يوماً بعد آخر يتعرض الاف الأطفال اليمنيين للموت البطيء، بسبب انعدام الامن الغذائي وسوء التغذية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام الوقود، جراء الحرب والحصار الذي يفرضه «التحالف».
يحكي أهالي «محمد» والد الطفل باسم محمد حسن الذي يبلغ من العمر سنتين، ومصاب بسوء التغذية الحاد وضمور في الدماغ وثقب في القلب لـ«العربي»، أن والد الطفل لم يتمكن من نقله الى صنعاء للعلاج نظرا لظروفه المادية الصعبة، مشيرين أن الطفل يتلقى العلاج في المركز الطبي في مديرية اسلم بمحافظة حجة، منذ 3 أشهر.
يرقد باسم منذ أكثر من 3 أشهر في المركز الطبي بمديرية أسلم بحجة، فيما يشتكي أهله من عدم وجود خدمات طبية في المركز، خاصة وأن سوء التغذية يفتك بباسم وبآلاف الأطفال اليمنيين في الوقت الحاضر، نتيجة سياسة التجويع الذي يستخدمها «التحالف» تجاه الشعب اليمني، على حد تعبير وزارة حقوق الانسان التابعة لحكومة «الإنقاذ» في صنعاء.
المتحدث باسم الوزارة طلعت الشرجبي، يؤكد في حديثه لـ«العربي»، أن «سبب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، هو أن التحالف السعودي جراء تدميره الشامل للبنية التحتية، ومخازن الغذاء، والمصانع والمستشفيات، فضلاً عن حصاره المطبق الذي يمنع دخول المواد الغذائية والدواء»، مشيراً إلى أن «التحالف عمل على عرقلة المساعدات الإنسانية الإغاثية».
وأوضح لـ«العربي»، أن «نقل البنك المركزي إلى عدن، ووقف صرف مرتبات الموظفين، وتدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كلها أمور فاقمت من معاناة المواطن البسيط»، متهماً «التحالف» بشن «حرب اقتصادية تستهدف الشعب اليمني».
تحذيرات المنظمات الإنسانية
المنظمات الإنسانية والدولية، منها منظمة «أنقذوا الأطفال»، حذرت من تفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية للأطفال، مؤكدة أن 5.2 مليون طفل في اليمن يواجهون خطر المجاعة.
وأكدت المنظمة في تقرير حصل «العربي» على نسخة منه، أن «المعاناة تضاعفت هذه الأيام مع اندلاع القتال بالحديدة، كون ميناء الحديدة، نقطة دخول معظم المساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن».
إلى ذلك، تشير المنظمة إلى أن المعوقات كثيرة و«لا تقتصر على محدودية التمويل، بل أيضاً مرتبطة بتدهور الوضع الصحي، وتوقف عمل نحو نصف المرافق الصحية، وعدم دفع رواتب العاملين الصحيين، واستمرار الصراع والمواجهات المسلحة، وعرقلة وصول المساعدات الغذائية للمحتاجين في بعض المناطق».
تدهور الخدمات
إلى ذلك، يوضح الدكتور، نصار أحمد، في حديث لـ«العربي» معاناة الأطفال الذين «يموتون يومياً بسبب سوء التغذية، جراء الحرب والحصار الذي تفرضه السعودية على اليمنين، التي ألقت بظلالها على آلاف الأطفال في معظم المحافظات اليمنية»، موضحاً أن «أسباب سوء التغذية كثيرة، فانتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي في البلاد بسبب الحرب أحد أهم الأسباب».
وأضاف أن «استهداف التحالف للمستشفيات والمراكز الطبية، ومنع دخول الدواء يفاقم هذه الأزمة بشكل كبير».
كارثة إنسانية
وتقول الدكتورة آلاء محمد، من مستشفى خاص بالحديدة، في تصريح لـ«العربي»، أن «مشكلة سوء التغذية في اليمن كارثة إنسانية واجتماعية وصحية تمتد وتتشعب تأثيراتها السلبية وتداعياتها لتشمل مختلف مناحي الحياة»، مشيرة إلى أن «التحالف السعودي وضع اليمن في حلقة مفرغة تعيد إنتاج نفسها، فسوء التغذية يؤدي إلى الفقر سببه سياسته التجويعية تجاه الشعب».
وأكدت أن «الأطفال أول ضحايا هذه الحرب، حيث انعدمت العناصر الأساسية اللازمة لنمو الأطفال ونتيجة لعدم توفر الغداء اللازم يعاني الطفل اليمني سوء تغدية».
ودعت محمد المنظمات الدولية للتدخل والضغط على «التحالف» للسماح بـ«دخول المساعدات الإنسانية من ميناء الحديدة، التي تعد الشريين الوحيد لـ 18 مليون يمني في المناطق الشمالية، حيث دمرت الخدمات والمنشآت التي تقدم أبسط وسائل الحياة والرعاية، وأن يولوا الاهتمام بالجانب الغذائي والصحي للطفل اليمني وتوفير احتياجاته اللازمة».
ارتفاع خط المجاعة
وبحسب تحذيرات الأمم المتحدة، فإنه بسبب الأزمة الإنسانية الحالية في اليمن جراء الحصار والحرب التي تقودها السعودية في اليمن، فإن البلاد «مهددة بالمجاعة».
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك: «تسارع الانهيار الاقتصادي تسبب بارتفاع أسعار السلع الأساسية بـ 30%، في الوقت الذي يعاني فيه ملايين اليمنيين لإطعام عائلاتهم»، مؤكداً أن «الدخل الضئيل للغاية الذي يستخدم كله لشراء الطعام الآن، هبطت قيمته وأصبح الفرد يقتني بنفس القيمة مواد أقل بـ 30%».
وبرغم استبعاد لوكوك حدوث هجوم مباشر على مركز مدينة الحديدة، إلا أنه عبر عن قلقه من آثار أكبر وأسوأ للمعركة على إيصال الإمدادات، في هذا البلد الذي يعتمد على الواردات الغذائية بنسبة 90%.
كما نفى تقارير تحدثت عن محاولة وفشل الأمم المتحدة بإجلاء 5 آلاف مدني من الحديدة في أبريل الماضي.
إلى ذلك، قالت هيلي ثورننغ-شميدت، الرئيس التنفيذي لمنظمة «أنقذوا الأطفال» الإنسانية، إن «ملايين الأطفال لا يعرفون متى يحصلون على وجبة غذاء قادمة، وهل أنهم سيحصلون عليها أصلا؟»، مضيفة «في إحدى المستشفيات التي زرتها في شمالي اليمن، كان الأطفال من الضعف والهزال بحيث لا يستطيعون الصراخ، بعد أن ضعفت أجسادهم جراء الجوع».
وأكملت أن تلك الحرب تضعنا أمام خطر «قتل جيل كامل من الأطفال في اليمن، يواجه أخطارا متعددة، بدءا من القنابل مرورا بالجوع وانتهاء بالأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا».
من جهتها، حذرت ليز جراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، من تدهور الأوضاع ومخاطر حدوث مجاعة قد تودي بحياة أعداد هائلة من اليمنيين.
وقالت في تصريحات اطلع عليها «العربي»، إن «75% من سكان اليمن يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد بلد آخر في العالم تحتاج نسبة أكبر من سكانه إلى المساعدات للبقاء على قيد الحياة. 80% من أطفال اليمن، أي 11 مليون طفل، يحتاجون المساعدة».
وكشفت جراندي عن إحصائية مخيفة بقولها، إنه «يموت طفل واحد على الأقل كل عشر دقائق لأسباب مرتبطة بالحرب»، مشيرة إلى أن «10 آلاف طفل قد لقوا حتفهم بسبب الأزمة الإنسانية، و50% من كل الأطفال في اليمن مصابون بالتقزم، يعني هذا أنهم لن يتمكنوا أبدا من الوفاء بإمكاناتهم الكاملة».
وأضافت أن «10 ملايين يمني آخر سيواجهون أوضاع ما قبل المجاعة بنهاية العام الحالي إذا لم يتم فعل ما يغير الوضع الراهن»، مشيرة إلى أن «كل مرة يقل فيها الريال اليمني ولو حتى بنسبة مئوية ضئيلة، تصبح عشرات آلاف الأسر غير قادرة على شراء احتياجاتها الأساسية اللازمة لبقائها على قيد الحياة».
وحذرت من استمرار السياسة الاقتصادية التي تتخذها حكومة «الشرعية» الموالية لـ«التحالف»، مشيرة إلى أنه «إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع أن يبلغ سعر الريال 1000/1 من الدولار، ليواجه 12 مليون يمني خطر التضور جوعاً».
المصدر : العربي ..