اخبرني جدي

الحديدة نيوز/ خاص

مقال ساخر بقلم / الهام احمد ابوبكر ..

بعد ان انهيت تناول وجبة الغذاء ، وبدأت في غسل الاواني ، ألهمني منظر الصنبور _ وهو يغمر الحوض والأواني بالماء _ سؤال ، ماذا لو اصبح الماء بالدولار ؟!

نعم فكل شي كان متوفر بكثرة كالماء والان اصبح عملة نادرة حتى الاكل والشرب والمسكن وابسط احتياجات المعيشة ،

فقطمة الأرز وإيجار البيت والبترول وبالتالي المواصلات واحيانا الكهرباء كله كله بالدولار ، لم يتبقى لنا الا الماء والهواء وان كنت أظن انه الماء على حافة هاوية الدولار !!

فشعرت لبرهة ان ذلك التفكير يغرقني في بحر من الطاقة السلبية كلما حاولت التمسك التطمني امواج اليأس والاحباط والخمول والهروب من الواقع ، فحاولت الفرار بطوق النجاة خاصتي كوب من الشاي على مقعدي المفضل امام مكان جدي الذي يمكث فيه منذ سنين ، قعدت أمامه ونظرت في عينيه المتفاءلتان ، دون شعور فاضت عيناي بالدمع ، ولكنه كان مبتسم !!

فسألته بتهكم : ايعجبكـ حالنا ؟!

اجاب : وما به حالنا ؟ فلنحمد الله .

فقولت : الحمدلله على كل حال .

فقال : حالنا افضل حال .

تعجبت ولكني سعدت برده ، الذي كان بالنسبة لي كبقعة ماء بجانب أفعى في صحراء قاحلة فإما ان اقنعني وملئ قلبي بالتفاؤل وهزمت الافعى وشربت الماء ، او ان تجاهلت ومتُ عطش ، وكعادتي لا اقبل الهزيمة الا بعد معركة عنيفة ، عاودت مناقشته ..

فقولت له : ماذا عن ارتفاع الدولار وغلاء الأسعار ؟!

قال : يا ابنتي سيأتي زمنا ستذل فيه الانفس العزيزة ..

وكل شي سيغلى الا الروح ستصبح هي الرخيصة ..

القمامة ستكون وليمة ..

والاوطان احياء فقيرة ..

سيأتي زمنا ستفتح فيه أسواق سوداء ..

وسيصبح كل شي صعب حتى الدواء ..

فلا يكون من المحتاج الا الانحناء !!

سيأتي زمن كالريالات تصرف الآلاف ، والدولار أربعمائة اضعاف ، سيأتي زمن …

فقاطعته بقوه : كأنه زمننا هذا يا جدي ؟!

ولكنه لم يجيبني !

جدي أليس هذا زمننا ؟!

ولكن .. لا حياة لمن تنادي ..

فعلا فقد كنت اتحدث الى صورته ، فجدي قد توفي منذ اربعين عام .

فعادوت النظر الى عينيه المتفاءلتان وهمست له ( يا ثرى عند ما اتوفي سيجد أحفادي في عيناي ذلك التفاؤل ؟! )

فتأكدت حينها انه ستبقى الافعى امام بقعة السراب تلك كفخ امام كل عطش للتفاؤل .