تراكم القمامة بتعز.. يزيد من حجم التلوث الذي يفتك بصحة المدنيين
الحديدة نيوز/خــــــــــــــــاص
أصبح استمرار سكن علي ناجي وأسرته في منزله المحاذي لشارع التحرير الأسفل بتعز، يُشكل كابوسا بالنسبة له، بسبب تراكم القمامة في أماكن تصريف مياه الأمطار (السائلة)، بالقرب من بيته.
ويشكو ناجي من تزايد القمامة بشكل يومي في (السائلة)، وهو ما أدى إلى صدور روائح كريهة، جعلت حياته صعبة للغاية.
وتعاني مدينة تعز من تراكم القمامة بشكل كبير، سواء بالشوارع، أو في أماكن تصريف مياه الأمطار، وهو ما زاد حياة المواطنين تعقيدا.
وتتضاعف معاناتهم كثيرا، خاصة في مواسم عدم سقوط الأمطار، وهو ما يؤدي إلى تكدس القمامة يوما بعد آخر، وزيادة التلوث في المدينة.
ومنذ اندلاع الحرب بتعز في مارس/آذار 2015، أدى عدم استلام موظفي النظافة بالمدينة لرواتبهم، إلى عدم قيامهم بتنظيف الشوارع، وتراكم القمامة لصعوبة إخراجها إلى أماكن وضع القمامة خارج تعز (المَقلَب).
ويقول ناجي لـ”الموقع بوست” إنه لم يعد قادرا حتى على فتح نوافذ منزله، بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من القمامة، والدخان المتصاعد جراء إحراق الأهالي لها.
وأكد أنه يفكر لإغلاق منزله الذي بناه طيلة سنوات ومغادرته، واستئجار منزل آخر في منطقة نظيفة، لكن الوضع المادي الحالي له، لا يسمح باستئجاره لبيت يسكن فيه وعائلته.
تدهور الوضع الصحي
أسماء المخلافي (30 عاما) أصبحت تعاني بشكل دائم من حساسية والتهاب الجيوب الأنفية، الذي يتطور يوما بعد آخر.
تذكر أسماء لـ”الموقع بوست” أن سكنها بالقرب من أماكن تكدس القمامة، وإحراق المدنيين لها للتخلص منها، يؤدي إلى انبعاث دخان كثيف يستمر لساعات طويلة.
وأشارت إلى تعرضها لدخان إحراق القمامة بالشوارع من وقت لآخر، كلما ذهبت لشراء بعض متطلبات منزلها، وهو ما يزيد من معاناتها.
وهي تخشى من استمرار الوضع بالمدينة على ما هو عليه الآن، والذي سينعكس على صحتها بشكل أكبر فداحة من ذي قبل.
مخاطر تكدس القمامة
أدى بقاء القمامة بالشوارع وإحراقها، إلى زيادة نسبة التلوث، وإصابة المدنيين بالأمراض بشكل مستمر، مقارنة بالسابق.
وكثيرا ما تختلط القمامة بمياه الأمطار بالشوارع، ويضطر المدنيين للعبور وسطها، مُعرضين حياتهم لعديد من المخاطر الصحية.
في هذا الصعيد، يقول أخصائي أمراض الباطنية الطبيب أحمد فرحان، إن تجمع وتكدس القمامة له مخاطر صحية وبيئية كبيرة وخطيرة، وتتسبب بالعديد من المخاطر والأمراض التي تصيب الإنسان، كون القمامة مكانا خصبا لانتشار الذباب والحشرات والجرذان، والتي بدورها تنقل الأمراض للناس عبر اللسع أو الوقوع على الأطعمة والأشربة.
وبيَّن لـ”الموقع بوست” أن تراكم القمامة يؤدي إلى التهابات الجلد نتيجة ملامسة النفايات لجلد الشخص أو أغشيته المخاطية، وكذلك التعرض للإصابة بأمراض بكتيرية وفيروسية وطفيلية.
وأضاف “أكثر الأجهزة التي تصاب بالأمراض هي الجهاز التنفسي، حيث قد يصاب الشخص بأمراض التهابية شديدة في الرئتين وأمراض تحسسية بالجهاز التنفسي، إضافة إلى تعرض الناس للإصابات الهضمية والمعوية كالإسهال، وأمراض الجهاز الهضمي المختلفة.
ومن الأمراض التي تنتقل بسبب النفايات، فيروسات التهاب الكبد “بي” و “سي” وغيرها من الفيروسات، كما أن الأم الحامل التي تتعرض للتلوث قد تنتقل الإصابة إلى جنينها، وفق الطبيب فرحان.
وأفاد أخصائي الأمراض الباطنية اليمني، أن تكدس القمامة يتسبب بحدوث تسمم وتلوث بعناصر ومركبات سامة، تؤدي للإصابة بالسرطان، كما هو حادث عند إحراق النفايات؛ وذلك للتعرض لجزيئات دقيقة من المركبات العضوية المتطايرة وغيرها، والتي لها ارتباط بأمراض القلب والسرطان، وأمراض الجلد والأمراض التنفسية التحسسية.
محاولات لتخفيف المعاناة
مع توقف عمال النظافة عن القيام بدورهم بتعز، بعد انقطاع رواتبهم، تفاقمت بشكل أكبر مشكلة تكدس القمامة بالمدينة.
وإزاء ذلك، حاولت بعض منظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مبادرات شبابية وطلابية يقوم بها طلاب جامعات، التخفيف من حدة تلك المشكلة.
وتُنفذ تلك الجهات من وقت لآخر حملات نظافة ببعض شوارع المدينة، وبدعم من منظمات عربية أو دولية، كما يقوم كذلك الأهالي بتنظيف أحيائهم السكنية من وقت لآخر.
لكن كل ذلك لا يُجدي، فما هي إلا أيام وتتراكم القمامة في مختلف الشوارع، نتيجة لحاجة المدينة لتنظيف مستمر.
غياب دور السلطة المحلية
الناشط محمد العريقي الذي هو أحد أبناء تعز، انتقد عدم قيام السلطة المحلية بالمدينة بدورها، طوال سنوات الحرب الثلاث.
وأكد في تصريحه لـ”الموقع بوست” على ضرورة تخفيف معاناة المواطنين بالمدينة، خاصة أن معاناتهم تزداد بشكل دائم، في ظل انقطاع الأمطار التي يمكنها أن تعمل على تنظيف أماكن تصريف مياه الأمطار.
وطالب السلطة المحلية بالالتفات لهذا الملف، الذي يُشكل هاجسا يؤرق أبناء المدينة، الذين يعانون من مختلف ويلات الحرب، وتسليم رواتب لموظفي قطاع النظافة.
يُذكر أن السطلة المحلية بتعز، بدأت مؤخرا ببعض الجهود في هذا الإطار، لكنها –بحسب نشطاء- غير كافية، للتخلص بشكل جذري من هذه الكارثة التي تهدد حياة المدنيين.