الحديدة نيوز / كتب / صادق الوصابي
أن تكون طبيباً في الحديدة، خصوصاً خلال فترة الحرب، أمر ينهك قواك وأعصابك وصحتك، وقد يكلفك حياتك.. فما بالكم بمن يتولى مسؤولية وإدارة أكبر وأهم مرفق صحي في الحديدة- المدينة التي شهدت أبشع الحروب وقاسى مواطنوها، وما يزالون، العذاب والحروب والأوبئة والبطالة والمجاعة وانعدام الماء والكهرباء.
وفي ظروف قاسية ومأساوية وخطيرة، يستمر الدكتور العظيم والإنسان الاستثنائي خالد سهيل في إدارة مستشفى الثورة ومتابعة احتياجات آلاف المرضى، والوقوف شخصياً أمام المشاكل والتعقيدات العديدة التي يواجهها المستشفى.
خلال زياراتي المتعددة لمستشفى الثورة، كنت أجد الدكتور سهيل مُحاطاً بالمرضى والأطباء وهو يحل ويتابع الإشكاليات بنفسه، ويُعفي المرضى المحتاجين من الرسوم الرمزية للفحوصات والعلاج والعمليات.
ومع أشد الظروف التي شهدها المستشفى من اعتداءات وانقطاع لرواتب العاملين الصحيين ونفاد المستلزمات الطبية، إضافة لقربه من الاشتباكات المسلحة، كان الدكتور سهيل حاضراً مع فريقه الطبي للاستجابة للاحتياجات الصحية المُلحة. خلال هذه الفترة العصيبة، لم يتخلى هذا الرجل عن مسؤولياته، التي بدت مستحيلة التنفيذ، وظل يتواصل ويطرق جميع الأبواب من وزارات ومؤسسات حكومية ومنظمات إنسانية ورجال أعمال، ونجح فعلاً في إنقاذ العديد من المواقف، ولم يتوقف المستشفى عن العمل يوماً حتى في أحلك الظروف.
لا أدري ما سر القوة والصبر والجلد الذي يحمله هذا المكافح والمحارب الدؤوب في الميدان الصحي. ففي أشد وأصعب المواقف كنت أراه متماسكاً ومتفائلاً وحريصاً أشد الحرص على أن لا يتأثر عمل المستشفى ويغلق أبوابه أمام المرضى والمحتاجين.
مع نهاية هذا العام، نستذكر مثل هؤلاء الأبطال الحقيقيون المخلصون الذين يعملون ليل نهار دون أي ضجيج أو هالة إعلامية كاذبة.