بخور وعطور .. وبوح النزوح
الحديدة نيوز- هيفاء محرز
” كنت أعيش مستورة الحال ، متفرغه لبيتي وزوجي شغلي الشاغل تربية أولادي فقط ” بهذه العبارات تحكي أم أمجد لموقع ” الحديدة نيوز” معاناة طالتها جراء نزوحها من محافظه الحديدة الى مدينة اب .
ماقبل الحرب
تقول “أم أمجد” وهي امرأة ثلاثينية العمر متزوجة من رجل يعمل على دراجة ناريه “موتور” ولديها أربعة أطفال “كنتُ أعيش مستورة الحال في شقة وبإيجار لا يتجاوز العشرون الف ريال يمني ، نقوم بجمعها من محصول زوجي اليومي، بالإضافة إلى ما كان يعطوني إياه إخوتي كمساعده شهرية. حالي كحال كل النساء متفرغه لبيتي وزوجي ، شغلي الشاغل تربيه أولادي فقط ،وكانت حياتنا مستقرة كحال بقية الأسر في الحديدة، لكن تحول الاستقرار فجأة الى فوضى في المدينة ، بسبب العدوان الذي شن حملة عسكرية على الحديدة .
في ذات يومٍ غير منتظر
وتضيف أم أمجد بالقول : ” بدأت الأوضاع تتأزم في المدينة من قصف جوي واشتباكات على أرض الواقع ، إشاعات تنتشر من حولنا لكل من هَب ودَب .تدهور الوضع زاد من وحشة الحياه حيثُ إنقطع التيار الكهربائي ، إرتفاع للأسعار ،إنعدام للمشتقات النفطية وحالةُ إستنفار ونزوح لسكان الحارة ، ومازلتُ أنا وزوجي وأطفالي الأربعة صامدون تحت وطأة الخوف والرعب ولم نترك الحي الذي كنا فيه ، على أمل أن يستقر الوضع ، لكن كانت القذائف تتساقط من حولنا وصوت الرصاص يسرق النوم من أعيننا ، لم نعُد نستطيع الخروج من المنزل لشراء متطلباتنا والأهم من هذا كله هو عمل زوجي الذي توقف .
صمدت أم أمجد وعائلتها ولمدة شهرا ونصف ،ولكنها لم تستطيع الإستمرار خوفاً على حياة اطفالها حيث تقول” بدأ الخوف على حياة أطفالي يزداد، وكل ما لدينا من مواد غذائية كان زوجي قد اشتراها نفذت علينا، ولهذا اضطررنا للنزوح تاركين المنزل وكل ما لدينا فيه من أثاث ،خصوصاً بعد سقوط قذيفة هاون على سطح البناية ، وهو ما أجبرنا فعلاً على النزوح والإنتقال الى محافظة اب .
بعد مشقة السفر لساعات طويلة، وصلت ام مجد هي وزوجها واطفالها الى محافظة اب، ولم يكن لدى زوجها مايكفيه ليستأجر لهم شقه تأويهم بسبب ارتفاع الإيجارات ، فأضطرو لاستئجار محل صغير “دكان” استقروا فيه لمدة عام كامل بدلاً من النوم على قارعة الطريق .
ساءت أحوال أم مجد المعيشية ،ونفذ كل ما لديهم من مال ومدخرات، وزوجها بدا بالبحث عن عمل، لكنه لم يجد أي فرصة ، لكنها لم تقف مكتوفة اليدين فقررت تعلم مهنه تستطيع من خلالها كسب المال ،وتوفير متطلبات أولادها حسب قولها .
وتضيف : خرجت الى الشارع وبينما أنا امشي دخلت الى أحد المولات التجارية ،وقعت عيناي على البخور والعطور ففكرت بصناعتها في منزلي، لا سيما ولدي خبره في هذا المجال ،حيث كنت أعمل فيها قبل زواجي ، فقمت بشراء ادوات ومواد صناعة العطور والبخور وعدت الى منزلي ، وبدأت في التجهيز وبمساعدة زوجي.
تتذكر أم مجد خروجها في اليوم الأول للعمل حيث تقول” كان يوماً غير عادي بالنسبة لي ، كنت خائفة خصوصاً وأني لا أعرف أصحاب المدينة ، لكن تشجعت وبدأت في طرق أبواب المنازل والدخول، وأقوم بعرض منتجاتي من العطور والبخور للنساء لغرض بيعها عليهن ، الحمدلله بعت في اليوم الأول نصف الكمية ، وعدت الى منزلي فرحانة جداً ، وكان زوجي غير مصدق بأني بعت نصف الكمية ، فهو كان يتوقع ان ابيع كميه قليله جداً.
استمرت ام مجد في الخروج يومياً لبيع ما قامت بصنعه من بخور وعطور، حتى كسبت شهرة بين أوساط النساء ،واستطاعت ان توفر لأسرتها مصدر رزق ، وبعد مرور عدة أشهر ونجاحها في هذه المهنة، قامت بفتح بسطة” خضار” لزوجها وبدأ يعمل بجانبها ويوفران احتياجاتهم من الأكل والشرب وغيرها من الاحتياجات ..
تختتم ام مجد حديثها للحديدة نيوز ” قائلة : لقد عانينا كثيراً من النزوح ،ولكن لم نستسلم ولم نعتمد على مساعدة الاخرين لنا ، وظروفنا تحسنت كثيراً ، وبإمكاننا العودة الى الحديدة في أي وقت ، لكن أرى ان ظروفنا المادية تحسنت هنا ، فزوجي كان يعمل على دراجة نارية، ولا نحصل على ما نحصل عليه الان ،من دخل بيع العطور والبخور وبسطة الخضار..