زبيد..تاريخ يحتضر!

‏  16 دقائق للقراءة        3189    كلمة

 

هي مدينة الروح وجليسة الزمان.. مازالت تئن وتتوجع ممن خذلوها وتركوها عرضة للفيد والإهمال.. بعد عقد من المعاناة وسلسلة من القرارات والإجراءات غير الجادة.. منحت (اليونسكو..) الحكومة اليمنية فرصة أخيرة لإنقاذها..

زبيد..تاريخ يحتضر!

تحقيق ـ حمزة الحضرمي

تعكس تهديدات منظمة اليونسكو المتكررة بإسقاط مدينة زبيد التاريخية من قائمة التراث العالمي.. وعجز الحكومة اليمنية عن وقف زيادة واستمرار مخالفات البناء العشوائي وخاصة خلال العام الماضي، وكذا تعثرها في تنفيذ معظم وأهم مشاريع الحفاظ على زبيد في التزاماتها بعملية الحفاظ على زبيد، كل ذلك يعكس صورة التحديات الكبيرة التي تعصف بواقع المدينة وتوشك أن تجرد مستقبلها من تراثها ذي القيمة الإنسانية العالمية..

تفاصيل حياة..

– هذه التحديات وغيرها أوجدتها حسب المعنيين ممارسات وإضافات مستمرة غيرت من هوية المدينة، وأتت على مكوناتها التاريخية الحية وحاجة سكانها للتوسع ومنازلها لترميم، إلى جانب عوامل أخرى كتداخل الاختصاصات، وشحة الموارد المالية، وعدم إدراك طبيعة ما تتعرض له المدينة سواء لدى جهات حكومية أو المجتمع المحلي، وغير ذلك من جوانب القصور.. وبفعل التراكمات الزمنية، ونشوة ثقافة محلية بين سكان زبيد، تكرس تحت ضغط الحاجة والافتقار إلى بدائل مشروعية، الأمر الواقع على حساب الهوية التاريخية للمدينة، ومن غير المنطقي أن تنفذ أية إستراتيجية أو خطة لتخطي الوضع المعقد للمدينة، أو إعادة نسج مكوناتها التاريخية ومنع تكرار النيل منها مستقبلاً، دون استثمار الجهد الكافي والتمويل المناسب في تخطيط وتنفيذ تدخل إعلامي مدروس ومنهجي مواكب لتوعية المجتمع وحشد طاقاته لإنقاذ المدينة، وتجنب خسارة تراثا إنسانيا مهما يوثق استمرارية تاريخية لتفاصيل الحياة في المدينة.

– وقدم تم تسجيل مدينة زبيد التاريخية في قائمة التراث العالمي الإنساني في العام 1993 م، ونتيجة لما سبق تم وضعها في قائمة المواقع المهددة بالخطر في العام2000م، ومنذ إعلان زبيد في قائمة المواقع المهددة بالخطر في العام2000م، اتخذت الحكومة عددا من الإجراءات الكفيلة بحماية المدينة، وعدم شطبها من قائمة التراث العالمي والإنساني، ولكن للأسف لا تزال معظم تلك المعالجات تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات لتنفيذها على أرض الواقع.

معوقات..

– وفي مقدمة تلك المعوقات حسب المنسق العام للجنة الوزارية العليا للحفاظ على زبيد عبد الوهاب اليوسفي استمرار وزيادة الاستحداثات، ومخالفات البناء العشوائي، وتشويه النمط العمراني للمدينة، والتي وصلت حتى كتابة هذا التحقيق إلى(2400) مخالفة معظمها حدثت خلال العام الماضي وبنسبة50 % عما كانت عليه في العام 2009م.. إلى جانب زيادة عملية البسط على المتنفسات والشوارع العامة من قبل المواطنين، وخاصة خلال العام الماضي، والتي بلغت حتى الآن(61) مخالفة، أعاقت الجهود الحكومية في الحافظ على المدينة، ومن أهمها مشاريع رصف شوارع المدينة، وتمديدات الكابلات الكهربائية الأرضية بها، وعدم قيام الجهات الأمنية بدورها وتهاونها في عملية وقف الإستحداثات، وضبط المخالفين، وتأخير إصدار قانون الحفاظ على المدن التاريخية، وعدم وجود نيابة متخصصة بالآثار والمدن التاريخية في زبيد، وعدم وجود اعتمادات مالية كافية للقيام بأعمال الدراسات الميدانية، وترميمات المباني التاريخية القديمة، وإزالة الاستحداثات والمخالفات والتشوهات، وتعويضات المواطنين داخل المدينة القديمة والتعويضات الخاصة بمدينة التوسع الجديد.

– علاوة على ذلك عدم إيفاء بعض الجهات الحكومية بالتزاماتها، وتقاعس البعض الآخر في الحفاظ على مدينة زبيد، بإعاقة مشاريعها التنموية كما هو حاصل في أهم مشروع لرصف مدينة زبيد، بقيام مكتب الأوقاف والإرشاد بزبيد بتأجير الساحات والمتنفسات في المدينة، والذي بدوره أعاق أعمال الرصف، أو من خلال المغالطة والتحايل من قبل البعض ممن استغلوا تصريح خبيرة اليونسكو حول أهمية تحديد نوعية الجبال المحيطة بمدينة زبيد لاختيار نوعية الحجارة المناسبة لرصف المدينة التاريخية بها، ليقوم بعض النافذين المستثمرين بحجز وشراء تلك الجبال واحتكارها والمتاجرة بها وبيعها لمشروع رصف زبيد!.. وهو ما أعاق المشروع حتى الآن، مع انه حسب التقرير تم تحديد موقع للوزارة لقطع الأحجار لصالح المشروع، ولكن استمر النزاع مع أحد المستثمرين ويدعى (على العطر) والقيام  بتحريض الأهالي ضد المشروع، مما أدى إلى حصول قضية قتل لا تزال عالقة بالمحاكمة.

مهمة وطنية

وجدد اليوسفي تأكيده ضرورة متابعة إنجاز قانون الحفاظ على المدن التاريخية الماثل بمجلس النواب، وإيجاد نيابة متخصصة بالآثار والمدن التاريخية، وتفعيل دور مكتب الأوقاف في الحفاظ على ممتلكاته وعدم التفريط بها خاصة إذا ما كانت تمس الحق العام، وعدم تأجير الساحات والمتنفسات العامة، وتفعيل دور الجهات المعنية بإيقاف الإستحداثات والمخالفات، وضبط المخالفين، وعدم التهاون فيما يخص الشوارع والمتنفسات العامة، وتفعيل  دور الأشغال العامة في المدينة لإزالة المخالفات أولا بأول وبالتنسيق مع الجهات التنفيذية، وإيقاف إصدار أية رخص بناء داخل المدينة القديمة وحماها.. إلا بالتنسيق مع مكتب هيئة المدن التاريخية، واعتماد ميزانية تشغيلية كافية لمكتب هيئة المدن التاريخية بزبيد.. وفروع الجهات المعنية ألأخرى للقيام بدورها على أتم وجه، ومواجهة كافة التكاليف المالية المترتبة على القيام بعملية الحفاظ على مدينة زبيد من الإعتمادات المركزية..وكذا سرعة صرف التعويضات للمواطنين المتضررين والذين صدرت لهم أحكام بالتعويض، وتوزيع قطع الأرض في مدينة التوسع الجديد لكافة أسر زبيد القديمة لحل مشاكل التزايد السكاني، وعدم القدرة على البناء في المدينة الجديدة، أو إنشاء وحدات سكنية خارج المدينة التاريخية لذوي الدخل المحدود، بالإضافة إلى استكمال أعمال الرصف، وحل مشكلة أحجار الرصف وتوفيرها للمقاولين لاستكمال العمل، وتزويد مدينة التوسع الجديد بالخدمات المياه والصرف الصحي والكهربا.

وأضاف اليوسفي: وإعلان عن حملة وطنية لإنقاذ مدينة زبيد برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء، باعتبار أن إنقاذ مدينة زبيد المهددة بالشطب من قائمة اليونسكو للتراث لأنساني ـ مهمة وطنية ينبغي على الجميعً دولة ومجتمعا تكثيف الجهود لتجنب شطب مدينة زبيد من قائمة التراث العالمي، والذي إذا ما تم ذلك سيصبح من المستحيل إدراج أية مدينة أخرى أو معلم حضاري أو طبيعي إلى قائمة التراث لعالمي.

مخالفات..

– مدير فرع هيئة المدن التاريخية بزبيد محمد أحمد مطهر والذي أبدى قلقه هو الآخر من تدهور أوضاع الحفاظ على زبيد؛ وبطء وإعاقة معظم المشاريع التنموية بمدينة زبيد التاريخية والمعتمدة في إطار عملية الحفاظ على زبيد، وفي مقدمتها مشروع رصف المدينة التاريخية، والتي لم ينفذ منها منذ ثلاث سنوات تقريبا نحو 10 % فقط، حيث لا يزال المشروع في مراحله الأربعة الأولى، ولم تصل نسبة الإنجاز فيه حتى الآن سوى 40 %، بينما تنتظر الجهات الممولة للمشروع استكمال هذه المراحل لتبدأ العمل في تنفيذ بقية المراحل الأخرى لمشروع الرصف بزبيد البالغ تكلفته 10 ملايين و 180 ألف دولار، بتمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية.

– وأرجع مدير فرع الهيئة أسباب الإعاقة والتباطؤ في هذه المشاريع لاستمرار المخالفات في الشوارع والساحات العامة دون ضبط لأي منها منذ عام 2010م، وعدم تفاعل مختلف الجهات المعنية بالضبط سواء في الأشغال العامة أو الجهات الأمنية، بالإضافة ضعف الإمكانيات لمتوفرة للهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية كجهة مختصة ومعنية وجهة تنفيذية مناط بها حماية هذه المدينة التاريخية، مشيراً إلى المشاكل التي يعانيها مكتب الهيئة بزبيد واستمرار إضراب العاملين والمفتشين بمكتب هيئة المدن التاريخية عن العمل بسبب تأخر صرف مرتباتهم واستحقاقاتهم من شهر لآخر، مؤكداً حاجة زبيد إلى تفاعل كل الجهات المعنية بالحفاظ على زبيد بصورة جادة وفاعلة دون تهاون كون مسألة الحافظ تتطلب تعاون الجميع دون استثناء.

– وفيما يتعلق بتهيئة منطقة التوسع البديلة المحددة شرق مدينة زبيد التاريخية لتخفيف الضغط على المدينة القديمة أكد مدير فرع هيئة المدن التاريخية بزبيد أنه ليس فيها ما يمكن تسميته إنجازا فلم يتم فيها حتى الآن سوى التخطيط والشق فقط، ولم توجد أية إشارات لبدء العمل في مشاريع المياه والصرف الصحي أو الكهرباء والهاتف.. وأن جميعها تنتظر حسب قوله الفصل في التعويضات الخاصة بالمتضررين في مدينة التوسع، والتي حددت بمبلغ(72) مليون ريال لعدد (54) شخصا ممن أخذت أراضيهم كمساحات وخدمات ومتنفسات عامة.

إصرار نافذين

  ـ بدوره أكد أمين اللجنة الوطنية لليونسكو الدكتور أحمد علي المعمري تجديد منظمة اليونسكو تحذيراتها بشطب مدينة زبيد التاريخية بسبب استمرار المخالفات وعدم تنفيذ الحكومة لالتزاماتها بعملية الحفاظ على زبيد.. وقال المعمري في تصريح لـ الجمهورية بأنه عقب اختتام منظمة اليونسكو لدورتها الـ 36 للجنة التراث العالمي والتي اختتمت بموسكو في الـ7 من يوليو الجاري أنه تلقى اتصالا من منظمة اليونسكو بباريس تؤكد إبقاء مدينة زبيد التاريخية في قائمة التراث المهدد بالخطر ومنحها فرصة أخيرة أمام الحكومة اليمنية لإنقاذها.

 – واستنكر أمين اليونسكو إصرار نافذين في الدولة على إعاقة مشروع الحفاظ على زبيد وتورطهم في المخالفات العشوائية، واستغلال البعض منهم لمشاريع الحفاظ والتحايل عليها لمصالحهم الشخصية، وتقاعس الجهات المعنية في ضبط المخالفات والتباطؤ في تنفيذ المعالجات المطلوبة في هذا المجال.. مؤكداً حاجة زبيد لوقفة جادة وحقيقية بتطبيق منع مخالفات البناء العشوائي على الجميع ودون استثناء لأي أحد مهما كانت مكانته أو منصبه.

– وكانت رسالة اليونسكو الأخيرة مقلقة حيث حددت مؤخراً ثلاثة أشهر للنظر في بقاء بعض معالم زبيد ضمن قائمة التراث المهدد بالخطر، وجاء فيها “سبق أن أنذرناكم أكثر من مرة بشطب مدينة زبيد من قائمة التراث العالمي، ونحترم ما التزمت به في الحفاظ على مدينة زبيد، ولكنه يبقى غير كاف لتبقى زبيد ضمن قائمة التراث المهدد بالخطر ، واختتم المعمري تصريحه “إذا أسقطت زبيد من قائمة التراث العالمي فلن نتمكن من إدراج أية معلم تاريخي وتراثي في قائمة التراث العالمي وسيستهجننا العالم.. لافتاً بضرورة إسراع الحكومة لتنفيذ التزاماتها في تجاه زبيد، وتنفيذ المعالجات العملية المتمثلة في استكمال مشروع وحدات الجوار الخاصة بالتوسع العمراني البديلة للمدينة التاريخية، وتزويدها بالخدمات الأساسية، والتعويضات، ودعم مواد البناء التقليدي، ومراعاة حالات الفقر الشديدة لسكان المدينة، ومراعاة أبعادها الثقافية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والتنموية.. منوهاً بالإمكانيات الهائلة التي تنفق لأجل زبيد وقدرة الصندوق الاجتماعي للتنمية على تنفيذ مشاريع الحفاظ على زبيد ووفق شروط ومعايير اليونسكو، شريطة ضمان إيقاف المخالفة العشوائية.

لتبقى رحلة الحفاظ على مدينة (زبيد) كحاضرة من حواضر اليمن العلمية والثقافية والسياسية، سائرة في رحلتها الطويلة.. والتي هي لاشك بحاجة لإرادة جادة.. وهو ما يؤمل عليه أبناء زبيد من قرار رئيس الجمهورية..

 

 قرار الفرصة الأخيرة !

 

جهود الحكومة في الحفاظ على زبيد خلال نحو عقد كامل من الزمن والذي تمثل في إصدار قرارات وأوامر وإجراءات لم يعمل بمعظمها.. ولم ينفذ منها سوى اليسير حتى الآن، ولا تزال رغم قلتها غير كافية بحسب المختصين لإخراج زبيد من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر..

حبيس المجلس..

– وحسب التقرير الأخير للمنسق العام لزبيد فقد عملت الحكومة في المجال القانوني على إصدار جملة من القرارات العليا بشأن لائحة ضوابط البناء في المدن التاريخية بدءا بقرار مجلس الوزراء رقم(204) لسنة 2001 م، ومروراً بقرارات المجلس رقم(452) عام2006 م، وقرار رقم(438) لعام2007 م، وقرار رقم (172) لعام 2009 م، بشأن التدابير والإجراءات التنفيذية لإخراج مدينة زبيد التاريخية من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، ورقم(28) لعام 2010م بشأن سرعة مراجعة قانون المدن التاريخية وانتهاء بقرار المجلس رقم 41 لعام2011م بالموافقة على مشروع القانون وإحالته إلى مجلس النواب للموافقة عليه ولا يزال حبيس المجلس.. علاوة على إصدار أمر مجلس الوزراء رقم29لعام 2010 بشأن إزالة المخالفات والتشوهات في مدينة زبيد برئاسة وزير الأشغال العامة والطرق، وقرار رقم 30 لعام 2010 م بشأن إدخال الخدمات الأساسية لمدنية التوسع الجديد في زبيد، وقبلها صدر أمر رئيس الجمهورية بتاريخ 11/يناير/2008م بإزالة الاستحداثات التي تغير الطابع المعماري لزبيد، ومنع أي استحداثات جديدة وبما يضمن الحفاظ على طابعها المعماري، وجميعها للأسف حسب الواقع لم تر طريقا للتنفيذ.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية حسب التقرير فقد تم تنفيذ شبكة للمياه والصرف الصحي بتمويل من البنك الألماني بمبلغ(2) مليار ومائة مليون ريال، وشراء كابلات أرضية بدلاً عن الكابلات الهوائية بمبلغ مليون دولار، وتم بدء العمل فيه بالتزامن مع أعمال مشروع رصف المدينة التاريخية والذي يجري فيه العمل حاليا بعد أن تم الانتهاء من الرصف التجريبي بمبلغ(58) ألف دولار بمساحة 800 متر مربع، بتمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية.. فيما لا يزال مشروع الرصف في مراحله الأولى وهي أربعة مراحل قيد التنفيذ لما ينتابها من إعاقات وتعثرات لأسباب متعلقة باستمرار المخالفات، واحتكار مستثمرين ونافذين الجبال المحيطة بالمدينة لغرض احتكار الأحجار  الخاصة بالرصف والمتاجرة بها وبيعها للمشروع.

المرحلة الأولى

– وتشمل المرحلة الأولى حسب التقرير رصف 8 آلاف متر مربع من مدينة زبيد القديمة بمبلغ(128) مليون ريال بتمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية، وإنزال مناقصة لأعمال الرصف مرحلة ثانية من قبل مشروع الأشغال العامة بمبلغ 320 ألف دولار، وإنزال مناقصتين بتمويل الصندوق الاجتماعي الأولى لرصف المرحلة الثالثة في ساحة القلعة بمبالغ (940) ألف دولار ومناقصة لأعمال رصف المرحلة الرابعة بحارة العلوية بمبلغ (780) ألف  دولار وجميعها قيد التنفيذ.

– إلى جانب ترميم عدد من مدارس وقلاع وبوابات تاريخية بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية وكذا دعم لمكتب( جي تي زد ) بمبلغ عشرة ملايين دولار، شملت دعم عملية ترميم المنازل القديمة والسوق القديم بنظام دفع فارق التكلفة في البناء والذي يساوي 40 %، وشمل عدد(150) حالة سكن و(45) دكان وترميم عدد (103) من الزخارف الخشبية وغيرها من الأنشطة التوعوية الأخرى، وترميم عدد من البيوت والبوابات الرئيسية على نفقة وزارة الثقافة ممثلة بالهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية عبر مرحلتين منذ عام2000 م وبمبلغ(20)مليون ريال، ودعم وزارة الثقافة لمكتب المدن التاريخية بزبيد بتخصيص بمبلغ(500) ألف ريال شهرياً كنفقات تشغيلية و(300) ألف ريال شهريا لدعم توفير مادة الياجور.. كما نفذت وزارة الأوقاف والإرشاد مطلع عام2011م بترميم 9 مباني قديمة ما بين مساجد ودكاكين تابعة للأوقاف بملغ 12 مليون و 900 ألف ريال ،علاوة عن انجاز مخططات الحفاظ على مدينة زبيد مؤخراً.

خارطة طريق

 وفيما يرى المنسق العام لزبيد أن أنجاز مثل تلك الإجراءات وعلى رأسها الانتهاء من إعداد القانون وإصدار مخططات  الحفاظ على مدينة زبيد والذي احتفى به مؤخراً ،كفيلاً بإقناع اليونسكو بجدية الحكومة اليمنية  تجاه الحفاظ على زبيد باعتبار المخطط يمثل خارطة طريق شاملة للحفاظ على المدينة التاريخية، وطابعها التقليدي وطرق ترميمها وصيانتها وشموله على خرائط خاصة بأنواع الفراغات في المدينة التاريخية ومخططات التوسعة اللازمة للمدينة وأنواع المباني وتصنيفاتها.. يرى آخرون بأن تنفيذ هذا المخطط الذي اقتصر على معالم محددة فقط في زبيد يبقى أيضا رهن وجود قانون المدن التاريخية الماثل في البرلمان حاليا وسلطة توجيهية وتنفيذية تتضافر فيها كافة الجهود لضمان تنمية حضرية لزبيد والحفاظ على هويتها التاريخية وأصالتها الثقافية، كما لا يمكن أن تنجح عملية الحفاظ على مدينة زبيد ما لم تترافق ودعم وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية لهذه المدينة.

ـ كما تدفع قلة الإمكانيات والفقر أصحاب المنازل القديمة في زبيد لاستخدام مواد بناء كالأسمنت والحديد في أعمال الصيانة والترميم والتوسع كونها أقل تكلفة من مواد البناء التقليدية التي تعد غالية ومكلفة، ورغم ما تشكله تلك المواد من تشويه مضاعف يخل بالنمط المعماري التقليدي يهدد مستقبل المدينة التاريخية حيث يرى عرفات الحضرمي مدير مركز المخطوطات بزبيد إلى جانب ضرورة محاسبة المتسببين في إعاقة المشاريع التنموية المعتمدة في إطار عملية الحفاظ على زبيد والتي من شأنها النهوض بمستوى المدينة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذا المحافظة على معالمها الحضارية وتراثها الفكري والإنساني ..

تقديم المساعدة

– يرى الحضرمي أيضا ضرورة تقديم المساعدة من قبل السلطات الرسمية وتوسيع ودعم عملية الترميمات بالمدينة القديمة والمخصصة بدفع فارق التكلفة في البناء والذي يساوي 40 في المائة، وبحيث تشمل أي استحداث مصرح له بالبناء والتوسع من قبل هيئة المدن التاريخية، أو على الأقل دعم وتوفير مواد البناء التقليدية الأساسية من الأجور والنورة وبما يتناسب مع دخل أبناء المنطقة القابعة في الفقر والعوز. 

 – علاوة عن الاهتمام بتراث زبيد الفكري والتاريخي من كنوز علمية ومخطوطات تاريخية وفكرية لاتزال تعاني الكثير من الإهمال وعدم الرعاية مشيراً إلى ما يعانيه مركز المخطوطات رغم اعتماده وترميم مقره عبر جهات منحة في الصندوق الاجتماعي منذ العام 2007م، إلا أنه وبرغم هذه الأهمية لا يزال مركزا  ليس له أية اعتماد تشغيلي للمركز وبما يضمن على الأقل نفقات الحراسة والنظافة.

إرث تاريخي

– وكانت في البدء ولا تزال جوانب الإبداع والتميز والتفرد سبب إدراج مدينة زبيد التاريخية في قائمة التراث العالمي في اليونسكو عام 1995م باعتبارها مدينة تاريخية تضم إرثا معماريا وهندسيا مميزا ينبغي الحافظ عليه وحمايته، وفي المقابل كانت حالات العبث والإهمال وتقاعس الجهات المعنية بالحفاظ على هذا الإرث التاريخي والتراث الإنساني الممتد لأكثر من عشرة قرون، سبب التهديدات المتكررة بشطب زبيد من هذه القائمة العالمية وذلك بعد تصنيف أوضاعها وإدراجها بقائمة المدن المهددة بالخطر..!

 ـ لتبقى رحلة الحفاظ على مدينة الروح وجليسة الزمان(زبيد)رغم أهميتها التاريخية ومكانتها الحضارية ودورها الريادي كحاضرة من حواضر اليمن العلمية والثقافية والسياسية، سائرة في رحلتها الطويلة بحشد الجهود الرسمية والقرارات العليا والإرادات المجتمعية المختلفة لمواجهة كل تلك التحديات والتي هي لاشك بحاجة لإرادة جادة وقرارات تتبعها إجراءات تنفيذية على أرض الواقع لإنقاذ زبيد، وإبقائها في قائمة التراث العالمي، وهو ما يؤمل عليه أبناء زبيد من قرار رئيس الجمهورية المنتخب الأخ عبد ربه منصور هادي بشأن زبيد، آملين أن لا يلاقي قراره الأول بشأن زبيد مصير قرارات سلفه السابق.

  – وتأسست مدينة زبيد في عام204 للهجرة(819 ميلادي)، على يد محمد بن عبدالله بن زياد، بأمر من الخليفة العباسي المأمون، واتخذ منها العباسيون عاصمة سياسية وعسكرية لليمن، لتغدو خلال عقود قليلة أكبر مدن اليمن، وواحدة من أشهر حواضر العالم الإسلامي العلمية والثقافية والتجارية في ذلك الزمان، كما لا يقل إرث زبيد المعماري والهندسي الفريد، والذي هو أهم أسباب اهتمام العالم بها، أهمية عن إرثها وموروثها العلمي والثقافي، فهي تتميز بمخطط معماري دائري، شأن الطابع المعماري للمدن الإسلامية في حينه فمعظم مبانيها مشيدة من الياجور المحروق والطين ومواد البناء التقليدية الأخرى، فحولها سور مرتفع من الطين له أربعة أبواب تفتح في الفجر وتغلق بحلول المساء، وعلى السور 109 من أبراج الحراسة والمراقبة، وتتميز عموما بطابع هندسي ومعماري وزخرفي يعد مرجعا لفنون العمارة الإسلامية وجمالياتها وكيف لا! وفيها حاليا حسب المؤرخ الحضرمي أكثر من 85 منشأة علمية وتاريخية من مدرسة ومسجد ورباط علمي، معظم مساجدها تعرف بالمساجد الألفية (التي يزيد عمرها على ألف عام)ومن أهمها مدرسة وجامع الأشاعرة أسسها الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري في القرن الثاني الهجري وفي هذه المدرسة تم تأسيس علم الجبر والمقابلة وتم شرح نظرية الخوارزمي وحافظت على هوية اللغة العربية عن طريق محمد مرتضى الزبيدي صاحب كتاب تاج العروس في شرح القاموس المحيط.

عن arafat

شاهد أيضاً

“اليمن : قصة مأساوية لحياة الطفولة المهدورة وجرائم العنف القاتلة”

‏‏  3 دقائق للقراءة        550    كلمة الحديدة نيوز // اشراق الصبري صنعاء – اليمن  في بلد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *