الحديدة نيوز_خالد بريه
الدكتور العلامة عبد الله عبدالله الأهدل، اشتُهِرَ بـ عبد الله بن مالكِ الأهدل.
ولدَ في عام 1948م، قرية ديرْ أبكر، مديريةِ القناوص، محافظةِ الحديدة،
انتقلَ في العاشرةِ من عمره الى مدينةِ صامطة بـ جيزان، عندَ أخيه الأكبر “علي” طيَّبَ الله ثراه، وهناكَ التحقَ بمعهدِ صامطة العلمي في السنةِ الرابعة، واستمرَّ في المعهدِ إلى تخرجه من الثانويةِ، عام 1959م، ثمَّ التحقَ بكليةِ الشريعةِ بجامعةِ الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قسم أصولِ الدِّين، وتخرجَ منها بدرجةِ ليسانس، عام 1965.
في العامِ ثمانيةٍ وستين تسعمائةٍ وألف، عادَ إلى اليمن، وعُيِّنَ في وزارةِ العدل في صنعاء، وانتقلَ عام 1974 إلى مدينةِ الحديدة مدرسًا في مدسةِ الثورة، ثم مديرًا لمدرسةِ سعد بن أبي وقاص إلى عام 1979.
أُوفدَ إلى المملكةِ لمواصلةِ الدراساتِ العليا في جامعةِ الإمامِ محمد بن سعود الإسلامية، وحصلَ منها على درجتَي الماجستير والدكتوراة؛ ثم عادَ إلى اليمنِ عام 1992، والتحقَ بكليةِ التربية، فرعَ الحديدة، جامعة صنعاء عام 1993، كأستاذٍ لمادةِ التفسير، في قسمِ الدراساتِ القرآنية، وبعدَ إنشاءِ جامعةِ الحديدة؛ عُيِّنَ رئيسًا لقسمِ القرآنِ وعلومه.
عُرفَ الشيخ بـ تقواه، وزهْده، وورعه، وعبادته، وكثرةِ الذِّكر، كما عُرفَ بـ قِلَّةِ الكلام، والرغبة عن الانشغالِ بما لا فائدةَ ولا طائلَ من ورائه. عليه سماتُ العلماءِ والصَّالحين، وهيبتهم، عاشَ همومَ أمته، فلا تراه في درسٍ من دروسه إلا ويعلِّقُ على حدثٍ من أحداثِ الأمةِ هنا وهناك!
ومما عُرفَ عنه ورأيتُه بنفسي؛ كانَ – في الغالب – إذا انتهىٰ من صلاةِ المغرب في جامعِ الأنوار، بقيَ في مصلاه، يصلي مثنى مثنى، حتى يُرفَع أذان العشاء.
عاشَ مفسِّرًا، وقضى حياته في تدريسِ التفسير وعلومِ القرآن، كانَ رجلًا قرآنيًّا بحق، يعيشُ ويحيا مع القرآن، قراءةً، وتدبرًا، وتفسيرًا، ولهذا؛ تناولَ في رسالته الماجستير دراسةً مستفيضةً حول “التفسير العلمي للقرآن الكريم”، كما قدَّمَ أطروحةً مميزةً حولَ “إختلاف التنوعِ واختلاف التَّضاد في تفسيرِ السَّلف”، وكان يُعدُّ في الجامعةِ شيخ المفسرين!
ولا زلتُ أحتفظُ بدفترٍ كتبتُ فيه بعضَ الفوائدِ والفرائدِ من دروسه في التفسير، ومعَ وعورة “فتح القدير” أحيانًا؛ إلا أنه كانَ متمكنًا في فكفكته، والتعليقِ عليه، وترجيحِ ما يراه راجحًا.
إلى جانبِ تدريسه في الجامعة، كان يُلقي دروسًا متعددة في بعضِ جوامعِ الحديدة، استمرَّ درسه في جامعِ الرحبي لسنواتٍ طويلة، وكذا في جامعِ النور. يبثُّ ما ممنَّ الله به عليه، ويشرحُ ما انغلقَ على الناس/وطلبة العلم فهمه من بيانِ النَّص الإلهيِّ الخالد، فكانَ غايةً في الإتقانِ والإحكام.
ومما علقَ في ذاكرتي المهترئة؛ إبَّانَ الحربِ الآثمةِ على #غزة، كانَ يفسرُ سورة المائدة من فتحِ القدير للشوكاني؛ ثمَّ تطرقَ للحرب، وما حدثَ لأهلنا في غزة، فبكىٰ في القاعة، بكاءَ المكلوم على أمَّته المستباحة!
وهو بهذا، لم يكنْ غائبًا أو مغيَّبًا عن قضايا الأمةِ المصيرية، رغمَ ابتعاده عن الظهور، وركونه إلى حياةِ العزلة إن صحَّ التعبير، لكنها عزلة تحيي القلبَ والروح، ولا تسهمُ في التغييبِ عن همومِ الأمةِ، وقضاياها الملتهبة!
حفظَ الله شيخنا، وأطالَ في عمره، ونفعَ به، وأمدَّه بأثوابِ الصِّحةِ والعافية. وشَكرَ الله له ورضيَ عنه.