الحديدة نيوز- العربي
«السعودية لا تعمل شيء لله»، بهذه الكلمات بادرني السبعيني سرحان نعمان، القادم من أداء فريضة العمرة في السعودية. ثلاثون يوماً قضاها العم سرحان في رحلة التحضير لأداء مناسك العمرة، ابتداء من رحلة الحصول على وثيقة جواز سفرٍ من مدينة عدن، مروراً بمعاناة الانتظار في منفذي الوديعة، اليمني والسعودي.
نعمان المريض بداء السكري يقول في حديثه لـ«العربي»، إن «حالته الصحية تضاعفت سوءً جراء فترة انتظاره 10 أيام كاملة، في منفذ الوديعة والمنفذ السعودي»، مضيفاً أن «كل الإجراءات في الوديعة والمنفذ السعودي، مهينة ومذلة بشكل لا يتصور». ويؤكد أنه «لا يمكنك تجاوز أي منفذ من دون أن تتعرض للابتزاز».
وعلى الرغم من التجربة المريرة التي مر بها نعمان، إلا أنه استطاع أن يؤدي مناسك العمرة بعدما دفع في منفذي الوديعة والسعودي، مبلغ 700 ريال سعودي، وعاد إلى منزله في حي المطار القديم وسط مدينة تعز، في حين وقع بعض رفاقه ضحايا طريق العبر.
حواجز تعسفية
في الوقت الذي تحلق فيه طائرات الـ«F16» التابعة لقوات «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية، فوق سماء اليمن ليل نهار تحت مسمى «إعادة الأمل»، لا تزال باصات المعتمرين اليمنيين تمر بطرق وعرة محفوفة بجملة من المخاطر، ينتهي بها المطاف بالتوقف أكثر من أسبوعين أمام حواجز تعسفية تنتظر رجال السلطات السعودية أن تسمح لها بالعبور.
الكاتب والصحافي منصور الدبعي، أوضح في حديث إلى «العربي»، أن «مرحلة القلق تبدأ عندما ندخل طريق العبر، والتي هي بالأصح طريق الموت، طريق غير صالح للسير إطلاقاً، عشنا فيه حالة رعب، وتعرقلنا عدة ساعات بسبب انقلاب أحد باصات النقل الجماعي التي مرت قبلنا، مات على إثره 12 معتمراً»، مضيفاً «تم إيقافنا 7 ساعات قبل الدخول من المنفذ اليمني للانتظار حتى تأتي الأوامر بالتحرك».
وتابع: «وصلنا إلى المنفذ وأمامنا 59 باصاً، يتم إدخال كل 3 باصات منهم الصباح و3 باصات بعد العصر».
وأكد الدبعي، أن «المعتمرين اليمنيين يتعرضون من قبل الموظفين السعوديين في المنفذ السعودي للبهدلة والإهانات والتحقيقات المستفزة، ليش داخل؟ وكيف دخلت؟ وأيش معاك؟»، مشيراً إلى أن هناك «الكثير من المسافرين نساء وشيوخ وأطفال منذ أكثر من أسبوع، وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بانتظار السماح لهم بالدخول».
وسيلة ابتزاز
أربعة أعوام من عمر الحرب في اليمن، دمرت خلال السعودية كل شيء جميل في البلد، وقتلت المدنيين في المنازل والمدارس والمستشفيات وصالات العزاء والمدن. بحسب خبراء اقتصاديين، فإن الرياض لم تكتف عند هذا القدر من الدمار، بل سعت إلى «ابتزاز الشعب اليمني اقتصادياً تحت شعارات زائفة، ليست نافذة العمرة وتسهيلاتها الوهمية لليمنين سوى واحدة من وسائل حربها القذرة التي شنتها على اليمن».
الخبير الإقتصادي نجيب العدوفي، أوضح في حديث لـ«العربي»، أن «هذه التسهيلات هي من باب تحقيق عائدات اقتصادية للسعودية، وهي فكرة لإنعاش ما يمكن تسميته السياحة الدينية، وموسم هذه السياحة ترتبط بموسمي العمرة والحج».
وأكد أن «السعودية تعي أهمية استغلال هذا الموسم لتحقيق عائدات اقتصادية، خاصة في ظل التحديات التي باتت تفرض عليها كدولة نفطية التفكير في تعزيز وتنشيط القطاعات غير النفطية، لتخفيف الاعتماد على النفط الذي يشهد تقلبات في أسعاره».
وأشار الخبير الإقتصادي، إلى أن «التسهيلات المرتبطة بالعمرة تتيح للسعودية استقطاب الكثير من المعتمرين نتيجة اتساع فترة أشهر العمرة، على عكس موسم الحج الذي يرتبط بأيام معدودة تجعل السلطة السعودية مجبرة على تحديد عدد الحاج».
ولفت العدوفي إلى أن «كل معتمر بلا شك سيأتي إلى السعودية وسيحتاج إلى مسكن ومأكل ومشرب، ما سينعكس على الداخل السعودي بتحقيق الإيرادات».
من جهته، أوضح الناشط الحقوقي، توفيق الشعبي، أن «الكثير من اليمنيين فرحوا بتوفر تأشيرة العمرة التي وصل سعرها في بعض الأحيان إلى 300 ريال سعودي، وهو ما دفع عدداً كبيراً منهم للسفر لأداء مناسك العمرة».
وأكد الناشط الحقوقي أن «المعتمرين اليمنيين يتعرضون للابتزاز والتوقيف بالمنفذ السعودي قرابة أسبوع بسبب الإزدحام الشديد، ومماطلة الموظفين السعوديين في تسريع تأشيرات الدخول»، مشيراً إلى أن «كثيراً من المعتمرين يجدون أنفسهم في مأزق عند وصولهم إلى مكة، نتيجة لارتفاع أسعار السكن والمواصلات والأكل، ما يجعلهم يلجؤون إلى التواصل مع أقاربهم في اليمن لإقراضهم مبالغ مالية تمكنهم من العودة إلى اليمن».
وبالرغم من المعاناة التي يتجرعها المعتمرون، فإن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن «عدد الذين توافدوا لأداء مناسك العمرة خلال العام الماضي 2018، بلغ نحو 100 ألف معتمر يمني».