الحديدة نيوز/ بدر الشرعبي
بعينين مليئتين بالحزن، ونظرات توحي بوجع مرير يدك أوصاله، وهو ينظر الى بناته الست، وبدموع تنحدر على خديه المضمرتين، ولسان حاله يقول، لماذا القدر جعلني طريح الفراش فاقد الحركة والنطق.
15عاماً من الإعاقة الكاملة، ظل (عبيد هبة – 50 عاما) في زاوية الإهمال ينظر إلى حياته تسوء يوماً تلو الآخر، ولاحيلة له في الأمر.
عمل (عبيد) كبائع للقات في سوق عثمان، أحد أسواق مدينة الحديدة؛ فمنذ أن أصيب (عبيد) بمرض الجلطة، أصبحت حياته في قعر جحيم مظلم لايستطيع التحرر منه.
تتحدث (فاطمة35 عام ) أكبر بنات عبيد “كنا على بساط الراحة قبل أن يصاب أبي بالمرض”، وتضيف بحرقة وألم، أنه في أحد الأيام بينما كانت الأسرة مجتمعة في البيت الساعة العاشرة ليلا، فذهب والدها إلى الحمام، وعندما خرج سقط على عتبة الباب؛ فضرب برأسه على الأرض ضربة تركته في حالة إغماء، هناك سقط (عبيد )، لتسقط معه أحلام بناته الست.
بدموع حارة وشهقة موجعة، تسرد (.فاطمة………) ما بعد الحادثة ” نقلناه إلى مستشفى العلفي لتلقي العلاج، وبعد ان أجريت له بعض الفحوصات الطبية، اتضح بأنه أصيب بجلطة في دماغه، سببت له الإعاقة الكاملة”، بعد عدة أيام، وبسبب الحالة المادية المتردية التي تعيشها أسرة (عبيد)، اضطرت الأسرة لإخرجه من المشفى، ونقله لمنزله المتواضع، حاملاً معه جسده المنهك الضرير.
لم تنتهي مأساة (عبيد) بالإعاقة فقط، بل ازدادت بتخلي زوجته عنه مخلفة وراء ظهرها بناتها الست وزوجها المعاق ليتضاعف ألمه بألم أشد وقعا على قلبه.
ساءت ظروف أسرة عبيد وتبددت أحلامهم، تمر أغلب أيامهم وما في البيت ما يشبع جائع “أكثر أوقاتنا تمر دون أن نأكل شيء أنا وأخواتي” ففي مجتمعنا اليمني خاصة لا يطيب عيش المرأة إن لم يكن لها معيل، فكيف لست فتيات في عمر الصبا أن يعشن؟
حينها قررت الأخوات النزول إلى ميدان العمل، ولعل مصطلح (ميدان العمل) أكبر بكثير مما يحصلن عليه أو البيئة التي يعملن فيها، فمنهن من يقمن بخدمة بيوت في الحارة، والبعض إتخذن من التسول مهنة لهن تضمن ماتبقى من حياتهم وحياة والدهم المعاق .
تقول (.فاطمة.) وخيبة الأمل ترتسم على وجهها، على الرغم من تستره بخمار يغطيه، إلا أن الزفرة التي أصدرتها كانت كفيلة بقراءة ملامح وجهها “حاولنا كثيرا اللجوء إلى المنظمات الدولية والمحلية وعاقل الحارة كي يضمونا في كشوف الإغاثة، لكننا لسنا متضررين حسب قولهم، متجاهلين مأساتنا ومواجعنا”.
ليست هذه الأسرة الوحيدة المحرومة من الإغاثات، فهناك مئات الأسر تعاني من ذلك، سيما وأغلب سكان الحديدة يعيشون فقرا مدقعا.
أسرة (عبيد هبة) تحمل في طياتها الكثير من الألم، تعاني من فرط الجوع عاجزة عن الحراك، تنظر لراعيها الوحيد طريح الفراش وقد خاب رجاؤها في الحياة، فهل للإنسانية أن تدس ضميرها في التراب، متناسية حياة مثل هؤلاء؟