الخياطة: مصدر رزق في متناول النساء
الحديدة نيوز- أمة الرزاق القزحي
قصص كفاح كثيرة تعيشها المرأة في اليمن عمومًا ومحافظة الحديدة خصوصًا، نتيجة الحرب التي ألقت بظلالها على الوضع المعيشي، إذ تسببت بفقدان آلاف الأسر لعائلها الوحيد، وفقدان الآلاف من الموظفين في القطاعين العام والخاص لوظائفهم، الأمر الذي دفع المرأة إلى تحمل مسؤولية إعالة الأسرة والأطفال، عبر الخروج والانخراط في سوق العمل لتوفير احتياجات الحياة المعيشية.
ضرورة خلّفتها الحرب
رجاء عبدالله 39 عامًا، واحدة من النساء في الحديدة، دفعها فقدان زوجها في الحرب إلى الانخراط في العمل بعد أن عانت بسبب الفقر، تقول لـ “الحديدة نيوز“: “أنا أرملة كنت أعيش أنا وأطفالي بكرامة حتى توفي زوجي في الحرب. كنت أستند عليع في هذه الحياة، وبعد موته عشنا معاناة كبيرة ورأيت نفسي وأطفالي بلا معيل لنا”.
وتضيف رجاء، أن وضعها المادي دفعها للتفكير في العمل: “كانت لدي ماكينة الخياطة قديمة ولكن لم تكن لدي خبرة الكافية في الخياطة وكذلك في جذب الزبائن ولم أعد أستوعب ما يتم شرحه في دروس الخياطة وكأن عقلي توقف عن التفكير وعن العمل برغم محاولاتي المتكررة ولكن لم أستطيع”.
لا يختلف الوضع المعيشي لحنان محمد 27 عامًا، عن وضع رجاء، لكنه أقل سوءًا، حيث انطلقت في العمل في اللحظة التي شعرت أن الوضع المادي لزوجها لا يكفي لمواجهة أعباء الحياة. تقول حنان: “تزوجت وصار لدي طفلين وكانت الحالة المادية لدى زوجي ضعيفة، عندها قررت المساعدة و أبدأ من النقطة التي تخرجت فيها من الجامعة من قسم الخياطة وبدأت مشواري في الجانب العملي والإنتاج، وقد كانت نقطة تحول لي ولأسرتي الصغيرة”.
وتضيف حنان: “بدأت بمشروع صغير في الخياطة في المنزل وكنت آخذ الأقمشة من الزبائن وابدأ بالخياطة بحسب ما تعلمته من امي وكذلك في الجامعة حتى بدأت أصبح معروفه على مستوى كبير”. وتصف شعورها “كنت سعيدة جداً و يوماً بعد يوم وأنا ألاحظ النسوة يترددن إلى بيتي وأتلقى العديد من الطلبات للخياطة في بيتي وكانت آخذ المقاسات بمتعة وحب كبير وارضي رغبه الزبائن لكي يحصلن على فساتين تليق بهن”.
وتشير أنها تحب مهنة الخياطة التي تعطيها دفعة أمل للانطلاق إلى سوق العمل ومن داخل المنزل وتساعد في انتشال المرأة من الفقر. وتستذكر حنان: “كنت أرى أمي وهي تخيط الفساتين للنساء، وكنت أحب ذلك وأتمعن في النظر إليها بمتعة. لم أكن أتخيل أن هذه المهنة سوف تكون مهنتي في المستقبل وأصبح خيّاطه بعدما درست بجد واجتهاد والتحق بالجامعة وتخصصت تصاميم أزياء”.
صعوبات أخرى
بالرغم من الصعوبات التي تخوضها المرأة من أجل تعلم الخياطة للحصول على فرصة عمل، إلا أنها تواجه صعوبات أخرى، وهو الوضع الذي تجسده سعاد الفقيه، 28 عامًا، إذ ترى أن تغلبت على صعوبات تعلم الخياطة كثيرة لكنها فشلت في التغلب على صعوبة فقر الحال، حيث تقول، إنها لاقت صعوبات كبيرة عندما تعلمت مهنة الخياطة لأنها لم تكن هوايتها، لكن الوضع المعيشي وفقر الحال دفعها إلى تعلم الخياطة لعلها تستطيع من خلالها توفير فرصة عمل تساعدها في حياتها.
وتضيف سعاد: “قررت أتعلم الخياطة لكي انتشل اهلي من الفقر اللي نحن فيه، لكن واجهتني وتواجهني صعوبات كثيرة. في البداية كنت أذهب لحضور دروس الخياطة وكنت أحسها صعبة وعملية معقدة وتقسيمات رياضيات عند شرح البترون”.
بدأت سعاد تفهم المهنة أكثر، لكن عند حضورها دروس التطبيق العملي، لم تكن تملك ماكينة خياطة لتمارس ما تعلمته، فالوضع المادي للأسرة لم يسمح بشراء ماكينة، حد قولها، إذ تستدرك بأسف: “حتى وإن تدبرت قيمة ماكينة خياطة، مافيش معنا كهرباء ولا منظومة طاقة شمسية”.
مهنة في متناول اليد
لجأت فاطمة محمود، 35 عامًا، إلى تعلم مهنة الخياطة الخياطة في أحد مراكز تدريب الخياطة من أجل تحسين وضعها المادي. بداية مشوارها في الخياطة تقول فاطمة:”بعدما انتهيت من التدريب بدأت في العمل وكان مستوى الدخل من الخياطة قليل جداً. كنت أخيط الفساتين الصغيرة بمبلغ رمزي ما يقارب 3000 ألف ريال يمني، أما الفساتين الكبيرة بـ 6000 ريال وكان هذا لا يكفي لتسديد الايجار، ولا تغطي تكاليف المعيشة، لأن الزبائن قليل ولم أكن معروفة على مستوي الحي الذي أعيش فيه وهذا كان من أبرز الصعاب التي واجهتني”.
وتضيف فاطمة لـ الحديدة نيوز: “لم أستسلم لذلك الوضع فقررت أن أذهب إلى السوق وأتحدث مع أصحاب محلات الملابس التي تبيع منتجات محلية، وفعلاً لقد وجدت صاحب محل يدعمني بالقماش والبيع بعد أن رأى نموذج من الخياط الخاص بي وقال سوف يعطيني على كل فستان طفلة 2000 ريال”.
وتشير فاطمة، أنها أنذاك، قبلت العرض الذي حصلت عليه دون تردد، لأنها كانت في حاجة ماسة لهذا العمل ولو بمبلغ بسيط من أجل أن تكسب ماديا ما يساعدها في العيش إضافة إلى استدامة العمل لفترة من الزمن.
نماذج نسائية كثيرة، جعلن من مهنة الخياطة فرصة لمواجهة أعباء الحياة، في حين يعتبرها البعض، واحدة من المهن العديدة التي ساعدت المرأة للوقوف أمام الفقر بشجاعة وتحمل المسؤولية التي فرضتها الظروف، إضافة إلى كونها مهارة فنيه وابداعية تجيدها الأنامل الرقيقة وتتفنن في إتقانها، كما أنها من المهن التي يراها المجتمع مناسبة للمرأة ولا تعاب أو تلام إذا ما مارستها المرأة في اليمن بشكل عام.