الحديدة نيوز — متابعات
جريًا على العادة الممجوجة والمُبتذلة، ذرفت إسرائيل دموع التماسيح على الشهداء الذين قضوا في العملية الإرهابيّة التي ضربت مصر وراح ضحيتها حوالي 305 شهيدًا، منهم 30 من الأطفال، عندما كانوا يُصّلون في مسجدٍ بشبه جزيرة سيناء، وبموازاة ذلك، لم تنسَ الدولة العبريّة التعامل مع المجزرة الرهيبة بعنجهيةٍ وفوقيّةٍ و”تأنيب” قوّات الأمن المصريّة على هذا الفشل المُدّوي، كما أكّد الإعلام العبريّ، الذي يعكس بشكلٍ صحيحٍ آراء وأفكار صنّاع القرار في تل أبيب.
صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، نقلت عن مصادر استخبارات غربيّة قولها إنّه منذ تسلّم الرئيس السيسي مقاليد الحكم في مصر تمكّنت الجماعات الإسلاميّة المُتطرفّة من تنفيذ 1165 عملية إرهابيّة، مُضيفةً أنّ الفوضى الأمنيّة في بلاد النيل باتت سيّدّة الموقف. علاوةً على ذلك، أكّدت المصادر عينها، على عدم وجود حلولٍ عسكريّة لمُعضلة الإرهاب.
في السياق عينه، رأى مُحلّل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس) العبريّة، المُستشرق تسفي بارئيل، رأى في مقالٍ نشره اليوم الأحد أنّ العملية الإرهابيّة، وهي الأكبر في تاريخ مصر، التي يقوم بتنفيذها أحد التنظيمات الإسلاميّة-الجهاديّة، هي ثاني فشل ذريع يكون من نصيب المؤسسة الأمنيّة المصريّة في فترةٍ تزيد عن شهرٍ واحدٍ بعدّة أيّامٍ، على حدّ قوله، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه في عملية دهم تعرقلت على أماكن اختباء عناصر تابعين للجناح العسكريّ في حركة (الإخوان المُسلمين)، في الجيزة بمحافظة القاهرة، قُتل أكثر من خمسين شرطيًا مصريًا، الأمر الذي دفع الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتاح السيسي إلى إقالة قائد هيئة الأركان العامّة في الجيش ونقله للعمل كمستشارٍ للرئاسة بشكلٍ رسميٍّ.
وشدّدّ المُستشرق بارئيل على أنّه من وجهة النظر الإسرائيليّة، فإنّ الفشل الأوّل والثاني للقوّات الأمنيّة المصريّة، قوبلا بمفاجأة، واستغراب وتعجّب، مُوضحًا أنّه بالتحديد في شبه جزيرة سيناء، لا يُمكن للمؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، أنْ تفهم وأنْ تستوعب، كيف يتمكّن حوالي الألف عنصر من تنظيم ولاية سيناء، التابع لتنظيم “داعش” الوحشيّ-الإرهابيّ أنْ يقوموا بتنفيذ عمليةٍ كبيرةٍ بهذا الحجم، وإيقاع هذا العدد الكبير من الضحايا.
وتابع قائلاً إنّ عدم جدوى وفاعلية قوّات الأمن المصرية تصرخ حتى السماء، وتحديدًا إذا “أخذنا بعين الاعتبار التقارير التي نشرها الإعلام الدوليّ عن قيام إسرائيل بمُساعدة مصر بشكلٍ كبيرٍ في الاستخبارات وفي تفعيل طائرات بدون طيّارٍ، بهدف الهجوم على معاقل تابعةٍ لتنظيم “داعش” في سيناء، على حدّ قول بارئيل.
وكشف المُستشرق الإسرائيليّ النقاب عن أنّ الأمريكيين أيضًا يُشاطرون الإسرائيليين في قضية المفاجأة والاستغراب والارتباك، مُضيفًا في السياق عينه إلى أنّ صنّاع القرار في واشنطن قاموا عدّة مرّات بلفت نظر الرئيس السيسي حول جهوزية قوّاته الأمنيّة وعن عدم جدوى هذه الجاهزيّة التي تتسّم بعدم السريّة المُطلقة، الأمر الذي يجعلها متوقعّةً من قبل إرهابيي “داعش”.
علاوة على ذلك، أشار بارئيل إلى أنّ الأمريكيين أكّدوا لنظرائهم المصريين على أنّه في حرب العصابات يتحتّم عليهم العمل بشرعةٍ وبشكلٍ مفاجئ، مع التأكيد على وجود تعاونٍ وتنسيٌ كاملين بين المعلومات الاستخباريّة وبين قوّات الكوماندوز في الميدان، وشدّدّ على أنّ الأمريكيين والإسرائيليين، على حدٍّ سواء، على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ المصريين ما زالوا بعيدين جدًا عن تطبيق هذه المعادلة للحرب على الإرهاب، وهذه المعادلة التي نجحت إسرائيل في تطبيقها في حربها المُعلنة على الإرهاب بشكلٍ عامٍّ، وعلى الإرهاب الفلسطينيّ بشكلٍ خاصٍّ، قال المُحلّل الإسرائيليّ.
بارئيل أكّد على أنّه من وجهة النظر المصريّة، فإنّ الوضع ليس سيئًا كما تعتقد المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب ونظيرتها في واشنطن، وذلك على الرغم من المجزرة الرهيبة وعدد القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها، لافتًا إلى أنّه بالنسبة للنظام الحاكم في القاهرة، فإنّ التعامل مع هذا العدد الكبير من الضحايا كان وما زال المشكلة الأهّم بالنسبة له، مُضيفًا أنّ المصريين يؤكّدون في كلّ مناسبةٍ لنظرائهم من أجهزة المخابرات الغربيّة على أنّ الحرب ضدّ الإرهاب في سيناء يجب أنْ تستمّر وقتًا طويلاً، وأنّهم يتمتعون بالصبر من أجل القضاء على الإرهاب في تلك المنطقة.
وبحسبه، فإنّ المصريين يتباهون ويفتخرون بعدّة إنجازات تمّ تحقيقها في الحرب على الإرهاب، وفي مقدّمتها نجاح النظام الحكام في مصر بتجنيد عددٍ من القبائل البدويّة إلى جانبه، والعمل معه في الحرب ضدّ تنظيم “داعش” في سيناء، وأشار إلى أنّ هذا الأمر، ربمّا كان السبب وراء تنفيذ الهجوم الإرهابيّ الأخير، لأنّه استهدف إحدى القبائل في شبه الجزيرة التي أعلنت عن ولائها للنظام ضدّ “داعش”، على حدّ قوله.
לوتناول المُحلّل أيضًا الزاوية الفلسطينيّة وقال إنّ المحادثات بين الفصائل الفلسطينيّة لإكمال المصالحة ما زالت تُراوح مكانها، ومن هنا، رأى أنّه من شأن ذلك أنْ يخلق خطرين: الأوّل، أنّ فشل المفاوضات الفلسطينيّة سيؤدّي مرّة أخرى إلى تسخين الحدود بين إسرائيل وقطاع غزّة، والثاني، أنّ حركة الجهاد الإسلاميّ، وبسبب فشل المفاوضات، سترى نفسها حرّة من الالتزام بعدم الردّ على إسرائيل، وبالتالي من غير المُستبعد أنْ تلجأ الحركة على ضوء ذلك إلى إغلاق الحساب مع إسرائيل التي فجرّت نفقًا تابعًا لها أواخر الشهر الماضي وسببت في مقتل عددٍ من قيادييها، على حدّ قوله.