ثورة الشباب السلمية وثورة السيد!!
بقلم / عبدالواسع السقاف
تأملت المشاهد المصاحبة لما يُسميه أنصار السيد عبدالملك “ثورة الشعب لألغاء الجُرعة وإسقاط الحكومة” وعادت ذاكرتي للوارء لمشاهد ثورة الشباب الشعبية السلمية ووجدتني لاشعورياً أقارن بين ماحدث بالأمس وما يحدث اليوم، خاصةً بعدما عَـلَت بعض الأصوات النشاز التي تتحدث عن غياب ذلك الدور القوي لشباب ثورة فبراير السلمية الذين خرجوا في العام 2011م لإسقاط نظام صالح في حينها، ووجدت أن الفارق شاسع بين ما حدث وما يحدث اليوم.. وببساطة يُمكن لأبسط العقول التي عايشت الحدثين أن تلاحظ الفوارق الآتية:
• لم يطلب شخص بعينة ولا جماعة بذاتها من شباب ثورة فبراير الخروج لإسقاط النظام والحكومة، بل جائت الثورة عفوية بعدما تعرض طلاب وشباب من محافظة تعز للضرب والقهر والتنكيل في ظل أزمة سياسية خانقة وأطراف متناحرة، بينما جاءت ثورة السيد بأمر منه وبدعوى أنه يتمثل مظلومية الشعب ككل، في ظل حوار وطني ومخرجات وأتفاقات بين كل مكونات العملية السياسية!
• ثورة فبراير أخذت من كل بيت على طول الرقعة اليمنية، بل أن بعض الأسر انقسمت ما بين داعم ومُعارض ومُحايد، وشُيدت ساحات التغيير في كل مدينة كبرى، بينما ثورة السيد محصورة في “عائلات وقبائل” بذاتها، وتحاصر العاصمة صنعاء فقط!!
• ثورة فبراير قام بها شباب سلمي لم يحمل في يده أكثر من لافتة وقلم وواجه الرصاص بصدور عارية، بينما ثورة السيد يقوم بها أشخاص مدججون بمختلف أنواع الأسلحة والرشاشات يستحدثون نقاط للتفتيش ولديهم الأطقم المسلحة، وكأنهم مقبلون على حرب!
• أنصار ثورة فبراير كانوا يواجَهون بكل أنواع المقاومة والضرب والنيران وقوات مكافحة الشغب في الشوارع التي يمرون بها، بينما يجول أنصار السيد في الشوارع ولا يتجرأ أحد حتى بالنظر إليهم خاصةً لو كان يُخالفهم الرأي (مع أننا في بلد ديمقراطي يُفترض أن يُحترم فيه الرأي والرأي الأخر)!
• بالرغم من أن أحزاب دينية كانت تدعم وتُنظم مسيرات ثورة فبراير إلا أن المرأة كانت تُمثل في تلك المسيرات حوالي رُبع أو ثُلث العدد ولها دورها في المشاركة بالتغيير، بينما تختفي المرأة في ثورة السيد، بل لم نُشاهد إلا “ثياباً تقليدية يمنية” مُزينة “بالجنبية والكاشنكوف” وأختفت “البدلة” أيضاً على مالها من رمز “يفهمه من فتح الله عليه”!
• عندما إنطلقت مسيرات شباب ثورة فبراير بين المدن ومنها “مسيرة الحياة” كان الشباب يمشون على أقدامهم وبعضهم كانوا حُفاة من شدة الفاقة والفقر، وتوفى ومرض العديد منهم وتورمت أقدامهم وواجهوا كل أنواع التعسف والجبروت؛ إلا أنَّ أنصار السيد يتوافدون على سيارات وصوالين وبيك أب أخر موديل وأسلحتهم على ظهورهم ولا يقف في طريقهم شيء!
• إختار شباب ثورة فبراير جوار الجامعات “ذات الطابع (الثقافي) الرمزي” لينصبوا خيامهم “الصغيرة والبسيطة” ويعبروا عن طموحاتهم بالتغيير للأفضل، بينما يختار أنصار السيد مداخل المدن والهضاب و”الأماكن المقفرة” لينصبوا الخيام “الغالية والعالية” ويستخدموا الجرافات والمعدات لإعداد المتاريس والخنادق ويعبروا عن سلميتهم في تغيير الحكومة!!!
وبالرغم من أن البون شاسع بين ثورة ينخرط فيها الصغير والكبير والذكر والأنثى والمثقف والأمي والشمالي والجنوبي يُخرجها القهر والرغبة في حياة كريمة، وبين دعوى لا يُحركها إلا خطاب يُمثل مصالح فئوية، إلا أن هناك من يروج لمثل هذه التحركات ويُطلق عليها أسماءاً كبيرة هي بعيدة كل البعد عن واقعها، ويستغل حالة الغضب الذي يعيشه الشارع اليمني نتيجة للمعوقات التي لم تُوفَّق الحكومة حتى يومنا هذا في التخلص منها منذ أن أستلمت زمام الأمور في بلدٍ أنهكته كل أنواع الأزمات، لينفخ النار في الرماد!
نعم جاء رفع الدعم عن المشتقات النفطية على غير ما يُحبه هذا الشعب المقهور وفشلت الحكومة في إيجاد حلول حتى الآن تقنعه بأن الوضع سيتحسن مما سبب حالة أحتقان وغضب شعبي، إلا أن ثورة فبراير التي جاءت بهذه الحكومة هي من علمت الشعب أن الخطابات لن تصنع مستقبله والأزمات لن تحقق رخاءه، ولن يكون هذا الشعب وقوداً لخلافات ذوي المصالح والمطامع مرة أخرى، وكفانا ما فقدناه في جمعة الكرامة التي ستظل في ذاكرة الأجيال تتحدث عن مظلومية جيل بأكمله!!
* عضو المجلس العالمي للصحافة