ميناء الحديدة..أكــــوام من الخـــــردة تُهـــدد مُستقــبل وطـن..!!

‏  22 دقائق للقراءة        4302    كلمة

ميناء الحديدة..أكــــوام من الخـــــردة تُهـــدد مُستقــبل وطـن..!!

الحديدة نيوز- تحقيق: رياض الأديب

في ظاهرة غير مسبوقة تفشت مؤخرا العديد من المضبوطات التي تم تحريزها عبر ميناء الحديدة وكلها بضائع مهربة، وبعضها أخطر من بعض وخاصة فيما يتعلق بالأسلحة والألعاب النارية والحشيش، وشحنة للكوكايين التي يتجاوز ثمنها 100 مليون دولار حسب مصدر مسئول في الميناء .. في ذات الوقت ضبط الميناء العديد من الحاويات التي كانت معدة للتصدير وبداخلها آثار يمنية.. عُرف التهريب فيما مضى عبر المنافذ الطويلة التي تتمتع بها الحديدة, لكن أن يتم التهريب، عبر المنافذ الرسمية فهذه سابقة تفرض أكثر من تساؤل!

مهمة رئيسية

بمجرد أن تدلف باب الميناء بغية الدخول لهذه الصرح الاقتصادي الهام حتى تجد الإجراءات الأمنية المشددة والتي تتغلب عليها باتصال مع الجهات المسئولة بعد تنسيق مسبق في مهمة البحث عن الحقيقة..

– نظرة متفحصة للمكان تدرك مدى العشوائية التي تعتري ميناء الحديدة الذي يكاد يخلو من المظاهر المنظمة التي تتناسب مع عراقة هذا الميناء التاريخي لليمن حيث تغلب الأرضي الترابية على الأرصفة، وكل شيء في المكان يدل على الأقدمية ابتداء من المعدات والآلات الخاصة بالميناء، وانتهاء بالمطاعم والبوفيهات حيث تربط أخشاب أسقفها بالحبال خشية وقوعها..

– للتعمق أكثر في ذات المكان تجد نفسك محاصرا بالعديد من التساؤلات الجديدة التي يفرضها عليك الواقع المعيش في هذه الميناء، وبما يستوجب على المهنة الصحفية الولوج إليها والتقرب من معاناتها كمهمة رئيسية في بلاط السلطة الرابعة..

ليس تهريب البضائع ما تعاني منه الحديدة؛ وإنما هناك أيضا ظاهرة، وهناك التجار والمخلصون الذين يشكون الجور الذي يمارس ضدهم من قبل الميناء والجمارك على حد سواء، وهناك إدارة الميناء التي تشكو القدم، وهناك إدارة الجمارك التي تشكو تداخل الاختصاصات الأمنية، وهناك إدارة الأمن التي تشكو المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان في عدم وضع حد للاضطهاد الذي يعاني منه الأفارقة في اليمن..

– نتطرق في هذه الملف إلى أهم المعضلات التي تواجه ميناء الحديدة بالالتقاء مع جميع الأطراف في محاولة تشخيصية للمشكلة بغية عرضها على جهات الاختصاص في انتظار الحلول.

ميناء الحديدة

لم تعد محافظة الحديدة تلك المدينة التي لقبت بعروس البحر الأحمر لما تشهده من ترد في أهم شرايين الحياة للاقتصاد المحلي والمتمثل بمينائها حيث تعتمد عليه اليمن بما ما نسبته 70 % من الواردات التي تستقبلها الأسواق المحلية لاسيما فيما يتعلق بالسلع الأساسية.

– يقع الميناء جنوب شرق البحر الأحمر في منتصف الساحل اليمني للبحر الأحمر تقريباً، شمال خط الاستواء على خط عرض 14درجة و50دقيقة شمالاً، وخط طول 42درجة و56 دقيقة شرقاً.. يرتبط بقناة ملاحية بطول 11ميلاً بحرياً وعرض 200متر وحوض للاستدارة بقطر 400م تصل الميناء بمناطق انتظار.

ـ صعب للغاية مقارنة ميناء الحديدة بالموانئ الأخرى لدول مجاورة ما يضطر بالسفن العملاقة بالتوجه إلى ميناء صلالة وجيبوتي والرياض ودبي لعدم توفر العمق اللازم بالميناء المحلي الذي سيتحول بعد 5 سنوات إلى خبر كان إن ظل الوضع على حاله بحسب تصريح إدارة الميناء.. ومؤخرا وقعَّت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية مذكرة تفاهم مع مجموعة (SFECO) الصينية، حيث تضمنت المذكرة الموافقة على تمويل مشروع تعميق القناة الملاحية وإضافة رصيف جديد لمحطة الحاويات بميناء الحديدة بتكلفة تقدر بحوالي (307) ملايين دولار.

تجار السبعين يشكون أعباء إضافية

لم تتوقف معضلة البحر الأحمر عند مينائها وحسب حيث يشكو المستوردون قدم الأجهزة والمعدات التي قضى عليها الدهر وما زالت تمارس عملها منذ أكثر من 27 عاما ما انعكس سلبا على تجارتهم ما يضطرهم للبقاء أياما إضافية من أجل شحن بضائعهم ما يزيد من الأعباء الإضافية التي يواجهونها.

– مندوبو التجار الكبار وكما يطلق عليهم تجار “ السبعين “ أي الذين بدأوا بممارسة عملهم التجاري في السبعينيات أكثر حظا من غيرهم حتى وقت ليس ببعيد فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات المتعلقة بشحن بضائعهم والتي قد تتجاوز المائة حاوية في بعض الأحيان عكس التجار الصغار الذين تتراوح بضائعهم ما بين حاوية وأكثر ويخضعون لإجراءات مشددة.

– تواجد أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة غير مألوف في الميناء؛ كونهم يعمدون إلى موظفين متخصصين في متابعة تخليص البضائع المستوردة وجمركتها قبل شحنها إلى المخازن الخاصة بهم في المدينة أو نقلها إلى محافظة أخرى.

– يتفق مندوبو تجار السبعين، الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن عوائق كثيرة برزت أمامهم مؤخرا مرجعين الأسباب إلى التجار الصغار الذين نشطوا في تهريب البضائع غير القانونية ما حدا بإدارة الموانئ والجمارك إلى تشديد الإجراءات التي انعكست بالسلب على أدائهم الاقتصادي؛ نظرا للقرارات العشوائية التي اتخذت ضدهم؛ كونها غير متناسبة مع إمكانيات الميناء الذي يفتقر للمعدات اللازمة.

معوقات

بحنق شديد يتحدث أحد موظفي التخليص لدى شركة كبيرة في اليمن عن إجراءات الموانئ المشددة التي تعيق أداء عملهم بشكل كبير وذلك في إجراءات لم تحدث منذ أكثر من 50 عاما حيث يلجأ موظفو الموانئ إلى التفتيش اليدوي لكل حاوية وذلك خلاف السابق حينما كانت تؤخذ عينات من ( 3 – 5)  حاويات التجار الكبار ويتم تفتيشها وإطلاق سراح الباقي خلاف ما هو عليه الآن حيث التفتيش يطال الجميع وسط رسوم تصل إلى 7500 عن كل حاوية.

– اعتراض مندوبي التجار ليست على الإجراءات المشددة وتفتيش كل الحاويات بقدر ما يكمن امتعاضهم من عدم وجود الآلات الكافية المخصصة لذات الغرض بما يطيل من بقاء بضائعهم بالميناء وبالتالي زيادة الرسوم المالية المفروضة عليهم.

– يعدد المخلصون، والذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم المعوقات التي تواجههم بعدم وجود الساحات الكافية للمعاينة والتفريغ وذلك بسبب صغر الميناء والزيادة في استقبال الحاويات, إضافة إلى التفريغ من البواخر الكبيرة إلى بواخر صغيرة تتناسب مع عمق الميناء، إضافة إلى عدم وجود المعدات المناسبة للتنزيل والتفريغ والتحميل مثل الحاضنات، والرافعات والقواطر الخاصة بالنقل وبعضها انتهت من عمرها الافتراضي.

ومن المعوقات أيضا وجود كماش واحد فقط يعمل على تحميل الحاويات وتنزيلها إضافة إلى وجود مدخل واحد لخروج مركبات النقل العملاقة مع مدخل الجهاز “ الكاشف “ مما يؤدي إلى بطء العمل وتأخر عملية الوصول إلى الساحات, وفي معظم الأحيان يتم عرقلة إخراج الحاويات للتفريغ في الفترة الصباحية.

– ينوه الموظف المختص بالميناء أن هناك زيادة في الرسوم للأرضية على الحاوية سواء كانت عادية أو ثلاجة مع عدم وجود أي تحسين في المعدات, متسائلاً : أين تذهب الرسوم التي تؤخذ من المستوردين ومن البواخر ورسوم الموانئ وقد تبلغ مئات الملايين في الشهر الواحد!؟

شكاوى

شكاوى كثيرة طرحها عدد من مندوبي تجار اليمن الكبار تواجههم في الميناء وبدورنا توجهنا بهذه المعضلات إلى إدارة الموانئ وبعد محاولة ثانية تمكنا من الالتقاء بنائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية القبطان جمال عايش حيث تطرق إلى المشاكل التي يواجهها الميناء في الوقت الراهن وعدم تحقيقه أي تقدم إلى الأمام أسوة بالموانئ المجاورة ما يجعله مهددا بالتوقف بعد 5 سنوات؛ إذ ظل الوضع على حاله.

– يرجع القبطان جمال بعض أهم المشاكل التي يعاني منها الميناء إلى الأحداث التي شهدتها اليمن عام 2011م وانعكاسها على المستوى السياسي والاقتصادي وبالتالي تأثر الميناء مثله مثل العديد من القطاعات الاقتصادية والاستثمارية بفعل هذه الأحداث, وما أعقب ذلك من الحراك المتمثل بالمطالب العمالية والإضرابات سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة مما أدى إلى تأثر الميناء وتوقف الإنتاج تقريبا.

– يتابع: فهذه تركات لم تنتج عن يوم أو يومين؛ وإنما لأكثر من سنتين, فنحن نسعى اليوم لانتشال الميناء مما كان عليه سابقاً والعمل على تأهيله وتجديده مرة أخرى.

ـ  يوضح القبطان جمال أن عوائق الميناء لم تتوقف عن الأحداث الأخيرة فحسب، وإنما لعدم التحديث في المكان منذ عام 1985 حيث ظل الميناء على حاله ببطاقته السابقة دون أي تطور مقارنة بالمنطقة بشكل عام؛ مما أدى إلى عزوف الاستثمارات وانتقالها إلى موانئ مجاورة مثل صلالة وجدة وغيرها وجميع هذا الموانئ أنشئت بعد ميناء الحديدة وبعمق أكبر وبآليات حديثة تتواكب مع النقل البحري, في الوقت الذي فيه ميناء الحديدة في مكانه، ناهيك أنه يتناقص ولا يتزايد.

أسباب

وعن أسباب عدم تطور الميناء لأكثر من 25 عاما يرجع عايش الأسباب إلى المبالغ الكبيرة التي يحتاجها المشروع وقد قدمت دراسة مستفيضة حول التوسع المراد إنشاؤه عام 1998 وهي الدارسة التي تم تطويرها عام 2005م و 2006م وظلت حبيسة الأدراج لعدم اعتماد التمويل للمشروع لغياب رؤية سياسية واقتصادية لتطوير الميناء.

– يردف القبطان جمال عايش: إن تحركات محمودة حدت بوزير النقل واعد باذيب ـ وهو من أنشط الوزراء ـ  للسفر إلى الصين برفقة رئيس مجلس إدارة المؤسسة القبطان محمد أبوبكر بن إسحاق لبحث جانب التمويل والشركة المنفذة للمشروع، منوها أن مشاريع عملاقة مثل هذه تحتاج إلى تعاون وتضافر الجميع وليس وزير النقل فقط, تحتاج إلى قرار سياسي من رئيس الجمهورية، تحتاج إلى تفاعل وزارة التخطيط وقيادات السلطة المحلية بمحافظة الحديدة، وكل الجهات الداعمة من أجل إخراجه حقيقة إلى أرض الواقع بعد توقف دام 27 عاماً.. مردفا: بحمد الله تم اعتماد المبلغ الذي يحتاجه المشروع والذي يزيد عن307 ملايين دولار بجهود القيادة السياسية ووزارة النقل متوقعا أن يبدأ التنفيذ خلال الأشهر القادمة.

مشاكل المعدات

وعند التطرق إلى المشاكل التي يعاني منها المستوردون وخاصة كبار التجار فيما يتعلق بالقصور التي يعاني منها الميناء بفرض مبالغ خيالية على الحاويات وعدم وجود المعدات اللازمة للعمل وانعكاس ذلك على الخدمات التي يقدمها للمستوردين, ينوه القبطان جمال أن هذه المعاناة كانت موجودة قبل 5 – 6 أشهر حيث كان الوضع مترديا قبل أن يتم التغلب عليها مؤخرا من خلال توفير 7 حاضنات و 5 رافعات عملت على تغطية النقص الذي كان حاصلا، بل وفاضت عن الطاقة المقررة, وأيضا من المشاريع التي تم التوقيع عليها مؤخرا شراء حاضنتين بمبلغ 2 مليون دولار لرفد محطات الحاويات، ونحاول تقديم الجديد والعديد من الأجهزة الحديثة.

– وفيما يتعلق بشكاوى المستوردين من إخضاع جميع الحاويات للتفتيش، والذي قد يتحول إلى يدوي معظم الأحيان وهناك من يستورد أكثر من مئة حاوية ويهدر الوقت والمال, ويوضح نائب رئيس مجلس الإدارة: في الجمارك يوجد جهاز واحد فقط للتفتيش والجمارك غير قادر على شراء جهاز جديد ذي مواصفات عالية حسب اتفاق الأسكو ومنظمات الجمارك العالمية، حيث تمر حاوية عبر الجهاز لأنه أكثر ضمانا من التفتيش اليدوي, أيضا زيادة كمية الحاويات مما يؤدي إلى التأخير ويفترض على وزارة المالية توفير أكثر من جهاز للجمارك، مساع لرفع رسوم تعرفة الساحات والأجور البحرية.

زيادة الرسوم

وعند التطرق لشكاوى التجار بارتفاع الرسوم المفروضة على الحاويات مقابل الساحة, يؤكد عايش أن المؤسسة تسعى في الوقت الراهن إلى زيادة هذه الرسوم مقارنة بالتعرفة السابقة، سواء الأجور البحرية أو الساحات بما يتناسب مع القدرة التشغيلية للميناء في ظل الزيادة في أسعار الوقود والكهرباء, وقطاع  الغيار وأجور العاملين وهناك تنسيق مع الغرف الملاحية والتجارية برفع إيرادات المؤسسة حتى يتم التغلب على هذه العوائق.

– وعن وجود أي صلة بظاهرة تفشي المضبوطات المهربة مؤخرا بميناء الحديدة بعد تشديد الإجراءات الأمنية بميناء عدن , ينفي القبطان عايش وجود أي صلة بين الميناءين منوها أن ميناء عدن عبارة عن ترانزيت فيما ميناء الحديدة مهيأ لاستقبال البضائع الواردة, مؤكداً واحدية التنسيق بين جميع الموانئ كونهم في إطار وزارة واحدة.

جمارك الحديدة

يعد جمرك الحديدة من أهم الجمارك اليمنية وأكثرها حيوية في استقبال مختلف أنواع البضائع التي تصل من مختلف دول العالم إلى اليمن, ومؤخرا برز اسم جمرك الحديدة إلى العلن عبر مختلف وسائل الإعلام وخاصة شهري نوفمبر وديسمبر إثر تحريز العديد من البضائع المهربة ذات العيار الثقيل، كشحنة الكوكايين التي تم ضبطها مؤخراً على متن حاويات محملة بالسكر علاوة على معدات خاصة بالأمن، وهي ظاهرة كانت نادرة الحدوث قبل الأحداث التي شهدتها اليمن مؤخراً, كما تمكن الجمرك مؤخراً من ضبط العديد من الحاويات التي كانت معدة للتصدير إلى خارج الوطن وبداخلها آثار يمنية!

ظاهرة تحمل أكثر من تفسير

 واقع الجمارك في وقته الراهن وضع العديد من التساؤلات على طاولة مدير عام الجمارك بالحديدة الأستاذ سالم صالح بن بريك حيث أوضح التالي: لا شك أن هناك الكثير من الضبطيات التي تم تحريزها من قبل الجمارك من قبل ولكنها كانت تتم بشكل صغير وعلى فترات متباعدة، ونحن نتكلم هنا عن ميناء الحديدة، وأحيانا كانت لا تعلن لأنه إجراء داخلي.. وفي الفترة الأخيرة لوحظ ازدياد ضبط العديد من المهربات، وكانت أبزها 4 حالات كبيرة من ضمنها شحنة الكوكايين وأجهزة اتصالات لاسلكية وأيضا شحنة المناظير الليلة ( ليزر – عادية ) إضافة إلى معدات أمنية كدروع وغيرها.

– ينوه بن بريك أن أجهزة الاتصالات والمعدات الأمنية كانت مسجلة في مستندات الوارد وتم التحريز عليها لعدم وجود مذكرات رسمية من الجهات المختصة (الاتصالات والداخلية)، وتم الرفع بهذه البضائع إلى رئيسة المصلحة وبدورها أحالتها إلى النيابة لاستكمال التحقيقات مع أصحاب الشحنات لاستكمال الإجراءات القانونية.

– وعن أسباب انتشار ظاهرة التهريب مؤخرا وتزايد حالة المضبوطات يشير بن بريك أن الظاهرة تحتمل أكثر من تفسير غير مستبعد أن تكون الإجراءات الأمنية المشددة على بعض المنافذ سببا في محاولة المهربين اللجوء عبر الميناء. مردفا: إن شعار المهرب دائما إذا أغلق عليه باب للتهريب يلجأ إلى باب آخر!

– وفيما يتعلق بظاهرة تهريب الآثار يوضح أنها عادة ما تتم عبر الأجانب المتواجدين في اليمن بصورة عمل في بعض البعثات الدبلوماسية أو الشركات النفطية وبعض منشآت القطاع الخاص.

– يتابع: وضبطت إدارة أمن الجمارك العديد من الآثار التي كانت مجهزة للتصدير لخارج الوطن وتم تسليمها إلى الجهات المختصة والمتمثلة بمكتب الآثار.

– وعند استكمال الإجراءات الجمركية للتصدير والتي تكون وفق مذكرة رسمية من المكتب المختص يتم إشراك مكاتب الجهات المعنية كل حسب اختصاصه حيث يقوم مندوب مكتب الآثار المختص بمعاينة البضاعة المراد تصديرها وفي حال وجود أي اشتباه في هذه البضائع يتم التحفظ عليها وعدم إطلاقها.

تداخل الاختصاصات الأمنية

 وحول استفسارنا عن وجود تنسيق ما بين الجمارك في مختلف المحافظات في التعامل مع الأشخاص المعروفين بالتهريب يقول مدير عام جمارك الحديدة: هناك نوع من التنسيق بين الدوائر الجمركية وجميعها ترتبط برئيسة المصلحة التي تصل إليها أي مخالفات، ومن خلال نظامها الآلي يتم الإشراف على إجراءات البيانات الجمركية داخل الدائرة، ويتم التعميم لفروع الدوائر الأخرى في أخذ الحيطة والحذر تجاه أساليب التهريب.

– يضيف: وأعتقد الآن الجمارك بصدد تحديد بعض المستوردين في قائمة سوداء كونه ليس من العدل مساواة الملتزمين بالقوانين وشخص آخر غير ملتزم ودائم التهريب والمخالفات والمشاكل.

– يتطرق بن بريك إلى بعض المعوقات التي تواجه عملهم الجمركي ومن ذلك تداخل الاختصاصات من قبل الجهات الأمنية بالجمارك لكثرة وجودها بما ينعكس سلبا على العمل في معظم الأحيان.

– يستطرد: ليس هو تداخلا وإنما عدم فهم كل جهة مختصة لمهام الجهة الأمنية الأخرى وهذا عامل إرباك كبير.

– يعزو مدير عام الجمارك أهم المشاكل التي طرحها المستوردون إلى التاجر نفسه وهو يوضح أن كل الإجراءات قانونية في جمارك الحديدة وخاصة لمن أوراقهم كاملة.

العلاقة بين التاجر والمخلص

يردف بن بريك: في إدارة المنافس بشكل عام وقسم الاستقبال يقارن الموظف المختص البيانات والمستندات للمستوردين مع الشحنة التي في المنافسة مع مستندات وبلد المنشأ وغيرها، وللأسف فإن بعض التجار يأتون بأوراقهم ناقصة وأحيانا يكون (الباكنج لست “قائمة التعبئة”) غير مكتملة وهناك من يأتي بالفاتورة الالكترونية ويصر أنها الأصلية بالرغم أن القانون يوجب على المستورد التقييد بالمستندات الأصلية.

يضيف مدير الجمارك: في هذه الحال تفرض الجمارك غرامة على المخالفين طالما وانه لم يقدم (الباكنج لست) الذي يسهل عملية المعاينة.. مثال: هناك تاجر يستورد ما بين ( 10 – 20 ) حاوية تحوي بضائع مختلفة، فعند تقديم المستورد لقائمة التعبئة صحيحة فإن ذلك يسهل المعاينة وأخذ عينات عشوائية من الحاويات بدلا من فحصها كاملة, لكن بعض التجار يريدون التسهيل دون تقديم كافة أوراقهم.

– يشير بن بريك في معرض رده عن طرح بعض التجار عن تسهيل الإجراءات للبعض وفرضها على آخرين بقوله : إن القرارات تطبق على الكل والقانون يسري على الجميع, مستطرداً: وإن وجد بعض الموظفين غير النظيفين وهم قليلون يمارسون الرشوة وعليه يقال لا يوجد مرتش إلا حين يوجد الراشي.

– وفيما يتعلق بالمبالغ الباهظة التي تفرض على المخلصين وبطريقة غير قانونية، يقول مدير الجمارك: للأسف الشديد موظف الجمارك لا يعرف العلاقة بين المستورد والمخلص وبنفس الوقت التاجر لا يعرف العلاقة بين المخلص وموظف الجمرك وهذه همزة الوصل التي تكمن حولها الثقة.

دعوة للمستوردين بتقديم تظلمهم

فعندما يقدم المستورد للموظف مستندات غير أصلية يتعرض بطريقة غير مباشرة لابتزاز والذي قد يكون من قبل المخلص نفسه مقابل تسهيل المعاملة, وهذا المخلص قد يدفع للموظف في الجمرك ـ وهذا طبعا فعل مرفوض ـ فإنه أي المخلص يضاعف السعر على التاجر الذي يدفع له وهكذا.

– وينفي بن بريك في ختام حديثه وجود أي مبالغ تفرض على التجار من قبل الموظفين في المنافس مردفا, بأن مثل هذه القضايا لم يشتك منها أحد وقد اجتمع بالتجار مرارا في الغرفة التجارية ولم يتطرق أحد لمثل هذه القضايا. مؤكدا: من لديه مثل هذه الشكاوى يتقدم إلينا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

– ينوه الأستاذ سالم: إن بعض الساحات المخصصة للحاويات ترابية وبعضها أرصفة, منوها أن المساحة التابعة للجمارك كبيرة، ولكنها بحاجة إلى رصف وتأهيل بما يسهل المعاينة وأيضا للحفاظ على بضائع التجار.

الاتجار بالبشر

لم تتوقف ظاهرة التهريب في الحديدة عند حدود الكوكايين والأسلحة والأدوية وما شابهها وهي تتجاوز كل حدود اللامعقول وتتجه نحو المتاجرة بالبشر بعد تحويلهم إلى سلع رخيصة تفقد الآدمي آدميته من أجل الحصول على ثمن بخس مقابل أفعال تكاد تكون دخيلة على عادات وقيم الشعب اليمني الأصيل.

– يقول العميد محمد المقالح ـ مدير أمن الحديدة أن الأفارقة أصبحوا يمثلون سلعة لدى المهربين حيث يتم التجارة بهم بطرق مختلفة تنتهك حقوقهم من قبل المهربين.. ومنهم من يلقى حتفه أثناء السفر أو التقطع لهم من قبل هذه العصابات.

– يردف مدير أمن الحديدة: إن المحافظة مليئة بمثل هؤلاء البشر وتشير الإحصائيات إلى 600ألف مواطن إفريقي في اليمن بما نسبته 5 % من إجمالي سكان اليمن بما يعني أن العدد قد يتضاعف إلى أعداد خيالية بعد عشر سنوات إذا استمر الوضع على حاله, وهذه مؤشرات خطيرة بالنسبة لليمن.

ـ  يشير العميد محمد المقالح إلى تواصلهم الدائم مع الجهات المعنية بشئون اللاجئين ومن ذلك تخاطبهم المستمر مع شئون اللاجئين للأمم المتحدة، ومطالبتهم بعمل حلول سريعة ومستديمة للاجئين، ومخرج آخر اتفاق بمطالبتهم بأرض لعمل ملاجئ وعند توفيرها من قبل السلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة لم يعملوا شيئا حتى الآن.

معبر إلى السعودية

يرجع مدير الأمن أسباب اكتظاظ الحديدة بالأفارقة لكونها معبرا إلى السعودية وبالتالي فإن معظم الواصلين إليها يأتون عبر السواحل من باب المندب وغيره، وعند وصولهم بأعداد كبيرة للسعودية عن طريق التهرب لا شك أن معظمهم يتم القبض عليهم من قبل حراسة الحدود ولا يستبعد أن يتم ترحيلهم إلى اليمن مرة أخرى.

– وعن الكيفية التي تتم من خلالها الاتجار بالأفارقة؟  يوضح المقالح أن معظم المهربين يقومون باحتجازهم في احواش بهدف ابتزاز أقربائهم بمبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم وخاصة ممن لديهم أقرباء في السعودية، وأثناء الحجز يخضع بعضهم للتعذيب مقابل الحصول على المال..  وحول سؤال هل تم القبض على بعض هؤلاء المهربين؟.. يجيب المقالح: نعم تم القبض على الكثير من المهربين وتم إحالتهم إلى النيابة وأيضا تم القبض على بعض أفراد جنود الأمن عندما أقدموا على إطلاق نار تجاه بعض الأفارقة وهم على متن سيارة وتم إحالتهم للقضاء, نحن نتعامل بشفافية مطلقة في هذه الأمور، ونقول للمحسن أحسن وللمخطئ أخطأت أيا كان ولابد لكل مخطئ أن يأخذ جزاءه العادل.

التهريب

يوضح العميد ركن محمد أحمد أمين المقالح مدير أمن المحافظة أن ظاهرة تهريب الممنوعات وغير الممنوعات برزت في الأواني الأخيرة بشكل عام, مشيرا إلى العديد من المضبوطات التي تم التحريز عليها وأهمها ضبط طن و18 كجم من الحشيش، علاوة عن ضبط 115 كيلوجراما كوكايين إضافة إلى شحنة الأسلحة والسجائر والمناظير الليلية وأدوات عسكرية، وأيضا حاويات لألعاب نارية وتم إدخالها على أساس حلويات وغيرها.

– وعن سؤالنا عن وجود ظاهرة التهريب من قبل أم أنها برزت مؤخرا، يقول مدير الأمن: حقيقة لا أستطيع القول إن الظاهرة كانت موجودة من قبل, وكل ما أستطيع قوله إن معنويات رجال الأمن كانت هابطة بسبب الأزمة التي شهدتها اليمن العام الماضي 2011م ونحن بدأنا بإعادة معنويات رجال الأمن من جديد؟

– سألناه: يعني المهربون استغلوا الأحداث وبالتالي نشطوا في هذا العمل؟.. فأجاب: المهربون يسيرون في هذا الاتجاه ويلجأون إلى عدة وسائل من أجل تسهيل مهامهم.

شحنة الكوكايين

ـ وعن شحنة الكوكايين الأخيرة.. قال المقالح: الكوكايين مادة غير معروفة أصلا والمهربون حاولوا استغلال هذه المعضلة، ومعروف أن بلد المنشأ لهذه المادة هي دول أمريكا اللاتينية وعندما تم ضبطها انتظرنا حتى صدور التقرير من صنعاء؛ كوننا لم نعرف نوعية المادة في الحديدة وعند ظهور نتائج التحقيقات تم التحقيق في القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأضاف: لحد الآن نعرف التاجر الذي استورد الكمية والجهة التي تم البيع لها, ولكننا لا نستطيع أن نتهم أي جهة أنها صاحبة الشحنة وكل ما نستطيع تأكيده أن الشركة التي أرسلت الكمية من منبع المصدر هي المتورطة، وهي شركة فاحصة واسمها موجود عند النيابة.

– سألناه: المستورد والمشتري ينفون صلتهم بالبضاعة حتى الآن, هل هناك طرف ثالث!؟.. أجاب: ربما أشاطرهم في هذا الرأي قد يكون ليس لهم علاقة بالفعل؛ وإنما هناك طرف ثالث وهو المستفيد بدخول مثل هذه الكمية.

سألناه: هناك من يصنف الشحنة على أنها الأكبر في تاريخ الميناء خاصة وقد كشفت بعض التقارير أن سعرها 35 مليون دولار ورجحت مصادر أن قيمتها تتجاوز 120 مليون دولار كونها من النوع الفاخر!؟ فأجاب: الكوكايين بالفعل غالي الثمن ويقترب من سعر المخدرات, وهي تعد أغلى صفقة تم التحريز عليها حتى الآن وبهذا السعر .. وأعتقد أن مثل هذه النوعية من المخدرات وبهذا السعر ليس لها سوق رائج في اليمن وبالتالي كانت اليمن عبارة عن معبر (ترانزيت) لنقل هذه الكمية إلى دولة أخرى, ولا أخفيك أيضا أن شكوكا تساورنا بمرور صفقات مثل هذه، ولكن دون أن يعرف عنها أحد.

مخاطبة الانتربول

– وحول الإجراءات التي اتخذت حتى الآن فيما يتعلق بهذه الشحنة، أجاب المقالح: لا تزال التحقيقات جارية ونحن مشتركون مع النيابة الجزائية بذلك ونمشي خطوة بخطوة في القضية, كما أبلغنا وزير الداخلية بمخاطبة الانتربول الدولي بخصوص الشركة الفاحصة التي شحنت الكمية في بلد المنشأ، طبعا تشير المعلومات الأولية أن الكمية كانت موجودة مع مادة السكر ومعروف أن البرازيل هي المصدرة للكمية وتقع هذه الدولة ضمن أمريكا الجنوبية وهي قريبة من كولومبيا وهذه مناطق مشهورة بزراعة الكوكايين.

  سألناه: لماذا لم نسمع حتى عن إحالة أي مهرب كبير للقضاء؟! فأجاب: نحن نقبض على الأشخاص الذين تضبط معهم الكمية المهربة أي الناقلين لها وبالتالي فإن التاجر قد يكون بعيدا أو هاربا ومع ذلك يظل ملاحقا من قبل الأجهزة الأمنية وكثيرا من هذه الحالات موجودة.

– وحول كيفية التصرف بالسلع المهربة كالكوكايين والمسدسات مثلا .. أجاب المقالح: أي مضبوطات كالمسدسات وغيرها يتم إحالتها مع المدانين للنيابة العامة، وفيما يتعلق بشحنة المسدسات الأخيرة المكونة من 5531 مسدسا فهي محرزة لدينا في البحث الجنائي والتحقيقات جارية حيث وصلت لجنة من رئاسة الجمهورية لمتابعتها ونحن في انتظار نتائج هذا التحقيق, ولكن وبالتأكيد أنها ستحال مع المتهمين للنيابة .. وعن أخطر منافذ التهريب.. قال المقالح: أخطرها هي حيس والخوخة وهذه المناطق قريبة من محافظة تعز والتهريب يتم عبر طرق معروفة من ضمنها باب المندب بمديرية ذوباب بالإضافة إلى عدة مناطق أخرى.

دراسة لإنهاء التهريب

وأضاف المقالح: بالنسبة للمنافذ الرسمية فيها نقاط أمنية وإذا تجاوز المهرب أي نقطة فإنه يقع في المنفذ الآخر, وفيما يتعلق بالمناطق المفتوحة للتهريب فهناك دراسة جاهزة بصدد إغلاقها بما يمنع دخول البضائع المهربة والسلاح وكل ما يهدد ويؤثر على أمن وسلامة الحديدة.

 

وأردف: تم تحديد منافذ الدخول والخروج وينقصنا الآن الآلات فقط ونحن بصدد التخاطب مع وزير الداخلية وإن شاء الله يتم توفيرها لمباشرة العمل، كما يتم طرح أي معوقات على وزير الداخلية والرجل متفاعل كون تعاملنا واضحا ووفق إمكانياتنا المتاحة وإن شاء الله في قادم الأيام سيتم التغلب على العوائق التي تواجه أقسام الشرطة وإدارة الأمن بشكل عام.

مشاكل الميناء وتداخل الصلاحيات

 فيما يتعلق بالمعوقات التي تواجه إدارة الجمارك والمتمثلة بتداخل اختصاصات الجهات الأمنية العاملة بالميناء، أوضح مدير الأمن أنه اجتمع مؤخرا بإدارة الجمارك وبين قوات الأمن العاملة في الميناء وخلص الاجتماع إلى وضع خطة تنسيق بين الجميع وخاصة فيما يتعلق بفحص الحاويات التي تصل إلى الميناء, بدلا من الفحص العشوائي حيث أكدنا أهمية الفحص الآلي والكامل لكل الحاويات كون الوضع أصبح يتطلب ذلك عبر المنافذ الرسمية.

ـ كما اتفقنا جميعنا أن همنا هو الأمن والوطن وإذا ما وضعنا هذا في الحسبان فإن المصالح الوطنية سوف تعلو على قضية المصالح الشخصية التي تؤدي إلى الاختلاف.

ـ على هذا اتفقنا في الموقف وبالتالي جهودنا في نسق واحد ورجل الأمن دائما في خدمة وطنه ويعمل على البحث عن الأشياء التي تهدد مستقبل بلاده.

الجمهورية

عن arafat

شاهد أيضاً

الحديدة : لقاء موسع وزيارات ميدانية الى السجن المركزي للإطلاع على أوضاع السجناء

‏‏  3 دقائق للقراءة        554    كلمة الحديدة نيوز // حسن درويش نفَّذتْ صباحَ اليوم وزارةُ العدل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *