الحديدة : قصص من معاناة مرضى الفشل الكلوي النازحين يرويها عدد من المرضى

‏  4 دقائق للقراءة        747    كلمة

الحديدة : قصص من معاناة مرضى الفشل الكلوي النازحين يرويها عدد من المرضى

الحديدة نيوز – خاص – مروان العقيبي

بحركة مرتعشة أشارت بيدها باتجاه الشارع، مرت أربعة باصات جميعهم رفضوا إيصالها، بالكاد استطاعت المشي لأنها لم تغسل دمها منذ ثلاثة أيام ولا تملك أجرة الركوب إلى مركز الغسيل الكلوي، قام زوجها بشرح حالتهم لأحد سائقي الباصات لإقناعه بنقلهم، وأخيراً تصعد زوجته الباص بخطواتها الثقيلة كالروبوتات وجسدها الهزيل، وفوق ذلك لازال عليها أن تمشي قرابة المائتي متر من مكان توقف الباصات، وحين تنظر لحالتها ستجزم أنها لن تستطيع إكمال عشرة أمتار، وإن وصلت فعليها الإنتظار لساعات كي يأتي دورها.

هكذا تتكرر معاناة الحاج حسن وزوجته يومياً في طريقهما لمركز الغسيل الكلوي في الحديدة منذ نزوحهما من منطقة الجراحي قبل أربعة أشهر.

فوق طاقة المركز عشرات المرضى يفترشون ممرات مركز الغسيل وأفنيته وحتى أمام بوابته، حيث يجد المارّ صعوبة في إيجاد موطئ قدم. في الآونة الأخيرة قام المركز بتوفير سكنٍ للمرضى إلا أن أعداد المرضى القادمين من مناطق الحرب والقصف تتزايد باستمرار في المركز الذي يعمل_أصلاً_فوق طاقته عوضاً عن استيعاب الأعداد المتزايدة .

وعن هذه المعضلة تحدث مدير المركز الدكتور أيمن كمال لـ ” الحديدة نيوز ”  قائلاً : (في بداية عمل مركز الغسيل كان يقوم بـ 5 ألف جلسة غسيل سنوياً، اليوم يقوم المركز بـ 81 ألف جلسة مع تدهور الأوضاع، نحن هنا نحرص على أن يحصل جميع المرضى على علاجهم بالتساوي مع البقية سواءً النازحين أو غيرهم). أصيب بـ”الفشل” بعد الضربة بكلمات غير مفهومة يحاول حسين معكفي أن يحكي لنا مأساته بلا جدوى، ليقوم أحد أقربائه بالتحدث بدلاً منه بعد أن أخبرنا أن لسانه قد أصبح ثقيلاً بسبب الصدمات التي تعرض لها.

في البداية قصف الطيران جوار منزله في منطقة الجروف بمديرية عبس، أثرّ ذلك عليه وعلى أسرته نفسياً ومادياً إلا أنها كانت البداية فحسب، فبعد أن سافر إلى حرض بغرض العمل كان يقف أمام الفندق الذي تم قصفه في تلك اللحظة ليخبروه بعد إسعافه بإصابته بالفشل الكلوي، وفي أثناء عودته من العلاج في مدينة حجه قام الطيران بقصف الجسر الواقع في قرية بني حسن بمديرية عبس بينما هم على مقربة من الجسر، دخل على إثرها في غيبوبة لمدة شهر، لينتهي به المطاف نازحاً في الحديدة بسبب عدم قدرته على تحمل تكاليف السفر فضلاً عن قدرته جسدياً. عجار.. في حضرة الألم بدون طعام وشراب، سوى القليل الذي يتقاسمه مع الآخرين، وبدون قيمة العلاجات، يعيش أحمد عجار نازحاً بعد إصابته بالفشل الكلوي، مع حاجته لتوفير نفقة أسرته وعلاج طفله المريض الذي يرقد في المستشفى. بعد اشتداد القصف على مدينة حرض تضرر عمل عجار بشكل كبير ومع الإصابة بالفشل الكلوي لم يجد بدّاً من النزوح إلى الحديدة بعد أن كانت لديه القدرة على السفر والعودة،

ويتحدث عجار عن هذة المعاناة لموقع ” الحديدة نيوز ” : (كنت في السابق أغسل كل أسبوع، اليوم مع تدهور وضعي صرتُ أغسل كل أربعة أيام وأصبح من المستحيل علي العودة إلى مدينتي في ظل هذه الظروف). في انتظار الموت على قطعة كرتون ينام سالم شماط الذي يناهز الثمانين في إحدى أروقة مركز الغسيل في الحديدة. قبل 9 أشهر نزح سالم هو وأسرته من مدينة حيس بسبب الحرب وإصابته بالفشل الكلوي، وبعد نزوحه بفترة قصيرة تدمر منزله نتيجة المعارك الدائرة في المنطقة، ما جعل عودة أسرته إلى منزلها أشبه بالحلم بسبب الضائقة المعيشية التي يعانون منها. كغيره الكثير من المصابين بالفشل الكلوي يعيش سالم وأسرته على المساعدات والتبرعات كأمل وحيد. غيض من فيض جميع من سبق كانوا عينات بسيطة لمئات النازحين المصابين بالفشل الكلوي، لم أستطع أن أجد في قصص المآسي كلها وصفاً يمكنه تصوير حجم المعاناة التي يقاسيها مرضى الفشل الكلوي من النازحين، ليس تمييزاً بين مرضى “الفشل”، لكن لأن النازحين عذابهم مضاعف، ويحتاجون لكل الدعم الممكن نفسياً ومادياً.

الأمل وحده لا يكفي قادمون من محافظات عدة كحجة وتعز برغم وجود مراكز للغسيل هناك أو أقرب لهم، لأن حصولهم على المساعدات في الحديدة_بحسب بعضهم_هو الدافع الأهم، بعد الحرب، لقدومهم. عندما سألت بعض المرضى في مركز الغسيل عن سبل توفير معيشتهم، أجابوا بأنهم يقومون بجمع التبرعات التي يتلقونها في شهر رمضان ويدخرونها لبقية العام، طيلة عام كامل وهم يقتصدون في إنفاق الأموال التي يتلقونها في الشهر الفضيل، فعلى بساطتها تبقى هذه المساعدات هي كل ما يملكون_تقريباً_لكي يستمروا في مواجهة مصاعب الحياة، لأن الأمل وحده لا يكفي.

#الحديدة_نيوز

عن gamdan

شاهد أيضاً

الحديدة : لقاء موسع وزيارات ميدانية الى السجن المركزي للإطلاع على أوضاع السجناء

‏‏  3 دقائق للقراءة        554    كلمة الحديدة نيوز // حسن درويش نفَّذتْ صباحَ اليوم وزارةُ العدل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *