لماذا تحتفظ روسيا بمليارات الدولة في الولايات المتحدة؟
الحديدة نيوز/خــــــــــــاص
يقول عباس جمعة، في “كومسومولسكايا برافدا”، إن المفارقة في أن روسيا تشتري سندات الخزانة الأمريكية، وواشنطن تنفق الأموال المكتسَبة منها بما في ذلك ضد روسيا.
كتب جمعة:
تجاوز دين الولايات المتحدة لأول مرة 20 ترليون دولار، وهذا يعادل ميزانية الاتحاد الأوروبي لمدة 125 عاما. فلماذا تحتفظ روسيا بجزء من أموال الدولة في الولايات المتحدة؟
– لماذا الدين الأمريكي بهذا الحجم؟
يقول الدكتور في علوم الاقتصاد، مدير قسم التحليل في شركة “ألباري” ألكسندر رازوفايف: “لنأخذ فقط الميزانية العسكرية للولايات المتحدة، التي ستبلغ 692 مليار دولار في عام 2018 (ميزانية روسيا العسكرية 69 مليارا فقط). ولكي تغطي هذا العجز تستدين من الدول الأخرى. تبيع الخزانة الأمريكية السندات والدول الأخرى تشتريها، أي إنها تحصل على الأموال كدين بفائدة صغيرة جدا، لأن سنداتها موثوقة ويمكن بيعها في أي وقت”.
من جانبه يضيف الاقتصادي ميخائيل ديلياغين أن الولايات المتحدة بعد الإمبراطورية البريطانية أنشأت منظومة تدفع دول العالم ثمن بقائها. لذلك، فإن الديون الأمريكية هي أداة مالية موثوقة.
– لماذا الاستدانة في الوقت الذي تستطيع فيه طبع الأوراق المالية؟
يقول الخبير الاقتصادي المستقل أنطون شابانوف: “أولا، إن طبع الدولارات يسبب تضخما كبيرا في الولايات المتحدة نفسها. وثانيا، الدولار عملة عالمية، لذلك عند طبع كميات كبيرة منه تنخفض قيمته كثيرا، ومعه بقية الأصول في العالم”.
– وهل هذا آمن؟
يقول ديلياغين: “هذا فخ. فواشنطن لا تنوي سداد دينها الوطني، لأن ذلك ببساطة غير ممكن. لذلك يستمر نمو الهرم إلى أن ينهار، كما حصل عام 1971 خلال ما يسمى بصدمة نيكسون، عندما رفضت واشنطن تنفيذ التزاماتها بتحويل الدولار إلى ذهب، وبالعكس، وهذا كان يدل على إفلاس الدولة. وقد تجاوزت المسألة آنذاك من دون عقاب، ومن الممكن أن تتكرر المسألة”.
– وماذا لو تخلى الجميع عن شراء السندات الأمريكية؟
يقول ديلياغين: “لكيلا يحدث هذا، تعمل السياسة الخارجية الأمريكية على إثارة الفوضى في مختلف أنحاء العالم، وهذا ما نشاهده في العراق وسوريا وغيرهما وعبر ما يسمى الثورات “الملونة”، كما حصل في جورجيا وأوكرانيا ومصر. ونتيجة ذلك تقترح الولايات المتحدة نفسَها كمكان آمن للرأسمال المصاب بالفزع”.
– وهل سيستمر نمو هذه الديون إلى ما لا نهاية؟
يقول رازوفايف إن “هذا يلائم الأمريكيين. لذلك، فإن هذه المنظومة ستبقى تعمل لاحقا. وعلاوة على ذلك، يرفع مجلس الاحتياطي الأمريكي تدريجيا أسعار الفائدة. أي إن نفقات خدمة الديون ستستمر في النمو، لذلك يتم تغطيتها بواسطة قروض جديدة”. ويضيف ديلياغين: “لا أحد يريد إفلاس الولايات المتحدة”.
– وبم سيعود هذا على روسيا؟
بحسب ديلياغين، فإن “الديون الأمريكية والاقتصاد الروسي مرتبطان، فعلى الأقل من بين عشرين تريليونا هذه يعود نحو 109 مليارات دولار إلى روسيا. ويذكر أن الولايات المتحدة أقرت في شهر أغسطس/آب الماضي قانونا بفرض العقوبات ضد روسيا. وهذه المليارات حاليا في خطر، ولا سيما أن واشنطن حجزت ممتلكات البعثة الدبلوماسية الروسية لديها، وليس هناك ما يشير إلى أن الليبراليين الروس يتحركون لإنقاذ النقود الروسية”.
إذن! لماذا نحتفظ بأموالنا لدى دولة معادية لنا؟
يقول رازوفايف إن “من أجل السياسة والإيديولوجيا يجب الذهاب إلى التجمعات الحاشدة. أما الاقتصاد فيعمل وفق قوانينه الخاصة – قوانين العقلانية. الدولار هو عملة الاحتياط العالمية الوحيدة، أي أن احتفاظنا بـ 25 في المئة من احتياطياتنا المالية بالدولار هو أمر طبيعي، وهذا يحافظ بدرجة ما على استقرار قيمة الروبل، وخاصة أن الولايات المتحدة لا تزال صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، وسنبقى نحتفظ بهذه النسبة لديهم. لأن ما يجري في مجال السياسة لن يمس الأموال، لأنه بعكسه ستفقد الولايات المتحدة ماء وجهها”.