الحديدة نيوز / عصام القدسي
لم يكن الشاب العشريني عبده قاسم النهاري، يعلم أنه بعد أسبوع واحد فقط من حفل زفافه، سيجد نفسه يبحث مع زوجته عن مكانٍ لهما في أحد فصول المدارس التي اتخذت مركزاً لإيواء النازحين في صنعاء، مكان يلقيا فيه بجسديهما المنهكين تعباً، ويكملان فرحة مبتورة مع خمس أسر من مناطق مختلفة، يتشاركون معاً نفس الفصل.
تحت حرارة شمس ظهيرة صنعاء، وعلى رصيف ساحة مدرسة «أبو بكر الصديق»، ينتظر النهاري مع زوجته، مُشرف المركز، الذي وعد بإيجاد متسعٍ صغيرٍ لزوجته، في أحد الفصول بجانب أسر عدة.
في حديثه إلى «العربي»، يقول النهاري: «لم أحصل أنا وزوجتي على أي سكن، أنتظر أن يجدوا فصلاً أسكن فيه، لا أهم السلامة، ولا النجاة، ولا أهم شيء آخر». يحدق بعينيه الممتلئة بالدمع إلى زوجته التي تتشبث بيديها، اللتين لم تجف منهما بعد نقشات الزفاف، وهي آخر مظاهر فرحة العمر المتبقية، الفرحة التي اغتالتها الحرب مبكراً.
ويكمل: «الوضع أمامنا أصبح مصير حياة أو موت، بالله عليك هل صادفت عريساً بعد أسبوع من عرسه، يتسكع هو وعروسته في الشارع بلا بيت وعفش، وبلا ملجأ؟». فارتفاع أسعار الشقق في صنعاء، إلى جانب فقدانه لمصدر رزقه في حي غليل وسط مدينة الحديدة، جعله ينضم مُكرهاً إلى مركز النازحين.
لم تكن أمنية النهاري، قضاء الأسابيع الأولى من عرسه، في إحدى الجزر الهندية، أو في أي مكان سياحي آخر في العالم، ولم يحلم أيضاً أن يجد نفسه وزوجته نازحَين مع آلاف الأسر من محافظة الحديدة، لكنها الحرب، وما أقساها حينما تأتي على من لا يستطيعون الحياة في زمن السلم أصلا!
إلى منطقة عصر غرب العاصمة اليمنية صنعاء، وصلت مئات الأسر النازحة، قادمة من محافظة الحديدة التي تستعر فيها المعارك منذ أسابيع، حاملة معها مأساة أفقر محافظات اليمن.
ففي مدرسة «أبو بكر الصديق»، التي خصصت مركزاً ﻹيواء النازحين، تتقاسم مئات الأسر فصول وطواريد المدرسة، الرجال والنساء، الأطفال والشيوخ، جميعهم يفترشون العراء ويلتحفون الرياح، تتلاطمهم أمواج التشرد وويلات النزوح، في مكان تنعدم فيه أدنى مقومات الحياة. حيث هم لا مياه ولا حمَّامات، ولا مفارش للنوم او مساعدات اغاثية تخفف من وطأة وضعهم البائس، وتنقذهم من أمراض كثيرة التهمت الكثير منهم، لا سيما الأطفال، فهم الشريحة الأكثر تضرراً، بسبب طقس صنعاء الذي يختلف كثيراً عن مدينة الحديدة.
تشير الإحصائيات الحقوقية إلى أن 2900 أسرة نازحة، وصلت العاصمة صنعاء، قادمة من الحديدة خلال الأيام الماضية، بعضهم استقروا في منازل أقاربهم، والبعض الآخر استأجروا سكناً بمبالغ باهضة، ومن أقعده العجز، اضطر إلى المكوث في مراكز الإيواء، أو افتراش أرصفة المدينة، وسط غياب تام للمنظمات الإغاثية والدولية.
وزيرة حقوق الإنسان في حكومة «الانقاذ» في صنعاء، علياء الشعبي، قالت في حديث إلى «العربي»، إنه «لا توجد أي جاهزيات في هذه اللحظة، ولكن هناك استيعاب لجميع النازحين الوافدين من الحديدة»، لافتة إلى أن «في مدرسة أبوبكر الصديق، توجد أكثر من 75 أسرة مسجلة، إلى جانب أنه سيكون هناك ألف مواطن نازح، في 3 مدارس، هناك حالة طوارئ، ويتم العمل على إعداد خطط استجابة داخلية، لاستقبال النازحين». المصدر : العربي .