البيت الأبيض يفتح أبواب جهنم بتوسيعه هجمات الطائرات بدون طيار باليمن
الحديدة نيوز / خاص
قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن الأميركيين كفوا عن القتال في العراق وبدأوا في الانسحاب من أفغانستان, لكن بؤرة الإرهاب انتقلت أيضاً إلى اليمن والصومال والمغرب العربي، لافتة إلى أن هذه هي المواقع يكون فيها أوباما حراً في اختيار تكتيكاته ووضع بصمته.
وأشارت إلى ما يعتقده الكثير من الخبراء في مكافحة الإرهاب وفي الشؤون اليمنية من أن البيت الأبيض بتوسيعه نطاق هجمات الطائرات بدون طيار ضد عناصر القاعدة في اليمن يفتح أبواب جهنم, ربما يكونوا على حق، لكن أرجو أن تكون البدائل التي يشيرون إليها أكثر إقناعاً.
وأضافت بأن قرار البيت الأبيض ليس في حد ذاته أمر مهم بل إنه مؤشر على مدى رغبة أوباما في محاربة الإرهاب، منوهة إلى أن الرئيس أوباما ورث حروبًا في العراق وأفغانستان، فكيفما كان عمله، كان هناك ردة فعل كبيرة.
وحسب المجلة الأميركية، فإنه في السابق كانت الضربات تستهدف فقط الأشخاص المعروفة هوياتهم، لكن من الآن فصاعداً، يُسمح لوكالة المخابرات المركزية وقيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة للجيش الأميركي باستهداف الأشخاص الذين تجعلهم سلوكياتهم أهدافاً من الدرجة الأولى.
وقالت المجلة ـ في تقريرها المعنون: ” الصيد الإرهابي في اليمن ” ـ إن أماكن مثل اليمن ونيجيريا، تحاول إدارة أوباما تحسين قدرة الحكومات المنهكة على تقديم الخدمات وتدريب قواتها المسلحة للوقوف في وجه الإرهابيين, لكن حرب الطائرات بدون طيار صارت في الصدارة في إستراتيجية البيت الأبيض.
وأضافت بالقول: فكما يمكن تذكر أن جورج دبليو بوش هو الرئيس الذي حاول مكافحة الإرهاب عن طريق شن الحروب وإسقاط الطغاة، فيمكن الإشارة إلى أن أوباما هو الرئيس الذي يسعى إلى اجتثاث الإرهابيين من خلال استهدافهم بالقتل من السماء.
ولفتت المجلة الأميركية إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يصادق على سياسة جديدة فحسب بل صادق على بنية عالمية جديدة لحرب الطائرات بدون طيار؛ إذ في العام الماضي قالت صحيفة واشنطن بوست إن الولايات المتحدة “تحشد كوكبة من القواعد السرية للطائرات بدون طيار” في إثيوبيا وجزر سيشيل وجيبوتي وشبه الجزيرة العربية وبعد سنوات من رفض الاعتراف بهذه الجهود السرية، قرر البيت الأبيض التبرير علناً لحملة الطائرات بدون طيار.
في 30 أبريل، قال مستشار مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض/ جون برينان إن هجمات الطائرات الموجهة عن بعد تلبي معايير الحرب العادلة، وتشكل خيارا “حكيما” لأنها تسمح بالرد الفوري واستبعاد وقوع خسائر بشرية أميركية وتقليل الأضرار الجانبية في صفوف المدنيين إلى الصفر. وواصل برينان سرداً غير عادي في شرح المعايير الدقيقة للغاية المُطبقة في كل قرار لعملية استهداف.
وفي هذا السياق علقت الصحيفة بالقول: فإذا كانت الطائرات بدون طيار هي المستقبل في مكافحة الإرهاب، فإن اليمن هي المُختبر. هذا البلد يبدو وكأنه ملائم لهذا المسعى أكثر من باكستان، حيث كثف أوباما أيضاً وتيرة الهجمات هناك.
وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية الباكستانية لا تتعامل مع حركة طالبان باعتبارها تشكل تهديداً بل كونها رصيداً استراتيجياً، في حين أن الحكومة اليمنية الحالية الواهنة للغاية تعتبر القاعدة تهديداً لسيادتها، وبينما كانت قوات القاعدة وطالبان في باكستان تختلط بالسكان المحليين، فإن القاعدة في شبة الجزيرة العربية قد كشفت عن نفسها للهجمات الجوية لأنها طوقت نفسها في المناطق التي تسيطر عليها.
الصحيفة تطرقت إلى أن ما قامت به طائرات بدون طيار في الأسابيع القليلة الماضية، التي قتلت محمد سعيد العمدة ـ الرابع على لائحة المطلوبين في اليمن ـ وفهد محمد أحمد القصع ـ زعيم العمليات الخارجية للقاعدةـ.
وبينما تتواصل الحلول العسكرية، من الصعب في الواقع أن تحقق الطائرات بدون طيار الفوز وكما أشار برينان بقوله: “عادة هناك بلدان لا تريد جنوداً أجانب في مدنها وبلداتها”. وبعكس ذلك، “هناك دقة في الضربات المستهدفة” حسب تقرير فورين بوليسي.
إن النجاحات قصيرة المدى قد تخاطر بالهدف طويل الأجل، على الرغم من أن الثمن ربما يستحق دفعه وهذا لم يحدث حتى الآن في اليمن وربما لن يحدث طالما أن الطائرات بدون طيار تضرب إرهابيي القاعدة بدلاً من المتمردين المحليين، ناهيك عن المدنيين مستدركة بأن هذه مجازفة فكما نوهت السفيرة الأميركية السابقة لدى اليمن باربرا بودين: “في الوقت الراهن ليس لدينا ردة فعل شبيهة بما هو حاصل في باكستان, لكن في البداية لم يكن لدينا ردة الفعل تلك مع باكستان أيضا, وهذا الشيء يأتي تدريجياً والناس في اليمن يعرفون ما الذي يجري في باكستان وهذا سوف يوسع لعبة الطائرات بدون طيار التي نستخدمها في باكستان وأفغانستان“.
في الواقع لقد رضخ البيت الأبيض لطلب وكالة المخابرات المركزية لتطبيق نفس قواعد الاستهداف في اليمن التي تعمل الآن بموجبها في باكستان، التي تسمح لها بضرب المتشددين الذين يشكلون تهديدا للقوات الأميركية ولو حتى لم يكونوا من القادة المستهدفين.
إن وتيرة الضربات هي بالفعل أكبر بكثير مما قد يدركها معظمنا وفقاً لتقرير صادر عن مكتب الصحافة الاستقصائية في بريطانيا، فإنه تم تنفيذ 21 هجوماً بطائرات بدون طيار وغيرها في اليمن على مدى الشهرين الماضيين.
وقد قال مسئول في الحكومة اليمنية إن الولايات المتحدة تشن ما معدله غارتين يومياً منذ منتصف أبريل فمن الصعب أن يظل خطر إنتاج متشددين أكثر من الذين نقتلهم في اليمن افتراضاً والخطر الأوسع نطاقاً هو سقوط الولايات المتحدة في حب الطائرات بدون طيار، وبالتالي تصبح الهجمات المستهدفة هي الإستراتيجية الأميركية وليست عنصراً منها.
وبطبيعة الحال هذا يثير تساؤلاً حول ما الذي ينبغي أن تكون عليه الإستراتيجية الأكبر ليس فقط في اليمن بل في أي مكان آخر تسعى فيه القاعدة إلى استغلال الدول الضعيفة للحصول على موطئ قدم لها.
يقول معظم النقاد إن الجواب هو أنه يجب على الولايات المتحدة ألا تضحي بالمدى الطويل على حساب المدى القصير، ويقول الخبير في الشؤون اليمنية/ غريغوري جونسن إن على الولايات المتحدة القبول بـ”العمل الصعب للدبلوماسية ومكافحة الإرهاب”، والجواب المختصر هو بناء القدرات وتعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والحل الوحيد طويل الأجل لمواجهة استغلال القاعدة لفشل الدولة هو معالجة فشل الدولة.
في الأشهر الأخيرة فقط تم استرجاع العديد من البرامج العسكرية والمدنية في اليمن لكن ما هو الموجود على الأرض حتى تكون لدينا النية لوضع مثل هذه الإستراتيجية؟
إن التجربة في أفغانستان، والتي تشابه في بعض النواحي اليمن، ليست مشجعة وما قد يدفع إلى الارتهان للضربات الجوية الدقيقة هو فشل البدائل الأقل فتكاً ـ حسب تقرير المجلة ذاتها