فيكتور موسيس: طالب اللجوء الذي غزا الدوري الإنجليزي الممتاز
الحديدة نيوز/خـــــــــاص
أصر النجم النيجيري فيكتور موسيس على تحقيق النجاح في نادي تشيلسي الإنجليزي رغم رحيله عن النادي عدة مرات لأندية أخرى على سبيل الإعارة، وهو ما يعكس الكثير من جوانب شخصيته.
ومع ذلك، تتضاءل هذه الظروف الصعبة إذا ما قورنت بالتحدي الأكبر الذي كان يتعين عليه التغلب عليه.
كان موسيس في الحادية عشرة من عمره عندما وصل إلى انجلترا كطالب للجوء بعد مقتل والديه في نزاعات دينية في نيجيريا عام 2002.
وكان اللاعب البالغ من العمر 26 عاما يلعب كرة القدم في الشارع عندما لقى والداه حتفهما. وبعد أسبوع واحد، نجح ما تبقى من عائلته في جمع المال اللازم لإرساله بعيدا عن وطنه.
هذه هي الطريقة التي وجد بها طفل يتيم هادئ الطباع ويتحلى بالتواضع الشديد ولا يتحدث اللغة الإنجليزية نفسه في جنوب لندن بعد تغيير دراماتيكي في حياته.
يقول موسيس لبي بي سي: “كان الأمر قاسيا في البداية، بعدما ألقى بي فجأة في ثقافة مختلفة وأشياء من هذا القبيل”.
وأضاف: “كطفل صغير في بلد جديد، كان يتعين عليك أن تكون صداقات جديدة، وكان هذا صعبا للغاية، عندما جئت للمرة الأولى، لم أكن أعرف كيف أتواصل باللغة الإنجليزية”.
انضم موسيس إلى أسرة بديلة والتحق بمدرسة في جنوب نوروود، والتي كانت قريبة من مركز لدعم اللاجئين والمهاجرين في كرويدون.
يقول موسيس: “عندما بدأت الذهاب إلى المدرسة، بدأت التعود على أشياء مثل اللغة، وبعد ذلك، بدأت التكيف مع المدرسة والأصدقاء وكل شيء”.
ويضيف: “كانت البداية صعبة للغاية، لكني نجحت في أن أبقى على قيد الحياة”.
لكن الأمر أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة، فقد تألق اللاعب في وطنه الثاني وحصل على بطولات الدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الأوروبي وكأس الأمم الأفريقية، كما لعب في دوري أبطال أوروبا وتأهل بمنتخب بلاده لكأس العالم.
وقد بدأت الخطوات التجريبية الأولى في مسيرة موسيس الناجحة في عالم كرة القدم بعد وقت قصير من وصوله إلى لندن. فكما هو شائع بين الشباب النيجيريين، لعب موسيس كرة القدم من أجل المتعة، لكن حماسه الشديد ومهارته الكبيرة في الملعب سرعان ما جذبت أنظار مسؤولي نادي كوزموس 90، الذي كان يلعب في دوري الشباب في مكان قريب من مقر إقامته.
يقول موسيس: “عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري كان هذا أول اتصال لي مع كرة القدم على مستوى الأندية، فعندما شاهدوا الطريقة التي كنت ألعب بها مع أطفال آخرين وحول الحديقة، أدركوا أنني موهوب”.
كان نادي كوزموس يعاني في دوري الشباب، لكن وصول موسيس سرعان ما غير شكل الفريق، وكثر الحديث عن الموهبة الأفريقية المذهة التي تلعب في جنوب لندن. وبدأ المئات يذهبون لمشاهدة مباريات كوزموس.
يقول موسيس: “لقد كان نادي كوزموس هو من أخبر كريستال بالاس عني في حقيقة الأمر و شاهدوا قدراتي ثم تعاقدوا معي”.
وبعد ذلك، ألحق كريستال بالاس موسيس بإحدى أفضل المدارس الخاصة في كرويدون، وهي مدرسة ويتغيفت، ما أتاح له تلقي تعليم ممتاز في مرافق وبيئة مناسبة تساعده على الانتقال من ماضيه البائس.
يقول موسيس: “اختلف الوضع تماما عما كنت عليه، وكان من الواضح أن اللكنة كانت مختلفة بعض الشيء عن الطريقة التي كنا نتحدث بها في كرويدون، لكن كان من الجيد أن تعيش تجربة التعلم في مثل هذه المدارس الخاصة”.
ويضيف: “كانت المعاملة هناك جيدة، وكان التعليم مذهلا،وكنت سعيدا لأن كريستال بالاس منحني فرصة الالتحاق بمدرسة كهذه. لقد استمتعت بحياتي هناك في حقيقة الأمر”.
وداخل الملعب، قاد موسيس فريق مدرسته، بفضل موهبته التهديفية الاستثنائية، للوصول للمباراة النهائة لمسابقة المدارس الإنجليزية تحت 14 عاما، وسجل بمفرده الخمسة أهداف التي شهدتها تلك المباراة.
وفيما يبدو الآن وكأنه مصادفة كبيرة، كان المدير الفني لفريق الكرة بمدرسة ويتغيفت هو أسطورة تشيلسي السابق كولن باتيس.
يقول موسيس: “لقد كان رجلا جيدا، وكنت أحب دائما أن أكون بجانبه. إنه دائما ما يشجعني في كل مرة يراني فيها، وكان دائما يثق في قدراتي عندما كنا نلعب في دوري المدارس”.
ويضيف: “لقد شجعني على بذل قصارى جهدي من أجل أن أكون لاعبا محترفا. في ذلك الوقت، كنت صغيرا للغاية، لكن عندما تحصل على نصيحة من أشخاص كبار مثله، يتعين عليك أن تقبل النصيحة.”
ويتابع: “كان أهم شيء يقوله لي دائما هو: يتعين عليك أن تعمل بكل قوة كلاعب كرة قدم.، الموهبة وحدها لن تحقق لك ما تريد، فالعمل الجاد هو ما سيساعدك
ويشعر اللاعب النيجيري بالامتنان تجاه هذا اللاعب الذي يملك خبرات كبيرة والذي قدم له النصحية في مثل هذه السن الصغيرة.
وقبل تولي المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي قيادة تشيلسي، كان المدرب الوحيد الذي منح الفرصة لموسيس هو رافا بينيتز بعد انتقال اللاعب النيجيري إلى البلوز قادما من ويغان أتليتك عام 2012.
وعقب رحيل بينيتيز، لم يمنح جوزيه مورينيو، الذي تولى قيادة الفريق عام 2013، أي فرصة لموسيس وأعاره ثلاث مرات متتالية لكل من ليفربول وستوك سيتي ووست هام.
لكن كونتي رأى في موسيس شيئا لم يلحظه أي شخص أخر، ولا موسيس نفسه.
يقول موسيس: “لم ألعب من قبل بجوار خط التماس في مركزي الظهير والجناح وعندما جاء كونتي وضعني في هذا المركز”.
ويضيف: “إنه لشيء جيد أن تحصل على دعم من المدير الفني للفريق، وقد دعمني ومنحني الثقة للعب هناك والتعبير عن نفسي، لذلك، كنت أريد أن ألعب في هذا المركز من أجله ومن أجل الجمهور والنادي، ولم أخذله”.
دخل موسيس التشكيلة الأساسية لتشيلسي لأول مرة خلال ثلاث سنوات، وكان ذلك في مباراة الفريق أمام هال سيتي في أكتوبر/تشرين الأول 2016. قدم موسيس أداء رائعا في مركزه الجديد وحصل على لقب أفضل لاعب في المباراة، كما كان ذلك بداية تواجده في التشكيلة الأساسية لتشيلسي في 22 مباراة متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يغب عن التشكيلة الأساسية للفريق إلا بسبب تعرضه للإصابة في شهر أبريل/نيسان.
ساهم تألق موسيسي في حصول تشيلسي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فيما وصفه اللاعب النيجيري بواحدة من أفضل لحظات حياته على الإطلاق. كما قاد منتخب نيجيريا، الذي اختار اللعب له رغم أنه لعب بقميص المنتخب الإنجليزي في مراحل الشباب، للتأهل لنهائيات كأس العالم القادمة بروسيا.
لقد تغلب موسيس على أحزانه الشخصية ونكساته المتكررة في مسيرته ليصل إلى القمة في نهاية المطاف.