الحديدة نيوز / المصدر اون لاين
محمد بكيرة، صيدلاني نزح مع أسرته من المدينة التي تحولت لبؤرة من القتال في غربي البلاد أواخر أغسطس من العام المنصرم، لكن ظروف النزوح فرضت عليه البحث عن فرصة عمل بعد أن وجد نفسه في ظل أوضاع معيشية صعبة، وشلل بمعظم الأعمال والأنشطة التجارية.
وبحسب تقديرات للأمم المتحدة فإن 81 ألف أسرة نزحت من الحديدة، إثر تصاعد النزاع المسلح مع تقدم القوات الحكومية نحو المدينة الخاضعة لسيطرة مسلحي جماعة الحوثيين.
وكان من ضمنهم بكيرة الذي وجد نفسه مع أسرته في خضم صراع جديد يحاول معه أن يستقر في المدينة الجديدة، أملاً في توقف القتال بمدينته، لكن ذلك يبدو بعيد المنال حتى اللحظة، إذ ما تزال المخاوف من اندلاع قتال عنيف تطل براسها على المدينة.
بحث النازح الذي يعيل أسرة من 5 أفراد عن عمل، لكنه اصطدم بالأجور المتدنية والأعمال المتوقفة، في ظل ارتفاع أسعار ايجارات السكن، وارتفاع الأسعار نتيجة انهيار العملة المحلية أمام النقد الأجنبي.
ويقول بكيرة لـ«المصدر أونلاين»، إنه كان يعمل مديراً لإدارة الصيدلة والتموين الطبي بمحافظة الحديدة، لكنه أُقيل نهاية 2014. ليركز عمله في صيدليتين يملكهما، ومنهما كان يجني دخله لأسرته.
لكن واحدة من تلك الصيدليات أُغلقت مؤخراً بسبب موقعها في الكورنيش، القريب من منطقة المعارك بين القوات الحكومية والحوثيين، بينما الأخرى دخلها بالكاد يغطي أجور موظفيها.
ويضيف «قبل فتح مشروعي هذا الخاص بتوزيع الحليب التهامي (نسبة إلى مناطق الحديدة)، الذي يحمل اسم الطبيعي في صنعاء، كنت على وشك إنشاء معمل دوائي للمستحضرات الموضعية مع مجموعة من صيادلة الحديدة النازحين».
لكن حدوث الكارثة في مشروع أبقار الحديدة في كيلو 7 جنوبي المدينة، حيث حوصرت الآلاف من رؤوس الأبقار في منطقة المعارك، وتسبب القتال في نفوق عدد منها بالقذائف والرصاص والجوع والعطش، وانقطاع طريق كيلو 16 الرئيسي، في جنوبي المدينة أيضاً، تسبب في خسائر كبيرة للمزارعين، من بينهم أقرباء بكيرة.
ويذكر بكيرة «تمكنّا بصعوبة بالغة من إخراج ما بقي من الأبقار التي كانت على قيد الحياة، ونقلناها إلى داخل المدينة بعد أن قطعنا بها مسافة أكثر من 160 كيلومتراً، جراء إغلاق المعابر والمنافذ، رغم إن المسافة كانت لا تزيد عن 10 كيلومترات».
وأشار إلى إن بقية مزارع الأبقار جرى نقلها إلى خارج المدينة، في مناطق ما بين مديريتي المراوعة وباجل، بعد أن تكبّد ملاكها خسائر بملايين الريالات.
ويقول بأن تلك الأحداث أجبرته «على تغيير مشروع المستحضرات الموضعية، إلى توزيع الحليب التهامي بعد أن اشتكى لي أهلي وأقربائي الأيتام في الحديدة أنهم لا يستطيعون تسويق حليبهم، ووصولهم إلى مرحلة الخسارة بدلاً عن الكسب».
وأضاف بأن أحد المصانع في الحديدة لم يعد يستقبل الحليب مثلما كان في السابق بسبب الحرب، مما تسبب في أن الحليب كان يتلف على الفور.
ويقول «زار مشروعي وفد من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وعبروا عن ارتياحهم وسعادتهم بعملي لدرجة أن أول جملة تحدث بها رئيس الوفد».
ويضيف إن مشروعه الجديد كان سبباً لنجاة مورد طبيعي من الحرب التي دمرت معظم الاقتصاد المحلي، إذ إنه أعاد دورة الحياة إلى مزارع الأبقار بتسويقه للحليب في صنعاء.
ويقول «المشروع هو عبارة عن مركز في أحد شوارع صنعاء الرئيسية لبيع وتسويق منتجات الألبان، ومركز آخر لتجميع الحليب وبسترته في مدينة باجل بريف الحديدة، ليتم بعد ذلك نقل الحليب إلى صنعاء بشكل يومي».
ويختم حديثه «رغم الخسارة والتعب والنزوح، إلا إني سعيد بمهمتي كوني أساعد أهلي وأقربائي عبر تسويقي لمنتجاتهم، وسعادتي تزداد بتحسن العمل وازدياد كمية الحليب الذي نسوقه يومياً».
المصدر : المصدر اون لاين ..