يوما بعد آخر يدخل اتفاق الحديدة مسارا أكثر تعقيدا، وحتى الآن لم تتقدم الأطراف خطوة واحدة باتجاه تنفيذ الاتفاق، والالتزام بوقف إطلاق النار، الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو بناء الثقة ونحو السلام، الذي تتراجع فرصه كثيرا، خصوصا بعد فشل رئيس الفريق الدولي باتريك كاميرت، في إقناع الأطراف المتحاربة على التنفيذ، ودخوله معها في مرحلة الشد والجذب، الأمر الذي أنتهى باستقالته، إذ من المتوقع أن يغادر الحديدة نهاية الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن يصل رئيس الفريق الجديد، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.
الجديد في المشهد، هو اجتماع رئيس بعثة المراقبين الدوليين، بالأطراف اليمنية عرض البحر وعلى متن سفينة أممية، وبغض النظر عما دار فيه، دليل واضح على حجم التحديات البالغة التي تقف أمام اتفاق الحديدة، وبحسب مراقبين فأن «باتريك أراد إيصال رسالة للأمم المتحدة، مفادها العجز والفشل».
وبحسب مصادر سياسية مطلعة في مدينة الحديدة، «جرى خلال لقاء السفينة، مناقشة موضوع الخروقات التي تتم بشكل يومي لوقف إطلاق النار من قبل الأطراف، والمراحل الأولى من خطة إعادة الانتشار التي تشمل الانسحاب من الموانئ والمناطق الحيوية وتحديدا الصليف ورأس عيسى».
وطبقا للمصادر، فأن طرف «الشرعية تقدم بخطة انسحاب غير التي تضمنها اتفاق السويد، واشترطوا على جماعة أنصار الله، الانسحاب من الميناء ومن بعض المواقع، في حين رفض طرف أنصار الله هذه الخطة، وطالب بتنفيذ اتفاق السويد الذي يشترط على الانسحاب الكلي للطرفين، وعلى أن يتم تسليم المواقع للشرطة المحلية في المدينة، وذلك بحسب اتفاق السويد الذي تم الموافقة عليه».
ولفتت المصادر في حديثها إلى «العربي»، إلى أن «الشرعية تبدو في طرحها وفي كل اجتماع يتم، أنها غير موافقة وغير مقتنعة بالاتفاق من أساسه، ولهذا تخترع كل مرة خطة جديدة، واضعة العراقيل أمام التنفيذ»، الأمر الذي تحول إلى عقبة أمام المبعوث الدولي، وجعله عاجزا عن إقناع هذه الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في استوكهولم.
وتستمر المواجهات العسكرية بين الأطراف المتحاربة جنوب وغربي الحديدة منذ أيام، ومعه تتواصل الغارات الجوية من قبل طيران «التحالف العربي»، على الكثير من المواقع في مناطق عدة في الحديدة، بالإضافة إلى غارات أخرى يشنها «التحالف» على العديد من المناطق اليمنية وفي محافظات أخرى.
ويبدو جلياً أن المنظمة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة، خصوصا من خلال الاجتماع الذي عقده باتريك، عرض البحر، عاجزة وغير قادرة على كشف هوية المعرقل، والإفصاح عن العراقيل التي تقف أمام تطبيق الاتفاق. وطبقا لمصادر سياسية وعسكرية في الحديدة وفي حديثها إلى «العربي»، فأن «الحكومة الشرعية تبدو متخبطة، وكما لو أن القرار خارج سيطرتها وليس بيدها، وعدم وجود مؤشر واضح للجدية في التعامل مع ملف الحديدة».