جنبوا الحديدة وأهلها غباء الحرب !!
بقلم / جمال شمهان
مدينة الحديدة هي مدينتي الحقيقية التي ترعرت فيها في مقتبل حياتي ، وأستطعمتُ حلاوة الحياة من موائد طبيعتها المملوءة بالحب والبراءة.
مدينة الحديدة هي التي ملأت رئتي بعطر أنفاسها ، وتنسمت روحي من رحيق هوائها ، وما تعلّم قلبي النبض إلا من نبض محبتها ، وعشقت بساطة الحياة
من بساطة أهلها.
عشت فيها بداية حياتي ، وغادرتها وأنا في سن الشباب ، لكنها لاتزال تعيش في شراييني وتعيش في أوردتي كما يعيش دمي ، وحبي لها ينمو معي كل يوم وكل عام..ولاتزال روحي وستظل تعيش في بيوتها وشوارعها وحاراتها وأزقتها.
وأهلها هم نسائم السلام..وهم بكل صدق ((عباد الرحمن)) الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، هم الآدميون الذين نزع الله تعالى منهم عَلَقَة الخبث والبغضاء ، هم أنقياء بفطرتهم ، أنقياء بطبعهم ، أنقياء بمعاشرتهم ، أنقياء بتعاملهم..باطنهم هو ظاهرهم ، وسِرّهم هو علانيتهم ، هادئون كهدوء شمس الغروب ، وديعون كوداعة نسائم الصباح الدافئة ، حين تعيش بينهم تشعر أنك تعيش بين أقرب الناس إليك من أهلك وذويك ، وتتلاشى منك كل أحاسيسك بالغربة..إنهم فعلاً يستحقون منا ما تستحقه حدقات العين من الحفاظ.
لهــذا …فإن مدينة الحديدة لاتستحق الدمار ، ولايستحق أهلها القتل والجراح ولا عناء النزوح والإغتراب..فجنبوا المدينة وأهلها ويلات الحرب وخطر النيران.
فتحاربوا على مطارها ومينائها بعيداً عن قتل الأبرياء وتدمير مساكنهم.
– فأقول للحوثيين :
إن كنتم ((متأكدون)) من قدرة قواتكم على الإنتصار ودحر قوات الشرعية والتحالف فاجعلوا رُحَى الحرب تدور خارج حدود المدينة واقطعوا طريق تقدمهم.
– وأقول للشرعية والتحالف :
إن كنتم قادرون على حسم المعركة لإقتحام المطار والميناء فجنبوا جعل الحرب تدور في الشوارع والحارات ويذهب السكان الأبرياء ضحيتها وتتدمر مساكنهم طالما بمقدوركم أن تصلوا للمطار عن طريق الجو ، وتصلوا للميناء عن طريق البحر ، فمادام الجو والبحر متاحان لكم فلماذا تتعمدوا تعريض المدينة للخراب والمواطنين للقتل وتشردوا الكثير من السكان؟!.
– وأقول للطرفين معا ً:
إذا كانت قد أُقفِلَت أبواب المساعي الحميدة بوجه الحلول السياسية السلمية ولابد للحرب أن تقول كلمتها الفاصلة ولابد لكم إن تتحاربوا على المطار والميناء ، أو حتى للسيطرة على مدينة الحديدة بأكملها ، فماذا يمنعكم من أن تتحاربوا خارج أطراف المدينة وللمنتصر حينها حق السيطرة على المدينة ومؤسساتها.
مالم فإنكم تتحاربوا بعقول غبية ، وبخطط هي أكثر غباء ، وليس في ضمائركم أدنى نسبة للإهتمام بأراضي وطنكم ومدنه ولا بحياة المواطن وممتلكاته.
وما سيصيب الحديدة ، وكل مدن الوطن وشعبه سيحاسبكم عليه الله والشعب والتأريخ.
وسلامي بقدر احترامي.