم الوصول إليها أكثر من نصف ساعة فقط مشياً على الأقدام – مدرسة الشهيد الحكمي بعزلة الحكامية التابعة لمديرية بني قيس – ولكنها حسب قوله لاتستقبل الطلاب إلا إلى الصف الثامن الأساسي فقط مع إفتقارها إلى المعلمين الأمر الذي أجبره على إتخاذ قرارة بالإلتحاق بمدرسة حبصة البعيدة الذي يؤكد بأنها المدرسة الوحيدة التي تلبي رغباته وطموحاتة كونها من المدارس النموذجية بالمنطقة وإن كانت بعيدة ويستغرق وصوله إليها وعودتة منها مشياً على الأقدام حوالي 4 ساعات يومياً.
عبدالكريم يطمح لأن يكون معلماً في المستقبل ليتمكن من المتابعة وبناء مدرسة بمنطقتة كما قال يتعلم فيها أهله وجيرانة وأبناء قريتة والقرى المجاورة لها بكل سهولة ويسر وأن لايعانوا كما يعاني هو اليوم مابين حبه للتعليم وبعد المدرسة وعناء الوصول إليها ، متمنياً أن يواصل إخوانة الصغار دراستهم رغم الصعاب ليستطيع وهم إلى جانبه من الإرتقاء بوضع منطقتهم والنهوض بها في المستقبل كون التعليم كما قال ببراءة وثقة وإيمان “هو أساس رقي ونهوض المجتمعات”. عبدالكريم ومن خلال حديثنا معه ليس مجرد طفل فقد لمحت في عينيه تحدٍ كبير وإرادة قوية وطموح عظيم وأمل متجدد لم ولن ينضب ، وقرأت في تعابير وجهه قصة اليمن الجديد الذي بدأ يتخلق بين جوانح هؤلاء الأطفال الصامدين في وجه المستحيل والمؤمنين بتراب هذه الأرض الطيبة التي باركها ربٌ غفور لتبقى أسطورة الزمان وحكاية المكان وقصة الإنسان.