الحديدة نيوز – خاص- علاء الدين حسين :
فرضت الحرب التي تشن على محافظة الحديدة ظروفاً معيشية مأساوية لكل فئات المجتمع ، وتُـعد المرأة التهامية من أشد الفئات الضعيفة التي دفعت و ماتزال تدفع الثمن الباهض ،فالموت والجوع والمرض والإصابات المختلفة ،والاغتصاب والخطف والاعتداءات والتفكك الأسري والنزوح وفقدان الملكية،كل تلك المصائب كانت نتاج لما تعرضت له نساء تهامة بفعل الحرب،اضافة الى معاناتهن من الخوف والاضطرابات النفسية والإحساس بفقدان الأمل جراء استمرار الحرب المدمرة التي اندلعت في اليمن منذ نحو خمسة أعوام .
مكافحات :
مريم حسن (51)عاماً ، تعول خمسة من الأبناء ، كانت تعمل طيلة ثلاثة عشر عاماً في بسطة من خلالها تبيع المعجنات بسوق “المطراق” اكبر الأسواق في مدينة الحديدة وأكثرها ازدحاماً ، حين تزايدت وتيرة الاعمال العسكرية خلت معظم مناطق الحديدة من المواطنين بمافيها الاسواق جراء النزوح،كما تزايدت المخاوف من قصف السوق ،خاصة بعدما قصفت قوات التحالف سوق “الهنود” في الواحد والعشرين من سبتمبر/ايلول العام2016، الأمر الذي تسببب في خسارة مريم لعملها ،كما تقول لـ”الحديدة نيوز”،”وتضيف مريم القول،” اضطررت النزوج أنا وبناتي الثلاثة وولديا الى صنعاء، كانت ظروف النزوح قاسية عليا بدءاً من البحث عن وسيلة نقل مناسسبة،ومروراً بالبحث عن سكن وفرصة عمل بديلة،والتكيف على الوضع المعيشي الجديد،نحن عانينا منذالقدم ووقعت الحرب لتزيد وتضاعف من معاناتنا”.
وفي قصة هي الاكثر إيلاماً، يحكي علي الغودري من أبناء منطقة ” بيت الفقية” كيف عانت شقيقته التي كانت تحمل جنيناً في احشائها أثناء تنقلها من منطقة “بيت الفقيه” الى إحدى المشافي القريبة من مدينة “الحديدة “،خلال المعارك الطاحنة التي اندلعت بين فرقاء النزاع المسلح مطلع أكتوبر/ تشرين الاول من العام الفائت ،ويقول الفودري متحدثاُ لـ”الحديدة نيوز”، “كانت شقيقتي في الشهر التاسع من حملها وفي ذات الوقت تعاني جراء اصابتها بوباء الكوليرا،حين ساءت حالتها الصحية لم نكن قادرين على نقلها للمستشفى كون الشوارع كانت مغلقة والمعارك على اشدها وحينما توقف ازيز الرصاص بالكاد استطعنا الوصول الى مدينة الحديدة وفور دخولنا المستشفى كانت شقيقتي منى قد فارقت الحياة،لقد قتلت الحرب شقيقتي”.
وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد شدّد في وقت سابق على أنّ” الوضع المتفاقم في محافظة الحديدة يعرّض النساء إلى خطر كبير، لا سيّما الحوامل منهنّ اللواتي ينتظرنَ أن يلدنَ خلال الأشهر التسعة من العام الفائت، واللاتي يُقدّر عددهنّ بنحو 90 ألف امرأة ” .
كما تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن 30% من ضحايا الحرب في اليمن البالغ عددهم نحو 47 ألف قتيل وجريح، هم من الأطفال والنساء، وأكد تقرير حقوقي أصدره التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، غير الحكومي، أن أكثر من 1665 امرأة سقطت بين قتيلة وجريحة، منذ بدء المواجهات المسلحة حتى مطلع العام 2017 ..
صامدات :
وتغيب الاحصائيات الخاصة بضحايا الحرب من نساء محافظة الحديدة بالتحديد، لكن رئيسة جمعية المراة التهامية،و مندوبة مكتب وزارة حقوق الانسان ، الناشطة اسماء محمد بنان تؤكد على أن ” نساء تهامة هن من أكثر النساء معاناة في اليمن جراء الحرب، لعدة أسباب
وتقول بنان في حديثها لـ”الحديدة نيوز”، ” تتميز نساء تهامة عن سواهن بالصبروقوة التحمل، والتكيف مع الظروف مهما كانت قساوتها ، لذا اليوم هن صامدات ،ولهن القدرة على صياغة أدوار خاصة بهذه المرحلة على مستوى بناء إستراتيجية الحياة التي يعشنها للتعامل وفق معايير البقاء والاستمرار”.
وتضيف رئيسة جمعية المراة التهامية القول” لدينا نماذج مشرفة للمرأة التهامية كالصحابية الجليلة طيبة بنت وهب العكية وهي أول امرأة يمنية تسلم وتهاجر مع ولدها الصحابي ابو موسى الاشعري وكذا زوجته،والعالمة سكينة بنت الاهدل،و العالمة الشهيرة اسماء الضجاعية،وغيرهن الكثير ،واليوم كل نساء تهامة مناضلات ويحضين باحترام العالم ،في السابق كان ينظر لنساء تهامة على انهن بسيطات ،وبلاطموح،واليوم أثبتت المراة في تهامة أنها هي التي تربي ابنائها ، وتحرث الارض ،وتواجه الظلم ، لقد كسرت المراة التهامية حاجز الخوف، وتصارع الحرب ، وهي اليوم متواجدة في الميادين وفي المزارع وفي المؤسسات والجمعيات والمنظمات ومخيمات النزوح، مثلما هي متواجدة في البيوت وهي صامدة صمود الجبال الشامخه “.
و تحتفل نساء العالم في الثامن من مارس من كل عام “بـاليوم العالمي للمرأة”، لكن المرأة التهامية اليوم تحتفل بجراحها اسوة بنساء اليمن وتتمنى بأن يعود السلام في أرضها.