الحديدة : مدينة العشق والجمال

‏  6 دقائق للقراءة        1032    كلمة

الحديدة نيوز/ خاص

لؤلؤة لا تزال في محارها شامخة بين حنايا بحر ينبض خيراٍ وسلاماٍ وشرايين أربعة تمتد من خلالها جسور التواصل والعطاء في شتى الاتجاهات.. فمن طريق يربطها بالحالمة إلى آخر يوصلها بالعاصمة وثالث متين الصلة بالأشقاء يتنفس الخط الساحلي نسيم البحر حتى يعانق ثغر اليمن الباسم.

حين تحط رحالك في مدينة الحديدة يستقبلك شارع صنعاء قلبها النابض والذي تتفرع منه أغلبية شوارع المدينة يمنة ويسرة لينتهي بك المطاف في نهايته إلى حديقة الشعب بوابة شارع الميناء ومنه شوارع فرعية تصلك بكورنيش المدينة على البحر الأحمر ومن هناك يمكن التوجه إلى منطقة رأس كتيب السياحية.

أسواق عريقة
ما بين شارع صنعاء في وسط المدينة والشارع المجاور للكورنيش يمتد سوقا المطراق وباب مشرف المتجاوران قلبان نابضان بنشاط تجاري موغل في القدم بكل ما يحتويانه من حرفيات ومصنوعات يدوية تتفنن بإنتاجها منطقة تهامة بل ومناطق يمننا الحبيب بأكمله ومشرئبا الأعناق نحو الحداثة والمعاصرة بكل ما هو جديد.

يبدأ المشوار باتجاه المطراق من مداخل متعددة من شاعر صنعاء وإذا ما كان التحرك داخل السوق سهلاٍ في سائر الأيام فإن الوافد إلى السوق هنا البضائع والسلع في متناول الجميع لكثرة أماكن العرض من محلات تجارية وأخرى للتخفيضات وهي محلات تحدد سعر كل سلعة من خلال ورقة صغيرة تلصق عليها إلى جانب بسطات مرتفعة وأخرى على الأرض وفي كل هذه الأماكن ما عليك سوى الدفع دون تردد حتى ولو كانت الأسعار محلقة بأجنحة الخيال وإلا ستخرج من السوق خالياٍ وكما يقول المثل الشعبي «الحاذق يخرج من السوق عطل» إذن «أدفع ما في الجيب يأتيك ما في الغيب».

تبهرك المحلات في سوق باب مشرف لا سيما عندما ترى محلاٍ متخصصاٍ ببيع منتوجات متنوعة يجمعها مصدر واحد كان هناك (الحصير سفر الأكل الزنابيل “القفف” مناخل الدقيق القبعات التهامية والحبال “الطفي” التي تستخدم للمجالس والسرر التهامية.) وكلها مصنوعة من مصدر واحد هو النخيل ما يلفت انتباهك ويجذبك للتعرف على منتوجات أخرى.

منتجات يدوية
الحاج ياسين الزريقي (صاحب المحل) بدأ مندفعا للتحدث عن هذه الصناعات الحرفية المصنوعة غالبيتها في ريف محافظة الحديدة وكأنه يريد الترويج لها كطابع يميز معظم محافظات بلادنا وإلى جانب العرض الجميل لمنتجات حرفية كثيرة داخل وخارج المحل واستقبالاٍ للزائرين من معظم المحافظات كان الزريقي يتحدث وهو يشير إلى كل سلعة: «إنها تستهوي الكثير من المواطنين والوافدين إلى هنا وخاصة من محافظة صنعاء غير أن السياح الأجانب يقبلون عليها بشكل كبير» ويقول: «السياح عندما يرون هنا مثلاٍ (شيشة) مصنوعة من الطين يلتقطون لها صورة ويأخذون الفكرة ويقلدونها في بلادهم بشكل حديث إلى جانب منتوجات النخيل كانت هناك منتوجات من الطين مثل مجامر البخور بواري الشيشة زير الماء «كوز الماء» المبارد جمنة القهوة المقالي تنور الخبز وغيرهم ومنتوجات من الحجر قال عنها الحاج الزريقي: “هذه أواني حجرية «صعداوي وهذه لها مناجم يستخرج منها الحجر اللين ويتم تقطيعه بمناشير ومن ثم نحته» نجارة الحجر” ويكون الأكل فيه لذيذاٍ وهي للسلتة والفسحة والفاصوليا وغيرها وهناك أيضا المسحقة لإعداد السحاوق وتصنع في مديريتي القناوص والزيدية ويكون السحاوق فيها ألذ من سحاوق العصارة الكهربائية” ومن الزنج وعلب المانجو والسمن وغيرها كانت هناك منتوجات مثل ولاعة الفحم لتحضير اللحم المشوي والغلاف الخارجي لتنور الخبز ومشاجب الثياب وما إلى ذلك وبالمناسبة فإن الدبية وهي أداة تحضير الحقين والتي تنتجها شجرة الدباء لم تكن غائبة عن المكان.

محطات على خط السير
باتجاهك شمالاٍ من مدينة حيس نحو مدينة الحديدة تستقبلك بعد عدة كيلو مترات مدينة الجراحى وهناك يختفي أي أثر لممرتفعات الجبلية وبالمناسبة إذا كنت لم تتناول وجبة الإفطار أو الغداء أو العشاء فهناك ستجد ضالتك حيث المطاعم تجذبك برائحة شهية يسيل لها اللعاب من مشويات ومسلوقات ومقليات والخبز الملوح والرشوش وسحاوق الجبن البلدي مع الطماطم والثوم والبسباس سترى أيضا الذبائح من غنمي وبقري معلقة طازجة برؤوسها على أبواب المطاعم وما عليك سوى التقدم بطلبك سواء “لحم صغار دقة كبدة مندي حنيذ برمة كبسة وغيرها” حتى إذا كنت لم تعلن رغبتك بعد في التوقف لتناول الطعام فإن سائق المنشأة التي تقلك سيقف كعادته في الجراحي لأجل ذلك دون سابق إنذار.

الطريق نحو مدينة الحديدة سهل منبسط عديم المرتفعات ما عليك سوى الحذر من وجود رمال تخفي معالم الطريق هدئ السرعة إذا كنت قد أدركت خطورة الأمر من بعيد وإن كنت قد تفاجأت بالرمال مباشرة فما عليك سوى التوقف المفاجئ الذي يقذف بالركاب نحو الأمام كل على انفراد إلا ركاب البيجو وخاصة الخانة الوسطية فإنهم يندفعون كتلة واحدة وقد لا يندفعون نظراٍ لتلاحقهم الوثيق الكاتم للأنفاس في كرسي صنعه الأجانب من أجل ثلاثة أشخاص فقط فأقل فاستغليناه نحن لأربعة أشخاص فأكثر.

وفي مدينة العلم والعلماء “زبيد” بجوامعها الأثرية ومتحفها وتاريخها العابق نوراٍ وحكمة تكون قد حططت رحالك في المحطة الثالثة بعد مدينتي حيس والجراحي غير أن محطتك الرابعة ستدركها بمجرد رؤيتك جمالاٍ معصوبة العينين تدور حول آلة خشبية إنك حتماٍ في مدينة الحسينية حيث تنتشر معاصر صليط السمسم “الجلجلان” البلدي تلك المعاصر التقليدية القديمة التي لا تزال تجابه الآلات الحديثة.

في محله لبيع صليط الجلجل قدم لنا أحمد فتيني كما ينادونه قارورة فيمتو مليئة بالصليط تلبية لطلبنا نحن لم نتوجه نحوه إلا لتأكدنا أن منتجه أصلي ومعصور بآلة قديمة قال لنا: “الجودة والطعم يختلفان عن صليط المعاصر الحديثة” الشخص الذي كان أمام المحل ويبدو أنه مساعده في المعصرة أضاف: “هذا الصليط يستخدم للأكل وخاصة مع فتة أمدخن ويستخدم كزيت للشعر وللتداوي”ولم اطيل  حديثي معه حينها كناباتجاه قريتنا وتوقفنا للشراء كانت المعصرة قريبة من الشارع الرئىس وجمل معصوب العينين يدور حول المعصرة وهناك جمل آخر واقف بالقرب منها ينتظر دوره وبالرغم من أنه يرى زميله يدور حول دائرة صغيرة مئات بل آلاف المرات في اليوم إلا أنه حين تْعصب عيناه ويبدأ بالدوران ينسى كيف كان زميله يدور «معتقداٍ أنه يسير في طريق طويل» بحسب إفادة الحاج أبو إسماعيل الذي أضاف أن فائدة تعصيب العينين ألا يرى الجمل أنه يسير في المكان نفسه وحينها سيغضب ولن يقبل السير بعد ذلك أو سيتحول ذلك الغضب إلى بركان يحطم المعصرة بمن فيها وهنا ظهر رأي آخر بأن الفائدة عدم دوخان الجمل.

ختاماٍ
سيبقى للحديدة أريجها العاطر وبريقها المشرق كمنتج سياحي عملاق ورافد اقتصادي لا يستهان به.

عن Amat

شاهد أيضاً

الحديدة : لقاء موسع وزيارات ميدانية الى السجن المركزي للإطلاع على أوضاع السجناء

‏‏  3 دقائق للقراءة        554    كلمة الحديدة نيوز // حسن درويش نفَّذتْ صباحَ اليوم وزارةُ العدل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *